دائما ما تلقى النصوص الأديبة عند تحويلها لأعمال سينمائية أو تلفزيونية صدى واسعا، ويبدو أن هذا الأمر شجع المخرج محمد ياسين على تكرار تجربة تحويل النص الأدبى لتلفزيونى، فبعد نجاح مسلسله "موجة حارة" رمضان قبل الماضى المأخوذ عن رواية "منخفض الهند الموسمى" للكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، قرر المخرج هذا العام تحويل رواية "أفراح القبة" لأديب نوبل نجيب محفوظ لعمل تلفزيونى. ولأن محمد ياسين مخرج واع يعرف أهمية الرواية وقيمتها خصوصا وأن الكاتب الكبير يحتفى فيها بالمرأة ويضعها فى مكانة خاصة (الست النقية التى ربما لا تخطىء) عكس رواياته الشهيرة الأخرى والتى تناول فيها المرأة سيئة السمعة والظروف المجتمعية التى قادتها إلى الرذيلة ("جليلة" فى بين القصرين، و"زنوبة" فى "قصر الشوق" و"نفيسة" فى بداية ونهاية)، لذا رشح المخرج مجموعة كبيرة من النجوم لبطولة العمل على رأسهم ليلى علوى ومنى زكى وإياد نصار ومحمود حميدة، ويعكف حاليا على وضع تصورات المسلسل استعداد لتصويره. وفى الرواية لم يقتصر الأستاذ الكبير نجيب محفوظ على تجميل صورة المرأة، لكنه تطرق للبحث خلالها عن المدينة الفاضلة وسط واقع مأزوم، وهى القضية التى ربما تكون شغلت بال الأستاذ كثيرا، ويبدو أن هذا السبب وراء اختيار محمد ياسين للرواية وتقديمها فى مسلسل تلفزيونى. رواية "أفراح القبة" التى صدرت عام 1981 كانت صدى لتأثيرات نجيب محفوظ على بعض معاصريه ممن ساروا على دربه، وعنها يقول الناقد شوقى بدر يوسف :"تعد رواية أفراح القبة من الروايات الصوتية ذات الأبعاد والمدلولات الخاصة التى تعتمد على حكائية صوت الشخصية، وهى تتحدث بلغة المخاطب مثيرة بذلك نوعا من الجدل يأخذ بناصية الحديث ويجعله يتنامى ويتصاعد من خلال موقف الشخصية شيئا فشيئا والذى يصرح بخيوطه الأولى بحذر شديد مما يجعل المتلقى يشارك معه فى الإمساك بخيوط هذا الحدث، ومحاولة معايشته من خلال ممارسة الشخصية لطبيعتها على خريطة الواقع". ويضيف :"تعتبر صياغة الشخصية فى مثل هذا النوع من الروايات هو المحك الأساسى فى نجاح العمل، وفى إبراز الدال والمدلول الذى يسير ورائه الكاتب، وفى تحديد أبعاد الخط الرئيسى المكون لصلب الحدث"، لذا سينتظر النقاد والأدباء كيفية خروج هذه الرواية فى عمل تلفزيونى وهو ما يعتبر تحديا للمخرج محمد ياسين.