"العنف" كلمة أسست من أجلها التنظيمات الجهادية والتي تسعي للوصول إلى السلطة والتحكم في مصير الشعوب حتى ولو بإراقة الدماء، ونشأت جماعة الإخوان المسلمين على يد مؤسسها الأول حسن البنا عام 1928 في أحد مراكز محافظة البحيرة، وعلي مر السنوات والأزمنة لم تتخل الجماعة عن العنف يوما في كل مشاركاتها، حتى عندما وصلت إلى السلطة في مصر بعد ثورة 25 يناير 2011 كانت تحاول ترهيب الشعب المصري لقبول قرارات المعزول محمد مرسي، ولم تستطيع ذلك، وقام الشعب بثورة ضدها وتم الاطاحة برئيسها، واستمرت الجماعة في العنف الممنهج حتى الآن.
وقبل حلول الذكري الخامسة لثورة 25 يناير حرضت الجماعة على حمل السلاح ومواجهة الدولة بالعنف وطالب تيار أطلق على نفسه "وأعدوا" من داخل "التنظيم" بضرورة استخدام العنف وحمل السلاح ضد الدولة تحت مسمى مواجهة ما أسماه بـ"استبداد الدولة".

 - تشكيل الجناح العسكري
بعد تأسيس الجماعة مباشرة ومع انتشارها في أغلب محافظات مصر، بدأت الجماعة في تكوين النظام الخاص، وهو ما كان بمثابة جناح عسكري يماثل الجيش للتنظيم، فما كانت تطمح فيه "الجماعة" هو أن تكون دولة داخل الدولة، حيث أنشأه حسن البنا عام 1939، واختلف في الغرض من إنشائه، فيقول قادة الجماعة إنه من أجل مقاومة الاحتلال الإنجليزي في القناة والمشاركة في الجهاد الفلسطيني، كما أن بعضا من قيادات الجهاز الذين تركوه يقولون إنه أنشئ ليكون الجناح العسكري للوصول للسلطة.
وتشكل التنظيم من ثلاثة شعب أساسية وهي: التشكيل المدني، وتشكيل الجيش، وتشكيل البوليسي، وألحقت بالجهاز تشكيلات تخصصية مثل جهاز التسليح، وجهاز الأخبار "مخابرات"، وقد عمل الجهاز الأخير كجهاز استخباري للجماعة.
وازن "البنا" بين الانخراط مع المؤسسة الحاكمة في مصر من خلال أعمال علنية ومن خلالها أرضى تابعيه، وفي هذا السياق، فإن التنازلات العديدة التي قدمها البنا للسلطات مثل دعمه المعاهدة البريطانية المصرية من عام 1936 التي أعطت شرعية للوجود البريطاني في مصر، قد أدت إلى استياء كبير بين عدد من أشد المتحمسين من أعضاء الجماعة، وفي الجهة المقابلة أنشأ البنا جناح عسكري لتنفيذ مخططة الذي سعى إليه من أجل الوصول للسلطة، وشارك في العديد من أعمال العنف السياسي.

 - عنف الإخوان بعد ثورة 30 يونيو

1- أحداث الحرس الجمهوري

كانت هي أولى الاحداث الإرهابية التي قامت بها الجماعة بعد الاطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، حيث قامت مجموعات كبيرة في فجر يوم 8 يوليو 2013، بمحاولة اقتحام مبنى دار الحرس الجمهوري زعما أن "مرسي" بداخل المبنى وسيتم الإفراج عنه بالهجوم على قوات الأمن وخروجه، وبعد عامين من الاحداث كشف القيادي الإخواني هيثم أبوخليل عبر إحدى الفضائيات الإخوانية التي تبث من خارج البلاد، حقيقة الاحداث قائلا: "أنه بعد نقل مرسي من نقل قصر الرئاسة إلى نادي ضباط الحرس الجمهوري قام بالاتصال هاتفيا بالقيادي الإخواني سعد الكتاتني في مكالمة استمرت لمدة 20 دقيقة، موضحا أن فحوى المكاملة كانت أن مرسي أخبر الكتاتني بأنه محتجز داخل مبنى الحرس الجمهوري، مطالبا بإرسال مجموعة لإخراجه من داخل المبنى".
 
2- تهديدات قيادات الإخوان

بعد الاطاحة بمرسي وفشل مخططات الجماعة بالحشد ضد ثورة الثلاثين من يونيو، بدأ قيادات الجماعة في إرسال بعض التهديدات للشعب المصري من خلال منصة الاعتصام في رابعة العدوية، ففى البداية قال القيادى الإخواني محمد البلتاجي: إن ما يحدث في سيناء من إرهاب يتوقف في الثانية التي يعود فيها مرسي، بينما قال صفوت حجازي: اللي هيرش مرسي بالمية هنرشه بالدم، في حين عاد حجازى ليطلق تصريح: رسالة إلى الكنيسة المصرية، لو تآمرتم وساعدتم في عزل مرسي فسيكون لكم شأن آخر.
 بينما قال الهارب إلى قطر عاصم عبد الماجد: سنقطع أيدي كل من يهين أو يعارض الرئيس.
أما الداعية فوزى السعيد فأطلق فتواه قائلًا: "قتلاهم في النار وقتلانا في الجنة".
فيما قال المرشد العام للجماعة محمد بديع، وزير الدفاع وقتها عبدالفتاح السيسى، ومحركًا أنصار الجماعة: إن عزل السيسي لـ"مرسي" أعظم من هدم الكعبة.
يأتي في الوقت الذي أطلق تصريح بديع العنان لكافة الأنصار لإطلاق تصريحاتهم، منهم أحد المعتصمين قال: لو سقط مرسي هيكون في سيارات مفخخة، وموجهًا تحذيرًا للسيسي: صنعت طالبان جديدة في مصر وهناك مجاهدون.
بينما قال أحد مشايخ الجماعة الإسلامية يدعى "الشيخ وحيد" في رابعة من أعلى المنصة: إخوانكم في المحافظات بانتظار ساعة الصفر.
 3- التعذيب داخل اعتصام رابعة:

بدأ اعتصام رابعة العدوية المسلح، بدعوى لمليونية بالميدان في 26 مايو، واستمر قرابة 40 يوما خلف وراءه مئات القتلى والمصابين، جراء العنف والتعذيب من قبل جماعة الإخوان طوال فترة وجودها بالميدان، وهى القضية المتهم فيها عصام سلطان ومحمد البلتاجي ومحمد بديع وصفوت حجازي وأسامة ياسين وعصام العريان، وبدأ اعتصام رابعة العدوية، ردًّا على دعوات حركة تمرد للجماهير بالنزول في تظاهرات حاشدة يوم 30 يونيو 2013 للمطالبة بإسقاط محمد مرسي.

 4- نداء الكنانة:
و بعد حالة من اليأس التي وصلت لقيادات وشباب الجماعة أصدر بعض المشايخ المنتمين للجماعة الإرهابية خطابا بعنوان "نداء الكنانة" في مايو 2015 الداعي للجهاد ضد رموز السلطة في مصر، ليؤكد نهجا متعمدا من جماعة الإخوان رسميًّا للعنف المسلح، إذ تضمن البيان الذي أصدره 150 من القيادات الدينية الداعمة للجماعة الإرهابية في 20 دولة دعوات صريحة لاستهداف كل رموز السلطة في مصر، بما فيهم القضاة وجنود الشرطة والجيش، وهو ما أيدته بعضُ القطاعات داخل التنظيم، لا سيما شباب الجماعة الذين طالبوا لفترة طويلة بإنهاء النهج السلمي لاحتجاجات مؤيدي الجماعة، واستخدام العنف ضد السلطة.

5- "وأعدوا"
ولم تمض شهور قليلة على نداء الكنانة، حتى خرجت علينا جماعة من شباب الإخوان، مطالبين باستخدام العنف ضد الدولة، في ذكرى 25 يناير، ووضعت هذه المجموعة اسما لنفسها "تيار وأعدوا" داخل الجماعة، وحددت عددا من المحاور قالت إنها لن تتخلى عنها وهي "نشر الجهاد بين الشباب، التحريض على القيادات لقبول استخدام العنف، الحث على المشاركة في إحياء ذكرى ثورة 25 يناير بأي نوع من الأسلحة.

 عنف "الجماعة" في الماضي

1- اغتيال رئيس الوزراء "أحمد ماهر باشا":
كانت أولى العمليات الإرهابية التي نفذتها الجماعة، هي اغتيال "أحمد ماهر باشا" رئيس وزراء مصر لفترتين متتالتين، حيث كان متوجها في يوم 24 من فبراير 1945 إلى مجلس النواب لإلقاء بيان، وأثناء تواجده في مجلس النواب قام "محمود العيسوي" بإطلاق الرصاص عليه وقتله في الحال، وبعد الحادث تم إلقاء القبض على كل من "حسن البنا، وأحمد السكري، وعبد الحكيم عابدين" ولكن بعد أيام تم الإفراج عنهم نتيجة لاعتراف "العيسوي" بأنه ينتمي للحزب الوطني، وتأتي شهادة أحمد حسن الباقوري التي خطها بيده في كتابه "بقايا ذكريات" لتثبت انتماء "العيسوي" للإخوان، مؤكدًا أنه قتله انتقاما من أحمد ماهر بعد إسقاط "البنا" في انتخابات الدائرة بالإسماعيلية، وكان العيسوي من أكثر المتحمسين لذلك.

 2- اغتيال المستشار الخازندار

استكملت الجماعة سلسلة اغتيالاتها في منتصف عقد الأربعينيات من القرن الماضي، والتي طالت كبار رجال الدَّولة، والتي بدأت بـ"أحمد ماهر باشا"، ثم جاء دور المستشار والقاضي أحمد الخازندار 1948، وترجع القصة حينما كانت هناك قضية كبرى ينظرها القاضي أحمد الخازندار تخص تورط جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية في تفجير دار سينما مترو وفى صباح 22 مارس 1948، فقررت الجماعة اغتياله أمام منزله في حلوان، أثناء خروجه من منزله في شارع رياض بحلوان ليستقل القطار المتجه إلى وسط مدينة القاهرة حيث مقر محكمته، على أيدى شابين من الإخوان هما: محمود زينهم وحسن عبدالحافظ سكرتير حسن البنا، على خلفية مواقف الخازندار في قضايا الإخوان والتي حكم فيها بالمؤبد.
فيما كشفت مذكرات الدكتور عبدالعزيز كامل، عضو النظام الخاص بالإخوان المسلمين ووزير الأوقاف الأسبق، فإنه خلال الجلسة التي عقدت في اليوم التالي لواقعة الاغتيال، وبدء "النبا" متوترًا وعصبيًا وبجواره عبدالرحمن السندي رئيس التنظيم الخاص الذي كان لا يقل توترًا وتحفزًا عن البنا، وفى هذه الجلسة قال المرشد: كل ما صدر منى تعليقًا على أحكام الخازندار في قضايا الإخوان هو "لو ربنا يخلصنا منه" أو "لو نخلص منه" أو "لو حد يخلصنا منه"، بما يعنى أن كلماتي لا تزيد على الأمنيات ولم تصل إلى حد الأمر، ولم أكلف أحدًا بتنفيذ ذلك، ففهم عبدالرحمن السندي هذه الأمنية على أنها أمر واتخذ إجراءاته التنفيذية وفوجئت بالتنفيذ.

 3- مستندات فضحت التنظيم:

وبعد العمليات الإرهابية التي نفذها التنظيم الخاص بدأ في التخطيط خوفا من القضاء عليها، ففي 15 نوفمبر 1948 عندما قام عدد من أعضاء الجماعة بمصر في نقل أوراق خاصة بالنظام وبعض الأسلحة والمتفجرات في سيارة جيب من إحدى الشقق بحي المحمدي إلى شقة أحد الإخوان بالعباسية، إلا أنه تم الاشتباه في السيارة التي لم تكن تحمل أرقامًا وتم القبض على أعضاء التنظيم والسيارة لينكشف بذلك النظام الخاص السري لجماعة الإخوان. وأدى هذا الحادث إلى إعلان محمود فهمي النقراشي رئيس الوزراء آنذاك أمرًا عسكريا بحل جماعة الإخوان واعتقال أعضائها وتأميم ممتلكاتها وفصل موظفي الدولة والطلبة المنتمين لها.

 

4- حل الجماعة وقتل النقراشي

بعد إلقاء القبض على قائد السيارة الجيب ورفاقة التي فضحت الإخوان، صدر قرار من محمود فهمي النقراشي رئيس وزراء مصر، بحل الجماعة ومصادرة ممتلكاتها، وكان هذا القرار سببا في جعل النظام الخاص يقوم بقتل النقراشي، ففي العاشرة إلا الثلث من صباح ذلك يوم 28 ديسمبر1948، دخل ضابط بوليس برتبة ملازم أول صالة وزارة الداخلية في الطابق الأول، فأدي له حراس الوزارة التحية العسكرية، وأخذ يقطع الوقت بالسير البطيء في صالة الوزارة كأنه ينتظر شيئًا وعندما أحس بقرب وصول النقراشي باشا اتجه نحو الأسانسير ووقف بجانبه الأيمن، وفي تمام الساعة العاشرة وخمس دقائق حضر النقراشي باشا ونزل من سيارته محاطًا بحرسه الخاص واتجه للأسانسير فأدى له هذا الضابط التحية العسكرية فرد عليه مبتسما، وعندما أوشك النقراشي على دخول الأسانسير أطلق عليه هذا الضابط ثلاث رصاصات في ظهره فسقط قتيلا ونقل جثمانه إلى داره بمصر الجديدة، وأعلنت محطة الإذاعة الحداد لمدة يومين.
أما القاتل فقد اتضح أنه ضابط مزيف كان يتردد على مقهى بالقرب من وزارة الداخلية وكان النقراشي رئيسًا للوزارة ووزيرا الداخلية في آن واحد، أما الاسم الحقيقي للقاتل فهو عبدالحميد أحمد حسن، وكان طالبا بكلية الطب البيطري وينتمى لجماعة الإخوان.

5- اغتيال "سيد فايز"

وفي سابقه من نوعها انقلبت الجماعة والتنظيم الخاص على المنظم، حيث قامت الجماعة باغتيال سيد فايز، وهو من مواليد سنة 1919 م تقريبا، التحق بكلية الهندسة، ولما تخرج في بداية الأربعينيات عمل مهندسًا ومقاولا وتعرف على الإخوان في أثناء دراسته الجامعية، وقد تعرف سيد فايز على الإخوان وشارك في أعمالهم سواء في الجامعة أو في الشعبة حتى استوعب دعوة الإخوان وملكت عليه حياته.
وبعد السيطرة على الإخوان وأصبح الرجل الأول، قتل في ظروف مريبة المهندس السيد فايز عبدالمطلب في الساعة الثالثة عصرا بعد ظهر يوم الخميس 20 من نوفمبر 1953م بواسطة صندوق من الديناميت وصل إلى منزله على أنه هدية من الحلوى بمناسبة المولد النبوي، وقتل معه في الحادث شقيقه الصغير البالغ من العمر تسع سنوات وطفلة صغيرة كانت تسير تحت الشرفة التي انهارت نتيجة الانفجار وشيعت جنازته في اليوم التالي.