لم يتوقف الفساد والرشوة عند الحدود العراقية أو السورية، بل عبرهما إلى معاقل التنظيم الإرهابي داعش، مع تمدده بين البلدين، حسب صحيفة فاينينشال تايمز، التي خصصت مجموعة من التقارير عن استفحال الفساد في داعش.
وفي تقريرها الأخير ضمن سلسلة "داعش أي ان سي" تحدثت الصحيفة عن الفساد المستشري في التنظيم على جميع المستويات.
رواتب
ونقلت عن مقاتل سابق انشق عنه بعد سنة من القتال في صفوفه "على خط الجبهة، يطلب القائد من المسؤولين عن الرواتب تمكينه من رواتب 250 مقاتل، لكنه في الحقيقة لا يوجد تحت إمرته سوى 150".
وتضيف الصحيفة بعد تسرب أنباء السرقة إلى قيادات التنظيم، قرروا "أن يكون تسليم الرواتب بيد مراقبين ثقاة، يحملون معهم الأموال لصرف رواتب المقاتلين، ولكن الثقاة أصبحوا سريعاً يتقاسمون الأموال مع القادة العسكريين الفاسدين بالطريقة نفسها".
ورغم ما يقوله التنظيم ويروج له، إلا أنه يُعيد إنتاج نفس نظام الفساد والمحسوبية والاستبداد في المناطق التي يسيطر عليها خاصةً في سوريا، بل وأكثر، حسب الصحيفة التي تؤكد أن" داعش اليوم يوظف المسؤولين السابقين خاصة في الإدارة الذين كانوا يشرفون على الإدراة والوظائف الحكومية تحت حكم الأسد".
فاسدون سابقون
إن العلاقة بين داعش ونظام الأسد، أقرب إلى ما يمكن تسميته بالعلاقة "الفاوستية" لغرابتها وسرياليتها، وتنقل عن مصادر لها من الميادين السورية، أن داعش مثلاً فاجأ السكان المحليين بتعيين "مسؤول جديد" عن مستشفى المدينة، والذي لم يكن سوى المسؤول الحكومي السابق نفسه قبل طرده بسبب الفساد وتحويل وجهة الأموال العامة لمصلحته الخاصة".
وأضافت الصحيفة أن المسؤول القديم عاد إلى منصبه وإلى عادته القديمة، وبعد أن شعر بالاكتفاء أحرق المستشفى لطمس معالم جرائمه المالية والتحويلات المشبوهة التي ارتكبها".
ويُشير تقرير الصحيفة، إلى أن داعش عمل في بداية تمدده على إشاعة صورة "التنظيم النظيف" الذي يرفض الفساد، ويعاقب مرتكبيه بقسوة على عكس النظام السوري المركزي، وكانت هذه الصورة، من نقاط قوته عند بداية التمدد في مناطق مختلفة من سوريا والعراق، أو التفاوض مع وجهاء قبائل أو مدن أو قرىً كثيرة لإقناعها بإعلان الولاء للتنظيم.
ولكن السكان المحليين والمنشقين في البلدين يعرفون تماماً اليوم حقيقة الوضع داخل التنظيم، الذي نجح في السيطرة على الموصل ليس بتفوقه العسكري حسب الصحيفة "ولكن بفضل الرشوة بشكل خاص" التي يدعي التنظيم محاربتها.
حلاقة ودورة دينية
وفي هذا الإطار تشير الصحيفة إلى واقعة المسؤول عن المستشفى السوري في الميادين، فتقول: "بعد افتضاح أمر المسؤول الفاسد اعتقلوه ثم حلقوا رأسه، وذقنه في طقوس تشبه اللعن الرسمي، قبل ترسيمه في دورة دينية فقط، رغم أن التنظيم يُعامل آخرين بقطع اليد والصلب والحرق والقتل"عملاً بتفسيرهم الخاص للدين والشريعة".
ومع تدهور الوضع "تحاول أعداد متزايدة من السكان وحتى من المقاتلين الهرب من سيطرة داعش، رغم تشدد التنظيم مع كل مغادر أو هارب، وفي هذا السياق يمكن سرد عدد كبير من القصص التي تتعلق بقيادات داعشية كثيرة فاسدة من المقاتلين الأجانب الذين نجحوا في الفرار، إما خفافاً للنجاة بأرواحهم، أو بما خف حمله في بعض الأحيان الأخرى".
أيها البلهاء
وتسرد الصحيفة قصة قيادي داعشي نجح في الوصول إلى الحدود التركية ومع 25 ألف دولار، حصيلة ما جمعه من زكاة في ولاية دير الزور التي كان يشرف في بعض مناطقها على جباية الأموال للتنظيم "بعد هروبه اكتشف زملاؤه من قادة التنظيم في دير الزور، تغريدة على تويتر من أميرهم السابق أبوفاطمة التونسي قال لهم فيها: عن أي دولة وخلافة تتحدثون أيها البلهاء؟"