- الكاتب طارق حجى يفجر مفاجأة: البابا شنودة قال لى يسوع ولد فى 25 ديسمبر وليس فى 7 يناير.. والبابا تواضروس يطلق مبادرة لتوحيد أيام الأعياد بين مسيحيى العالم

-المؤرخ عاصم الدسوقى: المسيح لم يولد لا فى يناير ولا فى ديسمبر واتولد فى أكتوبر خلال موسم البلح

-عبدالمسيح بسيط: "الإنجيل اللى بيحكمنا ومحددش معاد ميلاده وكل الأقاويل اجتهادات" فى ذكرى ميلاد المسيح، دائما ما يختلف المفكرون ورجال الدين على التاريخ الصحيح لـمولد «كلمة الله»، فيذهب بعضهم إلى أنه يوم 25 ديسمبر حسبما تحتفل الكنائس الغربية به، ويذهب البعض إلى أنه يوم 7 يناير كما تحتفل الكنائس الشرقية به، إلا أننا كنا هذا العام على موعد مع مفاجأتين كان بطل إحداها الكاتب الكبير طارق حجى الذى فجر مفاجأة أن البابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرزاة المرقسية السابق قال له إنه يعتقد أن المسيح ولد يوم 25 ديسمبر.    وكانت المفاجأة الأخرى التصريح الذى أدلى به أستاذ التاريخ عاصم الدسوقى وأكد فيه أن «يسوع» لم يولد لا فى 25 ديسمبر ولا فى 7 يناير، وإنما فى شهر أكتوبر، معتمدا على الآية القرآنية «وهزى إليك بجذع النخلة»، وبالتالى يكون ميلاده فى موسم البلح وهو يحل فى شهر أكتوبر.  

مفاجأة البابا شنودة على عهدة «حجى»

أثارت تصريحات الكاتب الكبير طارق حجى، حول تاريخ مولد السيد المسيح عيسى عليه السلام، حالة من الجدل بين المؤرخين ورجال الدين، وذلك بعد نشره تفاصيل لقائه مع البابا شنودة فى دير الأنبا بشوى بمنطقة وادى النطرون.   وفجر «حجى» مفاجأة وهى أن «البابا شنودة قال له إنه يعتقد أن المسيح ولد يوم 25 ديسمبر»، وهو ما يخالف ما تذهب إليه الكنيسة القبطية بأن «يسوع» ولد فى تاريخ 7 يناير، وتخالف به الكنائس الغربية. ويعد تاريخ مولد عيسى، من أبرز نقاط الاختلاف بين الكنائس، وتظهر دائما مبادرات من كبار رجال الديانة المسيحية، لتوحيد تواريخ الأعياد المسيحية، وكان آخرها من البابا تواضروس بطريرك الكرازة المرقسية وبابا الإسكندرية التى يسعى جاهدا لتحقيق حلم كل المسيحيين فى العالم، بتوحيد الأعياد سواء ميلاد المسيح أو القيامة، وأطلق مبادرة بهذا الشأن، وهو ما لاقى ردود فعل إيجابية من كبار البطاركة والباباوات فى العالم، وعلى رأسهم بابا الفاتيكان.   ويعتمد مسيحيو الغرب على ما أورده إنجيل يوحنا عن تاريخ ميلاد المسيح على لسان يوحنا المعمدان وجاء نصه «ينبغى أن ذلك «المسيح» يزيد وأنا أنقص»، ولما كان عيد ميلاد يوحنا المعمدان، المولود قبل ميلاد المسيح بستة أشهر، فى 25 يونيو، وهذا اليوم يتميز بكونه أطول نهار وأقصر ليل، يبدأ بعد ذلك النهار فى النقصان بينما يبدأ الليل فى الزيادة، وبالتالى يعتقد المسيحيون أن يوم 29 كيهك حسب التقويم القبطى «25 ديسمبر» حسب التقويم الرومانى الذى سمى بعد ذلك بالميلادى، كما تم تحديده فى مجمع نيقية عام 325 م»، تاريخ ميلاد المسيح، لأن هذا اليوم عكس «يوم يوحنا» فهو أطول ليلة وأقصر نهار.   وفى عام 1582 ميلادية أيام البابا جريجورى بابا روما، لاحظ العلماء أن يوم 25 ديسمبر «عيد الميلاد» ليس فى موضعه، أى أنه لا يقع فى أطول ليلة وأقصر نهار، بل وجدوا الفرق عشرة أيام، أى يجب تقديم 25 ديسمبر بمقدار عشرة أيام حتى يقع فى أطول ليل وأقصر نهار، وعرف العلماء أن سبب ذلك هو الخطأ فى حساب طول السنة، فأمر البابا جريجورى بحذف عشرة أيام من التقويم الميلادى حتى يقع 25 ديسمبر فى موقعه كما كان أيام مجمع نيقية، وسمى هذا التعديل بالتقويم الجريجورى، إذ أصبح يوم 5 أكتوبر 1582 هو يوم 15 أكتوبر فى جميع أنحاء إيطاليا، ثم بدأت بعد ذلك بقية دول أوروبا تعمل بهذا التعديل الذى وصل إلى حوالى 13 يومًا.   ومن هنا جاء الاختلاف بين الكنيسة المصرية ونظيراتها، حيث لم تلتزم الكنيسة القبطية بتقويم «جريجورى»، ورفضته، وتم تعديل موعد ميلاد المسيح ليوم 7 يناير، بعد إضافة 13 يوما لتاريخ 25 ديسمبر، وفقا لكونه أطول ليل وأقصر نهار.  

عاصم الدسوقى: المسيح ولد فى أكتوبر

يأتى هذا فيما فجر الدكتور عاصم الدسوقى، المؤرخ وأستاذ التاريخ، أنه حين نستند إلى القرآن الكريم، نجد أن تاريخ مولد المسيح سواء 7 يناير أو 25 ديسمبر غير سليم، واستعان بالآية القرآنية فى قوله تعالى «فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً «23» فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِى قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا «24» وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا»، أى أنه ولد فى موسم حصاد النخل ما بين شهرى أكتوبر أو سبتمبر، فعند تفسير الآية القرآنية نجد أن الرؤية واضحة وتتناقض مع الروايتين الأخريين.   وأوضح عاصم الدسوقى، فى تصريحات خاصة لــ«اليوم السابع»، أنه من غير المنطقى أن ينقل الكاتب طارق حجى حديثا للبابا شنودة حول ميلاد المسيح وهو يوم 25 ديسمبر، لأن البابا شنودة من أنصار الكنيسة الشرقية التى تؤمن أن مولد المسيح فى يوم 7 يناير على عكس الكنيسة الغربية. وأضاف «دسوقى»: لو بابا الفاتيكان قال لطارق حجى إن مولد المسيح يوم 25 ديسمبر، نرجح وقتها أن كلامه صحيح وأقرب إلى المنطق، لأن فيه اختلافا بين الكنائس الشرقية والغربية بسبب التقويم الجريجورى والتقويم الشمسى، وهذه المسألة اللى اختلفوا حولها فى تقدير يوم ميلاد المسيح».  

علماء الإسلام يتفقون مع الكنيسة

يجد كلام عاصم الدسوقى ردودًا عدة من علماء المسلمين، تتفق مع ما ذهبت إليه الكنيسة من مولد المسيح فى الشتاء، وأنه ليس فى ذلك أى اختلاف بين الآية القرآنية وميلاد عيسى فى آخر العام أو بدء العام الجديد.   ويفسر الشيخ محمد الأمين الشنقيطى فى كتابه «أضواء البيان» قوله تعالى: «وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْناً» أن الله لم يصرِّح فى هذه الآية الكريمة ببيان الشيء الذى أمرها أن تأكل منه، والشيء الذى أمرها أن تشرب منه.   وقال بعض العلماء: إن جذع النخلة الذى أمرها أن تهز به: كان جذعا يابسا، فلما هزته جعله الله نخلة ذات رطب جنى، وقال بعض العلماء: كان الجذع جذع نخلة نابتة، إلا أنها غير مثمرة، فلما هزته أنبت الله فيه الثمر، وجعله رطبا جنيًّا.. وقال بعض العلماء: كانت النخلة مثمرة، وقد أمرها الله بهزها ليتساقط لها الرطب الذى كان موجودا. ويؤكد الدكتور «الشنقيطى» أن الذى يُفهم من سياق القرآن: أن الله أنبت لها ذلك الرطب على سبيل خرق العادة، وأجرى لها ذلك النهر على سبيل خرق العادة، ولم يكن الرطَب، والنهر، موجودين قبل ذلك، سواء قلنا إن الجذع كان يابسا، أو نخلة غير مثمرة، إلا أن الله أنبت فيه الثمر، وجعله رطبا جَنيًّا، ووجه دلالة السياق على ذلك: أن قوله تعالى « فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْنًا» يدل على أن عينها إنما تقر فى ذلك الوقت بالأمور الخارقة للعادة، لأنها هى التى تبين براءتها مما اتهموها به، فوجود هذه الخوارق، من تفجير النهر، وإنبات الرطب، وكلام المولود: تطمئن إليه نفسها، وتزول به عنها الريبة، وبذلك يكون قرة عين لها، لأن مجرد الأكل والشرب مع بقاء التهمة التى تمنت بسببها أن تكون قد ماتت من قبل وكانت نسيًّا منسيًّا: لم يكن قرة لعينها فى ذلك الوقت، كما هو ظاهر، وخرق الله لها العادة بتفجير الماء، وإنبات الرطب، وكلام المولود: لا غرابة فيه، وقد نص الله جل وعلا فى «آل عمران» على خرقه لها العادة فى قوله «كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ». قساوسة وأساتذة تاريخ: الكنائس مختلفة ويعلق قساوسة وأساتذة تاريخ على الاختلاف بين الكنائس فى تاريخ ميلاد المسيح، حيث أكد القمص عبدالمسيح بسيط، أستاذ اللاهوت الدفاعى فى الكنيسة القبطية الأرثوكسية، إن الإنجيل سجل ميلاد المسيح، ولكنه لم يحدد الوقت أو تاريخ ميلاده، وأن أى كلام آخر حول تحديد يوم ميلاده هو نوع من الاجتهادات قابل للصواب أو الخطأ، مضيفا: «اللى بيحكمنا الأنجيل ومحددتش معاد ميلاده ومذكرش غير ميلاده فقط، واليوم اللى اتولد فيه متحددش».   وأضاف أستاذ اللاهوت الدفاعى فى الكنيسة القبطية الأرثوكسية فى تصريحات خاصة لـــ«اليوم السابع» أن القرن الثانى ظهر به العديد من الاجتهادات حول ميلاد المسيح، مؤكدا أن الكنيسة الغربية رجحت يوم 25 ديسمبر ليكون ميلادا للمسيح، وذلك لكثرة أعياد الوثنيين والابتعاد عن طقوس احتفال الوثنيين معهم فى ذلك الوقت، فكانت هناك رغبة بعدم الاحتفال معهم. ومن جانبها، أوضحت الدكتورة زبيدة عطا الله، أستاذة التاريخ بجامعة عين شمس، أن هناك اختلافات بين الكنيسة الشرقية والغربية حول موعد ميلاد المسيح، وهما يوما 25 ديسمبر و7 يناير، لافتة إلى أن الإمبرطور الرومانى قسطنطين دخل فى خلافات عديدة فى العصور القديمة حول ميلاده، وأرخ فى كتبه أن المسيح ولد فى 25 ديسمبر وليس 7 يناير، وأنه فى الكتب التراثية المسيحية وجد اختلاف حول ميلاده.   وأضافت أستاذة التاريخ لـ«اليوم السابع» أن حديث الكاتب طارق حجى عن ميلاد المسيح وتأكيد البابا شنودة له فى أحد اللقاءات قد يكون صحيحا، مضيفة: «البابا شنودة هو قيمة دينية عظيمة وهو أدرى بما يقول».    الأناجيل لم تحدد تاريخ الميلاد الملاحظ أن تاريخ ميلاد المسيح يوم 25 ديسمبر كما يحتفل به الغرب الآن، لم تأت على ذكره الأناجيل الأربعة، لا من قريب ولا من بعيد، وفيه خلاف بين المذاهب المسيحية، فقد ورد فى كتاب قصة الحضارة للكاتب «وول ديورانت» أنه حدد كل من إنجيلى متى ولوقا المسيح فى الأيام التى كان فيها «هيرودس» ملكا على بلاد اليهود، أى قبل عام 3 ق.م، بينما حدده يوحنا بين عامى 1 - 3ق.م. وقد ذكر «ترلتيان» أن «سترنينس» حاكم سورية أجرى إحصاء عام 8 7 ق.م، فإذا كان هذا الإحصاء هو الذى أشار إليه إنجيل لوقا فإن ميلاد السيد المسيح يجب أن يؤرخ قبل عام 6 ق.م. هذا بالنسبة لتاريخ العام الذى ولد فيه المسيح، أما اليوم الذى ولد فيه بالتحديد فلم يأت على ذكره أى من الأناجيل الأربعة.   وكانت هناك آراء مختلفة قال بها بعض المؤرخين منها أنه ولد فى اليوم التاسع عشر من إبريل، وبعضهم قال بالعاشر من مايو، بينما رأى «كلمنت السكندرى» أنه ولد فى السابع عشر من نوفمبر من العام الثالث قبل الميلاد.