في مركز المُساعدة الخاص بموقع التواصل الاجتماعي الشهير Facebook، يُعرف الأخير للمستخدمين ما المقصود تحديدًا من «صفحة» على الموقع: «الصفحات مخصصة للأنشطة التجارية، والعلامات التجارية والمؤسسات لمُشاركة الأحداث والتواصل مع الأشخاص». يُنهى التعريف بتنويه مقتضب لا يتبعه الكثيرين: «إذا كنت تريد إنشاء صفحة تمثل شركة أو علامة تجارية أو مؤسسة أو نجم مشهور، يجب أن تكون ممثلًا رسميًا».

وبالبحث عن اسم نجم تليفزيوني أو جهة شهيرة على الموقع ذاته، ومُطالعة عشرات النتائج من الصفحات، لا يمثل أغلبها الشخص المطلوب بصفة رسمية، يبدو الأمر كما لو أن أغلب المشرفين على صفحات الموقع لم يطالعوا إجابة Facebook الوافية عن ماهية الصفحة، غير أن الأمر يزداد تعقيدًا عند تبرع البعض بإنشاء صفحات لجهات رسمية أو حكومية، سرعان ما تلفت الأنظار ويلتف حولها ملايين المُتابعين، يستقون منها الأخبار والتصريحات، مُنشغلين باسم الصفحة الذي غالبًا ما يحوي تنوية «الصفحة الرسمية» بينما يشي المحتوى بغير ذلك.

وإذا كنت من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي، وتتعجب من  منشورات كوميدية تظهر على صفحتك الرئيسية تنعكس فيها الروح الساخرة الكامنة لدى أحد المؤسسات الحكومية، فإليك تقرير أعدته «المصري لايت»  للإجابة على أغلب تساؤلاتك عن الدولة المزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي.

6. كيف تُدار الصفحات غير الرسمية؟  

الصفحة الرسمية للقائد المشير.jpg10

التفتت الباحثة والمدرس بكلية الإعلام جامعة القاهرة، سهير عثمان، لمحتوى تلك الصفحات في أغسطس الماضي، إبان عملها على دراسة تناولت المُعالجة الصحفية لمشروع قناة السويس الجديدة على مواقع التواصل الاجتماعي، فصنفت الصفحات إلى «رسمية» تُشرف عليها الجهات المعنية، و«شعبية» يُشرف عليها أفراد داعمين للفكرة أو المشروع  -كما ذكرت في حديثها لـ«المصري لايت»- وتعمل هذه الصفحات بأسلوب الـ Data Collection أو جمع البيانات وإعادة بثها على الصفحة، مع الإشارة أو عدم الإشارة لمصدرها الأصلي، سواء كان وكالة أنباء أو موقع إخباري، مما يميز محتواها بحسب «عثمان» عن الصفحات المعتمدة للجهات الرسمية والتي عادة ما تحوي تصريحات للمسؤولين وبيانات رسمية بغير حاجة لمصدر.

5. هل يمكن تمييز محتواها؟ 

وزارة الداخلية المصرية

تعج الصفحات غير الرسمية بأمارت أخرى تؤكد على ضعف مهارات القائمين عليها أو كونهم «unprofessional»، كما تصف الباحثة، منها كثرة الأخطاء داخل المتحوى، وجنوحه إلى عرض مواد الرأي  بدلًا من التصريحات الرسمية أو المواد الخبرية.

كما تبدو النصوص المكتوبة من مُشرف الصحفة مُباشرة أقل حرفية من المُعتاد، مصحوبة بطلبات الإعجاب بالمنشورات أو حتى مُشاركتها. وتظهر تلك السلوكيات في صفحة «وزارة الداخلية المصرية» والتي تحظى بما يُقارب 35 ألف مُتابع، تستقبلهم بذات الصورة الرئيسية والخلفية الخاصة بالصفحة الرسمية لوزارة الداخلية، وتُخطرهم في بياناتها الداخلية بتبعيتها لـ«الجهاز الأعلامي لوزارة الداخلية» بينما تُثبت تنويه في صفحتها الرئيسية «حنحظر أي خاين بيبع وطنه ولسانه طويل ع الفيس بوك فوراً.. يالله اشوف عرض كتافك أنت وهو».

4. هل تمثل الصفحات أي خطورة؟

يشرح  أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، الأضرار المُحتملة للصفحات غير الرسمية ومنشوراتها على جمهور المُتابعين والجهات المُمثَلة في آن. حيث يبدأ الأمر مع تزويد المُتابع بمعلومات وآراء مغلوطة من صفحة غير رسمية لمؤسسة يعتبرها محل ثقة، ويتطور لتشويه الأفراد لصورة المؤسسة المعنية عن طريق  تعبيرات وردود أفعال مُشرفي الصفحات التي ربما تجنح للتطاول أو السُباب والذي يبث في هذه الحالة على لسان الجهة وليس شخص المُشرف على حسابه الخاص.

إلا أن الأضرار تصل ذروتها لدى محاولة مُشرفي الصفحة انتحال صفة الجهة المعنية، عن طريق التفاعل مع الجمهور واستقبال الشكاوى والرد عليها والقيام بوظائف الجهة عبر مواقع التواصل الجتماعي، مما قد يثير غضب المُتابعين حيال تجاهل الصفحة الرد على تساؤلاتهم أو بعض ما تبث من محتوى ينافي عقيدتها المُعلنة، مما يؤدي في النهاية لانقلاب المُتابعين على المؤسسة، ما يُصنفه «مهران» بـ«الإضرار بالسلم العام».

3. لماذا يلتف المتابعين  حول تلك الصفحات؟ 

وزارة الداخلية المصرية5

تضع «عثمان» تجاهل الصفحات الرسمية لرسائل وتعليقات المتابعين على قمة الأسباب المُحتملة، الأمر الذي يؤدي  لتوجههم لقنوات اتصال أخرى «غير رسمية» تستقبل الشكاوى وتعد بالنظر فيها وتقدم نمط من التفاعل يُقابل بثقة ومصداقية لدى المُتابع. وتُقدم صفحة «وزارة الداخلية» المذكورة مثالًا لذلك السلوك في منشوراتها، حيث تعد المتابعين  بالنظر في التعليقات.

وفي حين يزيد عدد مُتابعي بعض تلك الصفحات عن مليون مُتابع، يستقبلون منشورات شبه عشوائية يجنح أغلبها لتأييد ودعم مؤسسات الدولة بصور مزركشة، ومنشورات بالعامية المصرية غير المتقنة، فتوحي أعدادهم للمستخدمين الآخرين بمصداقية الصفحة. تؤكد الباحثة أن تفاعل الجمهور مع الصفحات لا يعكس «أمية إلكترونية» تحول دون التعرف على «الصفحة الرسمية» من «غير الرسمية»، بل تُرجعه لنظرية «ترتيب الأولويات» أو الـAgenda setting theory التي تلقي الضوء على قدرة التوجه العالم للبلاد على ترتيب أولويات الفرد أثناء تعرضه لوسائل الأعلام، مما يجعل الصفحات «غير الرسمية» التي تشع إثارة وتُمطر الشخصيات المعرضه للهجوم الإعلامي الموسع كالشخصيات المحسوبة على الثورة المصرية أو بعض الرؤساء والشخصيات العالمية، أكثر إشباعًا لاحتياجات الفرد في سياق المناخ العام من الصفحات الرسمية المُعتمدة المُنشغلة بالبيانات الرسمية، مما له أن يدفع لا وعي الأفراد لاختيار الصفحات «غير الرسمية».

2. ما الموقف القانوني للصفحات غير الرسمية؟

الصفحة الرسمية للقائد المشير8

لدى الحديث عن مدى مشروعية الصفحات، يبدأ «مهران» حديثه بقاعدة دستورية «لا جريمة إلا بنص ولا عقوبة إلا بحكم»، فيشير بذلك إلى أن مقاومة الظاهرة تبدأ بتعديل تشريعي يُجرم سلوك تلك الصفحات ويدرجه ضمن انتحال الصفة، على أن تتدرج العقوبات وفقًا لطبيعة السلوك، بدايةً من اختلاق الصفحة مرورًا باستخدامها في نشر الإشاعات والإضرار بالسلم العام  على سبيل المثال، ثم الترويج بالإعلان المادي لتلك الصفحات أو استخدامها لتوريط الجهات المعنية أو الدولة في اتخاذ قرار أو العدول عن آخر.

وإلى جانب التشريع ينصح «مهران» بضرورة تنويه الصفحات الرسمية في بياناتها الداخلية بعدم  مسؤوليتها عن أي صفحات أخرى مع التذكير بتعرض مدشني الصفحات الإضافية للمساءلة القانونية.

1. كيف يمكنني حماية نفسي من محتوى تلك الصفحات؟

وعلى سرعة انتقال مضامين الصفحات غير الرسمية عبر الحسابات المختلفة بمُشاركة مرة وإثر ضغط أحد الأصدقاء على زر الإعجاب بها مرة أخرى يبقى تميز كل فرد للهدف من مُطالعته منشورات الصفحات خير معين ضد آثارها السلبية، فتنصح «عثمان» بضرورة تحديد المُستخدم لهدفه من الجولة السريعة على موقع التواصل الاجتماعي، فيفصل أثناء مُطالعته تلقائيًا بين المحتوى الترفيهي والإخباري ومصادر كلًا منهم، أو حتى يقتصر هدفه من متابعة الصفحات غير الرسمية على رصد آراء وتوجهات المُتابعين في التعليقات فقط إذا رغب، وهو أمر يعتاده الكثيرين.

أما الوقوع في «مصيدة» تسليم البيانات الشخصية لجهات غير معلومة مُمثلة في الصفحات غير الرسمية بغرض الشكوى، فتحذر منه «عثمان» إذا ربما يتم استخدام البيانات في أغراض غير مشروعة. وتعتبر الـ Verification badge أو «شارة التحقق» والتي يمنحها الموقع للصفحة حال تأكده من رسمية المُشرف عليها صمام أمان للتأكد من أن الصفحة مُعتمدة و رسمية.

ولحين وجود تشريع ينظم تمثيل الدولة الافتراضي، ينصح «مهران» مُشرفي الصفحات غير الرسمية ومدشنيها بسرعة «إنهاء حياة» هذه الصفحات، حتى ما إذا كان الهدف من إنشائها دعم مؤسسات الدولة وتأيديها، معللًا ذلك بأن وجود أكثر من صفحة للمؤسسة ذاتها ووجود أكثر من خطاب يُعبر عنها،  ينال من مصداقيتها أي ما كانت الظروف، فصفحة واحدة مُعتمدة أفضل وأكثر مصداقية.

الداخلية الصفحة الرسمية