عقد عدد من علماء الأزهر الشريف، وقادة الكنيسة الإنجليكانية، جلسة حوار، أمسٍ الثلاثاء، بمشيخة الأزهر، تحت عنوان "دور القادة الدينيين في مكافحة استخدام النصوص الدينية لارتكاب العنف والإرهاب باسم الدين".
وقال الدكتور محمود حمدي زقزوق، إن الأحداث التي يمر بها عالمنا المعاصر تقتضي أن يكون هناك حوار بين الشرق والغرب لتصحيح المفاهيم التي يستخدمها الإرهابيون للقيام بجرائمهم باسم الدين، مضيفًا أن مصر لديها تجربة فريدة وعبقرية تجمع الشعب المصري بمسلميه ومسيحييه في مظلة "بيت العائلة المصرية".
من جهته، قال الدكتور إبراهيم الهدهد نائب رئيس جامعة الأزهر إن هناك ضوابط لفهم القرآن، فيجب أن تفسر آيات القرآن في إطار النص القرآني كله، والذي لا يفهم بعيدًا عن سياق الأحداث التي نزلت فيه والأحداث المشابهة له في كل زمان، ومن خلال تفسير الحديث الشريف لهذه النصوص القرآنية.
وأضاف أن جماعات العنف انتزعت النصوص من سياقها، وفسرت آيات القتال تفسيرات خاطئة لتستبيح على أساسها قتل المخالفين، رغم أن الإسلام لم يشرع القتال إلا لصد المعتدين والدفاع عن الوطن، وحرم الاعتداء على ضيوف المجتمعات الإسلامية الذين دخلوا إليها بموجب تأشيرات دخول تعتبر بمثابة عهد أمان لهم.
من ناحية أخرى، قال الدكتور محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن الإسلام له نظرة إلى المواطنة تختلف عن باقي الفلسفات حول العالم، فهو لم يعتمد على البعد الجغرافي لتحديد المواطنة، ولم يميز بين الناس على أساس دينهم أو وطنهم أو قوميتهم بل احترم إنسانية الإنسان أينما كان، وساوى بين المسلمين وغير المسلمين، وكفل لكل مواطن كافة الحقوق المدنية والسياسة والاجتماعية والثقافية.
وأوضح عفيفي إن الإسلام ينظر إلى الاختلاف على أنه سنة كونية لا يجب أن تكون سببًا للعداء بين أبناء الديانات والحضارات المختلفة، بل هي سبب للتكامل والتعاون، ولذلك كان غير المسلمين لهم دور في ازدهار الحضارة الإسلامية، كما استفادت هذه الحضارة من الحضارتين الرومانية واليونانية، مضيفًا إن وحدة الأصل الإنساني ووحدة الكرامة الإنسانية هي من أهم الأسس التي بني عليها التعايش في الإسلام.
وفي سياق متصل، أكد السفير عبدالرحمن موسى على أهمية الدور الذي يقوم به القادة الدينيون خاصة في المجتمعات الغربية لمواجهة الدعوات التي تتهم الإسلام بالمسؤولية عن الممارسات الإرهابية، كما طالب بضمان حقوق المواطنين المسلمين في تلك المجتمعات.
وأشاد أساقفة كنيسة كانتربري في لندن بمناهج الأزهر الشريف التي ترسخ لمبدأ المواطنة وتنشر الوسطية والسماحة والاعتدال والتعايش بين الأديان والمختلفة، مؤكدين أن أوراق البحث المقدمة خلال الجلسة أزالت سوء الفهم لآيات القرآن الكريم التي تؤكد على سنة الاختلاف بسبب التفسيرات الخاطئة للتنظيمات الإرهابية.
حضر الجلسة المطران منير حنا أسقف الكنيسة الأسقفية في مصر وإفريقيا، ولنك بينز أسقف برادفورد التي يمثل المسلمون فيها أكبر الجاليات، والقس مارك مساعد رئيس أساقفة كانتربري لشؤون الحوار، وبعد انتهاء الجلسة التقى المشاركون بالإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، حيث أعربوا عن امتنانهم لرعايتة لهذا الحوار الذي يهدف إلى بناء جسور التفاهم والثقة بين أبناء الأديان والحضارات المختلفة.