انتهت المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية الأثنين بإقبال وصفه كثير من المتابعين للعملية الانتخابية بالضعيف من قبل الناخبين، فاللجنة العليا للانتخابات بدورها أعلنت في وقت سابق أن عدد الناخبين حتى اليوم الأول من المرحلة الأولى وصل إلى 624 ألف ناخب بنسبة 2.27% من إجمالي الناخبين الذين لهم التصويت.
هذه النسبة - التي لم تحدث في أي معترك انتخابي سابق شهدته مصر في الآونة الأخيرة - فتحت باب الشكوك لدى البعض في مدى شرعية البرلمان القادم، وتساءل البعض الأخر عن احتمالية حل البرلمان بسبب عزوف الناخبين.
هذا السؤال يجيب عنه مصراوي في السطور القليلة القادمة حيث التقينا عدد من الخبراء القانونين والدستورين والذين أكدوا أن هناك خلل واضح في شرعية البرلمان سياسياً.
رامي محسن مدير المركز المصري للاستشارات البرلمانية، يؤكد في لقاء خاص بـ"مصراوي"، أن عزوف الناخبين عن الانتخابات ليس محل طعن لشرعية الانتخابات البرلمانية قانونياً، ولكنه يفقده الشرعية السياسية، "يعني أنت عامل برلمان لتمثيل كافة فئات الشعب يجب عليك أن تضمن أن كافة فئات الشعب نازلة تدلي بصوتها".. يتابع.
وأكد محسن، أن ضعف الإقبال يؤثر على شرعية التمثيل النيابي، الناخبين لم يذهبوا للتصويت وهذا البرلمان لا يعبر عن الناس وبالتالي سيؤتى بما لا يشتهيه الناخب من نتائج سلبية على العملية السياسية ككل.
وأوضح أن هناك إحصاء دولي يقول أن أفضل نسب التمثيل في أي انتخابات برلمانية لابد أن تتجاوز نسبة الـ 30% من عدد الناخبين، وألا تعتبر هذه الانتخابات غير ممثلة لكافة شرائح المجتمع، مضيفاً أنه في وقت حكم الإخوان كان عدد المرشحين في البرلمان أكثر من 10 ألاف مرشح أما الأن فعدد المرشحين لا يتجاوز الـ خمسة ألاف وهناك تناسب طردي دائما بين المرشح والناخب، كلما زاد عدد المرشحين كلما زاد عدد الناخبين، لن يتم حل البرلمان بسبب ضعف الإقبال.
وقال: بصفة عامة أن البلاد التي تتخذ من نظامها السياسي نظام برلماني من الممكن ان يكون هناك عزوف وانخفاض في نسبة عدد الناخبين حينما يكون هناك خلاف عي تشكيل حكومات تلك الدول، وهذا أمر معترف به في بعض الدول البرلمانية.
وبسؤاله عن القرب الشديد بين حالة الانتخابات البرلمانية الحالية في ضعف عدد ناخبيها، وحالة مجلس الشورى السابق وقت حكم الإخوان والذي لم يتجاوز عدد ناخبيه هو الأخر نسبة الـ 5% ممن لهم حق التصويت وقتها، أوضح مدير المركز المصري للاستشارات البرلمانية أن مجلس الشورى السابق تم حله بسبب عدم دستوريته وليس بسبب ضعف عدد الناخبين، لأن قانون إنشاء مجلس الشورى كان غير دستوري حيث أعطى ميزات لأناس بعينهم وهذا مخالف لمبدأ تكافؤ الفرص، وعلى الرغم من ضعف إقبال الناخبين في مجلس الشورى الماض، لم يكن هذا الضعف سببا في حل مجلس الشورى، ولكن تم حله بسبب عوار في قانون إنشاؤه فقط.
في الوقت نفسه يقول الدكتور محمد الميرغني أستاذ القانون بجامعة الأزهر، أن البرلمان القادم سيكون شرعي قانوناً مهما كان عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم حتى لو كانت أعدادهم ضعيفة مثلما حدث في المرحلة الأولى، مؤكدا لـ "مصراوي" أن هذه مسألة نسبية، طالما حدثت الانتخابات وفقا للشروط القانونية ونجح من نجح ورسب من رسب، فمن نجح سيكون صاحب السلطة التشريعية، لكنه بالطبع لن يكون لديه مكانة كبيرة عند الشعب، واحتمالات إجراءات انتخابات أخرى بعد فترة قليلة واردة جدا، لكنه إلى أن تتم ذلك سيعتبر البرلمان القادم منتخب وقانوني.
"مكانة البرلمان القادم ستكون ضعيفة عند الشعب لكنه في جميع الحالات هو برلمان منتخب، حتى لو كان عدد الناخبين يمثل 5% ممن لديهم حق التصويت، فالقوانين الدستورية لا تعترف بنسب معينة للناخبين".. يتابع أستاذ القانون.
موضحاً أن أهم شيء ان يحدث الانتخاب بطرق ديمقراطية وقانونية، ودولياً الفائز بأغلبية الأصوات في أي انتخابات ديمقراطية يعتبر هو صاحب الألية حتى لو كانت هذه الأغلبية بعدد أصوات منخفض، البرلمان قانونا شرعي لكنه سياسيا متدني احترام الشعب له.
بينما الفقيه الدستوري محمد نور فرحات هو الأخر يؤكد في تصريحات خاصة، أن البرلمان القادم برلمان مدعوم دستوريا، لكنه متهاو الشرعية السياسية بسبب عزوف الناخبين عن انتخابه، وأوضح أنه لو قارننا بين عدد من انتخبوا الرئيس عبد الفتاح السيسي ومن انتخبوا مرشحي البرلمان قائمة أو فردى ستكون النتيجة 1 إلى 10.
وأشار إلى أن ضعف إقبال الناخبين على الانتخابات ليس تعاطفاً مع الإخوان لأن الشعب أسقطهم بعد عام واحد من الحكم، لكن الشعب لم يذهب للانتخابات لأنه يرد على من أهانوا ثورته كل يوم ومن يريدون إعادة نظام مبارك ومن يتهاونون فى مواجهة الفساد ومن يتبعون نفس سياسة مبارك فى إنشاء ورش ترزية القوانين التى تفصل القوانين على مقاس النظام ومن يلقون بعبء انقاذ الاقتصاد على الطبقات الفقيرة وحدها، ومن يحاول احياء المشروع الناصري دون ناصرية اجتماعية، موضحاً أن البرلمان القادم فاقد للشرعية السياسية ولن يستطيع استخدام السلطات التى يوفرها له الدستور لتقاسم السلطة مع رئيس الجمهورية – على حد تعبيره.