أقدم البنك المركزى المصرى خلال 4 عطاءات دولارية على تثبيت سعر صرف الجنيه أمام الدولار عند 793 قرشًا للبيع للبنوك، على أن تبيع البنوك الدولار للجمهور بسعر يرتفع إلى 10 قروش ليصل إلى 8.03 جنيه للدولار، فى خطوة تستهدف فى الأساس تخفيف الضغط على موارد الاحتياطى الأجنبى الذى تراجع إلى 16.3 مليار دولار بنهاية الشهر الماضى، وتعزيز الصادرات والاستثمار الأجنبى.
ويعد القرار المصرفى الأكثر إثارة للجدل والذى اتخذه هشام رامز، محافظ البنك المركزى المصرى المنتهية ولايته، بتحديد سقف للإيداع بالدولار الأمريكى بـ10 آلاف دولار يوميًا، و50 ألف دولار شهريًا، خطوة تاريخية فى سبيل ترشيد استخدامات النقد الأجنبى، ولكن عمل على فرض قيود على المستوردين فى توفير العملة الأجنبية، والتعامل داخل القطاع المصرفى الرسمى فى ظل تراجع المعروض من الدولار، وهو القرار الذى يستلزم دراسة جديدة من محافظ البنك المركزى الجديد، وهو مطلب العديد من رجال الأعمال.
وتتطلب المرحلة الحالية وجود تنسيق كامل بين الجهاز الحكومى، والبنك المركزى بقيادته الجديدة، والتى سوف تتولى مهام عملها برئاسة طارق عامر، يوم 27 نوفمبر المقبل، وسط اجتماعات تعقد بينه وبين مسئولين بالبنوك لترتيب الأوراق للمرحلة المقبلة التى تشهد تحديات كبيرة خاصة بسوق الصرف وإدارة موارد الاحتياطى الأجنبى.
وخطة تطوير المنتجات المصرية للمنافسة عالميًا، تتطلب تنسيقًا كبيرًا بين الأطراف الحكومية المعنية للعمل على زيادة النمو فى الناتج المحلى الإجمالى، وترشيد الاستيراد للسلع ذات البديل المحلى، بما يعنى زيادة المعرروض من السلع والخدمات وبالتالى خفض أسعار المنتجات وخفض التضخم.
ولأن خفض قيمة الجنيه، يحمل فى ظاهره فوائد كبيرة للاقتصاد، إلا أن خفض قيمة الجنيه المصرى بنسبة تصل إلى 10% خلال 2015، يؤثر كثيرًا على أسعار السلع والخدمات خلال الفترة القادمة، فى ظل استيراد مصر نحو 75% من احتياجاتها من الخارج، بفاتورة استيراد بلغت خلال العام المالى الماضى نحو 61 مليار دولار، مقابل 22 مليار دولار صادرات مصرية للخارج.
وتستلزم الإجراءات القادمة للبنك المركزى المصرى، فى إطار هدف السياسة النقدية بخفض مستوى الأسعار، مسارًا آخر من الحكومة بالرقابة وضبط الأسعار ومنع جشع التجار بزيادة الأسعار اعتمادًا على خفض قيمة الجنيه، لاستهداف تعزيز الصادرات وجذب الاستثمار الأجنبى المباشر، رغم أن أثر استيراد السلع بالأسعار الجديدة للدولار يظهر بعد 3 أشهر من الآن.
وتتطلب تلك المرحلة دراسة متأنية لملفات سعر صرف الجنيه وإدارة الاحتياطى الأجنبى بتركيبته الحالية التى تشكل الودائع الخليجية الجزء الأكبر منها، والتفاوض البناء مع المؤسسات الدولية لخدمة المواطن المصرى الذى يرى فى التعامل مع تلك الملفات أثرًا كبيرًا على مستوى معيشته ودخله، فى ظل مخاطر ارتفاع الأسعار التى خلفها خفض قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار خلال الفترة الماضية.
وفى ظروف اقتصادية معقدة تمر بها مصر، تتطلب الفترة الحالية العمل على زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر، والعمل على تحسين موارد العملة الصعبة وزيادة الصادرات وتنافسية المنتج المصرى عالميًا، وترشيد الاستيراد الترفى الذى يلتهم جزء كبير من العملة الصعبة والاحتياطى، وهى ظروف كانت أكثر تعقيدًا وتتطلب قرارات حكومية جرئية.
وتتمثل مصادر العملة الصعبة ذات الأهمية للبلاد، فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإيرادات قطاع السياحة ورسوم عبور قناة السويس، وتحويلات العاملين المصريين بالخارج، وإيرادات الصادرات، وبعض تلك القطاعات تأثرت بالفعل على مدار السنوات الـ5 الماضية نتيجة الاضطرابات، خاصة قطاعى الاستثمارات والسياحة.
والاهتمام الحكومى الكبير بتشريعات الاستثمار وتذليل العقبات أمام المستثمر الأجنبى يعد الأساس المفروض أن تهتم به الحكومة بكافة أجهزتها خلال الفترة القادمة، وهو المصدر الأهم فى تعزيز موارد الاحتياطى الأجنبى من العملات الأجنبية، خاصة الاهتمام بالاستثمار فى القطاعات الأساسية مثل الطاقة والبنية الأساسية ومشروعات تنمية إقليم قناة السويس الجديدة، لتوفير الدولار لتنمية الاحتياطى الأجنبى لدى البنك المركزى الذى يتيح حرية أكبر له فى التحرك فى سوق صرف العملات.