في التاريخ  العديد من الرموز ، سواء في محافل السياسة أو على خشبة المسرح أو في ميدان الحرب، تلك الشخصيات سطرت اسمها بأحرف من نور، وظلت صورتها لدى المصريون ناصعة البياض، ولكن لكل عملة وجهين، وبالتقصي في سيرهم، ربما تفاجئ ببعض التفاصيل "المثيرة"، التي ظلت في الركن المظلم من حياة هؤلاء الرموز.

نستعرض خلال التقرير التالي، الوجه الآخر لبعض الشخصيات التاريخية، الذي لم نسمع عنه الكثير. 

سعد زغلول 

الزعيم الوطني الكبير، الذي حظى بحب الشعب المصري، لمحاولاته المستميتة من أجل أن تنال المحروسة استقلالها من الاحتلال الإنجليزي، ودفع في سبيل ذلك الكثير. 

لم يكن زعيم حزب الوفد، الذي اندلعت من أجله ثورة 1919، وتوحَد فيها المسلمون والأقباط، ليبراليًا وثوريًا بشكل كامل كما قد يعتقد البعض، وذلك بحسب ما كتبه "زغلول" نفسه في مذكراته.

وكشفت بعض كتابات مؤرخي فترة ما قبل ثورة يوليو، أن الزعيم المناضل كان مقربًا لبريطانيا في بعض الفترات، ووقف ضد حرية الرأي والتعبير أكثر من مرة، واختار الوقوف بجانب الإسلاميين ضد عميد الأدب العربي، طه حسين.

الأمر لم يتوقف عند الجانب السياسي، فهناك أيضًا جانب إنساني "مظلم" في حياة سعد زغلول"، يتمثل في إدمانه الكبير للخمر، حيث اعترف في مذكراته، أنه أدمن لعب القمار، وشرب الخمر، قائلًا: "كنت أتردد بعد عودتي من أوروبا على الكلوب، فملت إلى لعب الورق، ويظهر أن هذا الميل كان بداية المرض، فإني لم أقدر بعد ذلك أن أمنع نفسي من التردد على النادي ومن اللعب، وبعد أن كان بقليل أصبح بكثير من النقود وخسرت فيه مبلغًا طائلًا، كنت قبل 12 سنة (1901) أكره القمار وأحتقر المقامرين وأرى أن اللهو من سفه الأحلام واللاعبين من المجانين، ثم رأيت نفسي لعبت وتهورت في اللعب وأتى عليّ زمان لم أشتغل إلا به ولم أفتكر إلا فيه ولم أعلم إلا له ولم أعاشر إلا أهله، حتى خسرت فيه صحة وقوة ومالًا وثروة".

عنترة بن شداد 

تترسخ صورة عنترة بن شداد، الذي ولد في عام 530 م بقبيلة عبس العربية، في جميع الأذهان، بأنه عاشق عبلة الولهان، الذي حارب من أجلها، إلا أن معظمنا يتوقف عن قراءة سيرته بعد النهاية السعيدة بتزوجه منها، لكن إن أكملنا البحث سنجد ما يغير تلك الصورة الوردية. 

عنترة أقدم على خيانة زوجته بعد 6 أشهر فقط من زواجهما، عقب ملاحظته أنها لم تبدو عليها أي أعراض حمل، الأمر لم يتوقف فقط عند هذا الحد،  فقد تزوج عليها ثمانية نساء، حسبما ذكر في كتاب (سيرة عنتره بن شداد)، وهن: "مهرية، سروة، الهيفاء، غمرة، مريم، مريمان، در ملك". 

هدى شعراوي 

قد يشعر البعض هنا بصدمة كبرى، ولم لا ونحن نتحدث عن رائدة تحرير المرأة، وأول من سعت لإعطاء المرأة حقوقها المسلوبة في المجتمعات الشرقية، لكن لم يشفع ما سبق في أن تتجاهل هدى شعراوي مبادءها، عند علمها بزواج ابنها عرفيًا من فنانة شابة، كانت بالكاد تشق طريقها نحو النجومية، وهددتها بتلفيق قضية دعارة لها.

بدأت القصة حين رفضت زواج ابنها محمد علي، من مطربة شابة تدعى فاطمة سري، وصنعت ثورة عارمة واتهمت ابنها بأنه يحاول قتلها بهذا الزواج.

وعلم طليق المطربة الشابة بعلاقتها مع نجل هدى شعراوي، وحرمها من ولديها، ففكر محمد شعراوي في الانسحاب بعد ما تورطت معه وثارت من حولهما الشبهات، فكتب لها شيكا بمبلغ كبير، فما كان منها إلا أن مزقت الشيك وداسته بأقدامها وتركته وهي ثائرة غاضبة، فلحق بها محمد شعراوي واعتذر لها عن سوء تصرفه وعرض عليها الزواج بشكل عرفي.

واعترضت المطربة وقالت إنها تريد عقدًا شرعيًا، فطلب منها أن تمهله حتى يسترضي والدته، وفي هذه الأثناء كانت المطربة اكتشفت أنها حامل وقررت إجهاض نفسها، وعندما أخبرها الطبيب بأن هذا الإجراء خطر على حياتها تمسك شعراوي بها وبالجنين.

ثم حاولت رائدة حرية المرأة الضغط على المطربة بما لها من نفوذ وعلاقات واسعة، بالتهديد بتلفيق ملف سري فى شرطة الآداب يتهمها بالدعارة، إلا أن "سري" رفعت قضية بعد ذلك وأثبتت حقها القانوني. 

أحمد عرابي 

"لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارًا ولن نستعبد بعد اليوم" كلمات تدرس للطلاب في مدارسنا، ترددت على لسان الزعيم أحمد عرابي، حينما امتطى فرسه أمام الخديوي توفيق، في الوقفة الشهيرة بميدان عابدين، التي كانت إيذانًا باندلاع الثورة العرابية.

إلا أن عبد الله النديم، الذي لقب بخطيب الثورة العرابية، لم يذكر في التحقيقات التي أجريت معه بعد وقوع مصر تحت الاحتلال البريطاني الواقعة السابقة، وبالمثل الشيخ محمد عبده، في كتاباته عن الثورة، وقد وصف مؤرخون عرابي بأنه لم يكن قائدًا عسكريًا ذا كفاءة.

وقد هجاه أمير الشعراء أحمد شوقي، ونظم قصيدتين للهجوم عليه بعد عودته من المنفى، وقد نشر أول قصيدة وكانت بعنوان "عاد لها عرابي" عام 1901 لكنه وقعها بإمضاء "نديم"، وتبين بعد ذلك أنها من نظمه، ثم القصيدة الثانية بعنوان "عرابي وما جنى" في نفس العام أيضًا ولكن بدون توقيع.

وتقول إحدى الروايات إن أحد شباب الحزب الوطني وقتها، قام بصفع عرابي على وجهه، فدخل بيته ولم يخرج حتى وفاته.

أحمد شوقي

أمير الشعراء أحمد شوقي شاعر بدماء عربية وتركية ويونانية وشركسية في آن واحد، وقد جعله هذا الاختلاط دائم التأرجح بين الولاء للعرب تارة وللأتراك أخرى، أي بين الحاكم والمحكوم، ولكن ولادته التي جاءت في قصر الخديوي إسماعيل في 16 أكتوبر عام 1868 جعلته يختار الأقوى نفوذًا والأكثر ثراءً.

قرب شوقي من الخديوي فتح له مجال واسع لتلقي علومه كاملة في مصر أولًا وفي فرنسا ثانيًا، حيث عمل بعض الوقت في قصر الخديوي توفيق، الذي عينته سلطات الاحتلال بعد عزل والده إسماعيل، وكان ينظم له قصائد المدح والإطراء، فأرسله ضمن بعثة إلى فرنسا لإكمال دراسته.



أمير الشعراء بقيّ على علاقة وثيقة بالخديوي عباس حلمي، والذي تولى الحكم بعد وفاة والده توفيق، ونظم له أيضًا قصائد المدح في عدة مناسبات مختلفة، وبهذا كان في بداية حياته متجاهلًا لما يحدث خارج أسوار القصر الملكي، بل وأكثر من ذلك فإنه لم يتردد مطلقًا في الهجوم على رموز الحركة الوطنية المصرية.

وتبدلت مواقف أمير الشعراء بعد خلع الخديوي عباس حلمي، أثناء تواجده في إسطنبول للعلاج وإعلان مصر محمية بريطانية، حيث وقتها فشل في التقرب من الحاكم الجديد السلطان حسين كامل، ثم نفته بريطانيا عام 1915 إلى إسبانيا، ولكنه عاد بعد 5 سنوات ليعلن عن انتمائه الجديد والذي كان للشعب لأنه كان الأقوى، بعدما كان شاعر السلالة الخديوية.

صلاح الدين الأيوبي 

صلاح الدين الأيوبي، البطل الكردي المسلم، الذي جمع ملكه الشام ومصر، ووحد المسلمين خلف رايته، ليشن حربًا على الصليبين الذين احتلوا مدينة القدس لسنوات، وينتزعها منهم بعد معركة حطين، ما سبق يعلمه المسلمون جميعًا عن ظهر قلب، ولكن ماذا عن الوقائع الأخرى في سيرته.

صلاح الدين عمد على هدم عدد كبير من الأهرامات في منطقة الجيزة، ومن ثم أخذ حجارتها ليبنى بها قلعته المعروفة باسمه تحت سفح جبل المقطم، والسور المحيط بالقاهرة، ولم يتبق منها سوى ثلاثة وهما: "خوفو، وخفرع، ومنقرع"، بحسب ما جاء في كتاب قال الكاتب "خطط المقريزي"، للكاتب تقي الدين المقريزي. 

وقال الدكتور أيمن فؤاد السيد في كتاب "التطور العمراني لمدينة القاهرة منذ نشأتها وحتى الآن"، 1997، صلاح الدين بعدما دخل مصر استولى على ما في القصور من خزائن ودواوين وأموال ونفائس، وأباح بيع كل ما وجد في القصور، حتى أنه باع كل ما خرج منها لمدة 10 سنين". 

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                يتاحكى الجميع بـ"كوكب الشرق" أم كلثوم، التي كانت ولازالت، مثالًا أعلى في الغناء يحتذى به، ولكن الذي لا يعرفه الكثير، أن بعض أغاني ام كلثوم، في بداية حياتها الفنية، تخللها كلمات "غير لائقة"، لعل أشهرها كانت أغنية عن "الخلاعة والدلع". حيث غنت أم كلثوم أغنية كان مطلعها "الخلاعة والدلاعة مذهبي"، من كلمات وألحان الدكتور أحمد صبري، لكنها فطنت إلى الخطأ الذي ارتكبته بعد بيع أسطوانتها بأربعة ايام، فعمدت إلى جمعها واتلافها، إلا أن هناك نسخًا عرفت طريقها إلى البيع، فتعذر عليها جمعها. وطلبت كوكب الشرق بعد ذلك من الشاعر أحمد رامي، أن يعمل على النص ويقلل من حدته وألفاظه الخارجة، فجعل مطلع الأغنية: "الخفافة واللطافة مذهبي". قاسم أمين في مفاجأة ستصدم الكثير، لوحظ في كتاب رائد تحرير المرأة، قاسم أمين والذي كان بعنوان "المصريون"، إنه مؤيد لفكرة تعدد الزوجات وليس كما كان يدعي في كتابه الآخر "تحرير المرأة"، ويقول "أمين" في الكتاب: "ليست الزوجة الشرعية هي التي تظفر بنصيب الأسد، نفترض أنني تزوجت امرأة وفي صبيحة ليلة الزفاف اكتشفت أنها لا تمثل النموذج الذي يلائمني، وأجدنى فى ظروف ملائمة لكى أسقط في عشق أنثى، ماذا يمكن أن أفعله كمسلم صالح، أتخذ منها زوجة وأضعها موضع التكريم وأضمن لها الحياة والشرف والمستقبل لها ولأولادها كذلك"، أما في كتابه الآخر قال: "بديهي أن في تعدد الزوجات احتقار شديد للمرأة لأنه لا يمكن أن تشاركها في زوجها امرأة أخرى، وعلى كل حال فكل امرأة تحترم نفسها تتألم إذا وجدت زوجها ارتبط بامرأة اخرى". وحدث الأمر مجددًا، في قضية الاختلاط بين الرجل والمرأة، هاجمه كثيرًا في كتابه "المصريون"، وقال أنه لا ينجم عنه سوى علاقة آثمة، بينما دافع عنه وحرية المرأة في الاختلاط في كتابه الآخر "تحرير المرأة".