أبدى خبراء مصرفيون اندهاشهم من قرار البنك المركزي غير المتوقع بتخفيض قيمة الدولار، أمام الجنيه على عكس ما كان متوقعًا بتخفيض الجنيه.
كان البنك المركزي، رفع سعر الجنيه مقابل الدولار، الأربعاء، بواقع 20 قرشًا للبنوك، ليصل السعر إلى 7.7301 جنيه.
ويأتي قرار البنك المركزي، في إطار عدد من الإجراءات في الفترة الماضية لمعالجة الآثار السلبية الناجمة عن سياسات المحافظ السابق له، وكان آخر تلك الإجراءات ضخ نحو 4 مليارات دولار بالأسواق لتلبية متطلبات المصانع والمستوردين.
وبينما كانت تتجه توقعات الخبراء والمحللين إلى اتجاه المركزي لمزيد من عمليات تعويم الجنيه وتخفيض قيمته أمام الدولار لرأب الصدع بين سعري العملة في السوق الرسمي والسوداء لتوفير العملة المطلوبة، جاء قرار المركزي "غريبًا"، بحسب رأيهم.
وقال الدكتور تامر ممتاز، الخبير المصرفي، إن رفع الجنيه أمام الدولار، لا يعكس الواقع العملي ولا يصب في الصالح العام، بينما يجب أن تصل العملة المحلية إلى قيمتها الحقيقية في السوق، مضيفًا أن الرجوع للأسعار الصورية، لا يخدم الاقتصاد بدليل أن البنوك حتى الآن غير قادرة على تلبية حاجات السوق.
وأضاف أنه "في الوقت الذي لا تستطيع فيه البنوك توفير طلبات الدولار يمكن للسوق السوداء فعل ذلك وبسعر مرتفع وصل إلى 8.60 : 8.75 قرشًا، مؤكدًا أن الفارق الواسع بين السعر الرسمي وغير الرسمي يعمل على تنشيط السوق السوداء وتحقيق أرباح كبيرة لها بدلاً من البنوك والقطاع المصرفي الرسمي.
وأشار إلى أن الأرباح التي كانت ستجنيها البنوك يمكن استخدمها في تنمية الطبقة غير القادرة، مضيفًا أن القرار سيتسبب (1) في زيادة تعاملات وأنشطة السوق السوداء، و(2) يخرج البنوك من التعامل في الدولار، و(3) تتراجع إمكانية السيطرة على السوق، مؤكدًا أن القرار يتسبب في (4) ارتفاع أسعار السلع نظرًا لمضاربات السوق السوداء وتوقع التجار لأعلى الأسعار.
وأضاف أن المستورد يغطى توقعاته للسعر الأعلى من خلال زيادة سعر بيع سلعته، مضيفًا أن (5) عدم قدرة البنوك على السيطرة على سوق العملة يترك اليد العليا بها للسوق السوداء، مشيرًا إلى أن القرار غير قابل للتطبيق، والفارق الكبير بين سعري العملة، سيتسبب في (6) تآكل الاحتياطي.
وطالب "ممتاز" بتعويم الجنيه لتمكين التجار والصناع من استيراد مستلزماتهم وتحرير قيود الإيداع والسحب، مؤكداً أن تعويم الجنيه سيكون له بالغ الأثر في تدوير عجلة الإنتاج واستيراد الخامات وتحفيز العمل، مشيرًا إلى أن الآثار السلبية على الطبقة غير القادرة سيكون محدودًا خاصة إن تم إقرار سياسة تموينية عادلة من زيادة أرباح البنوك بعمليات بيع العملة.
فيما أكدت الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة المصرفية، أنها لا ترى أي سبب منطقي لتخفيض الدولار أمام الجنيه في الوقت الحالي، متسائلة عن الدافع وراء القرار في الوقت الذي لم يشهد الاقتصاد المصري تغيرًا في أوضاعه، مضيفة أنه إذا توافر للبنك المركزي حجم كافي من احتياطيات النقد الأجنبي ليتخذ هذا القرار فهو أمر طيب.
وأضافت أن قرار المركزي ربما جاء أيضًا اعتمادًا على الإجراءات التي أعلنت الدولة اعتزمها القيام بها من ترشيد النفقات، ورفع الضغط عن الدولار وتوفير مصادر للعملة الأجنبية، مطالبة بضرورة الإعلان عن حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي في الوقت الحالي.
وأشارت إلى ضرورة قدرة المركزي على تلبية طلبات المستوردين وتغطية احتياجات المصانع والتجار خلال المرحلة الحالية، مضيفة أنه يجب أن يتوافر لديه نقد أجنبي يسمح له برفع الجنيه أمام الدولار.