لا ينكر أحد أن الفساد في مصر تجاوز كل الحدود وفاق كافة التوقعات حتى بلغت فاتورة الفساد الإداري في مصر 300 مليون دولار يومياً، طبقاً لأحدث الدراسات التي أعدها الدكتور هاني الحفناوي، نائب رئيس مجلس علماء مصر الأسبق.
 
أما واقعة الفساد التي ينفرد «جورنال مصر» بكشف تفاصيلها، اليوم، بالمستندات فهي غير مسبوقة في تاريخ الفساد الإداري في مصر، حيث اشتغل ثلاثة من كبار الموظفين بهيئة التأمينات الإجتماعية بعض ثغرات القانون، وصرفوا لأنفسهم مكافآت شهرية بلغت مليار جنيه خلال عام واحد طبقاً للمستندات الرسمية التي حصل «جورنال مصر» على نسخة منها.
                              «ثلاثي الفساد»
 
فجرت هيئة النيابة الإدارية القضية المنسية في أدراج الحكومة بعد أن قررت إحالة الموضوع إلى المحكمة تحت رقم 115 لسنه 57 ق بتاريخ 28/3/2015 وتعود تفاصيل الواقعة إلى ثلاثه من كبار الموظفين بالهيئة القومية للتامينات الإجتماعية وهم على محمود نصار، رئيس صندق العاملين بالحكومه، وثريا فتوح، رئيس صندوق العاملين بالقطاع الاعمال العام والخاص، وهشام قنديل، رئيس قطاع الحاسب الالى، الذين حصلوا على مكافآت بالتحايل على القانون بلغت مليار جنيه خلال عام واحد 2011.                                                 
وأشار التقرير إلى أن إجمالي المبالغ التي تم صرفها تحت بند مكافآت وبدلات بصندوق العاملين بالقطاع الحكومى فقط بلغت 216 مليون و591 ألف و347 جنيهاً.
 
وقررت النيابه الاداريه بعد تحقيقات موسعة إحالة المسؤولين الثلاثة إلى المحاكمة التأديبية، وكلفت أربع جهات حكوميه وهى الجهاز المركزى للمحاسبات، والرقابه الماليه بوزاره الماليه، وهيئة الرقابة الإدارية بإعداد تقارير نهائية حول الواقعة، وكانت المفاجأة كما جاء بقرار الإحالة للنيابة الإدارية أن المتهمين الثلاثة وأخرين سهلوا لأنفسهم الإستيلاء على المال العام وقاموا بصرف مكافأت لأنفسهم قدرت بنحو مليار جنيه خلال عام واحد فقط.
 
أما المفاجأة الكبرى والتي ألقتها النيابة الإدارية لرئيس الحكومة الجديد المهندس شريف إسماعيل، أن هذه المكافآت لا تزال يتم صرفها حتى الآن وبنفس الأسلوب لوكلاء الوزارة الجدد وهم «أمال عبد الوهاب وعمر حسن» بالإضافة إلى هشام قنديل، الذي مازال في موقعة رغم اتهامه في القضية.
 
وأكد التقرير أن هناك 13 لجنة بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعى تضم بصفة متكررة أسماء مساعدي ومستشاري وزير المالية حصلوا على مبالغ مالية بلغت جملتها 760641 جنيها بدون وجه حق، ووافق أيضًا على صرف مبلغ 860502 جنيه مكافآت وبدلات حضور جلسات مجلس إدارة الهيئة رئاسته عن الأعوام من 2009 وحتى يناير 2011 بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء رقم 2226 لسنة 1994.
 
                                       «تقرير الفساد»
 
أكدت النيابة الإدارية في تقريرها أن المتهمين الثلاثة وهم على محمود نصار، رئيس صندوق العاملين بالقطاع الحكومى بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعى «وكيل أول وزارة»، وثريا فتوح عبد الحميد شلبى، رئيس صندوق العاملين بقطاع الأعمال العام والخاص «وكيل أول وزارة»، وهشام عبد المحسن قنديل، رئيس قطاع الحاسب الآلى بصندوق العاملين بالقطاع الحكومى بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعى «وكيل أول وزارة» خلال الأعوام من 2009 حتى عام 2011 وبدائرة عملهم بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعى لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وأهملوا وقصدوا الإضرار بمصلحة مالية للدولة، وخالفوا القوانين والقرارات واللوائح المالية المعمول بها أحكام القانون. 
 
واشار التقرير إلى أن المتهمون شكلوا لجنة استثمار أموال التأمينات رغم عدم اختصاصهما وقاموا بصرف مكافآت بلغت 16000 جنيه لكل واحد منهم عن اجتماعات اللجنة عام 2010 دون مقتضى، كما تقاضى المتهم الأول منفردًا مكافآت بالموافقة لنفسه بلغت 256010 جنيهات خلال الفترة من عام 2009 حتى فبراير 2011 بالمخالفة لتعليمات وزير التنمية الإدارية، ودون موافقة السلطة الأعلى المختصة.
 
وأكد تقرير المكتب الفني لرئيس هيئة النيابة الإدارية أن هشام قنديل، رئيس قطاع الحاسب الآلى «المتهم الثالث في القضية»، حصل على مبلغ 10000 جنيهاً كمكافأة عن لجنة استلام صالة الحاسب الآلى بصندوق التأمينات والمعاشات رغم عدم عضوبته بلجنة الاستلام.
 
وتابع تقرير المكتب الفني لهيئة النيابة الإدارية أن المتهمة الثانية ثريا فتوح عبد الحميد شلبى، رئيس صندوق العاملين بقطاع الأعمال العام والخاص، صرفت حافز شهرى لنفسها بمبلغ 2750 جنيها شهرياً، وتم الصرف خلال الفترة من أبريل 2010 حتى فبراير 2011 بما جملته مبلغ 30250 جنيهًا، وذلك بإصدارها القرار 712 لسنة 2010 دون موافقة السلطة المختصة والذي تضمن أيضًا صرف مبلغ 2000 جنيه لوكيل مكاتب المناطق لصندوق التأمينات بالمخالفة للتعليمات.
 
كما صرفت ثريا فتوح عبد الحميد شلبى، بصرف مكافأت لنفسها بمبلغ 5000 جنيه تحت بند مكافآت لجنة إعلان الوظائف رقم 3 لسنة 2010 رغم أنها ضمن المتقدمين لشغل وظيفة رئيس الصندوق، وكما قامت بصرف مكافأة أخرى لنفسها بمبلغ 24500 جنيه تحت بند مكافأة مشروع موازنة الصندوق لعام 2010 -2011 بالمخالفة للتعليمات ودون قواعد للصرف.
                                   «مكافآت المحاسيب»
 
ويكشف تقرير هيئة النيابة الإدارية عن مفاجآت أخرى في مكافآت المستشارين بوزارة المالية وهيئة التأمينات الإجتماعية، حيث أكد أن المتهمة ثريا فتوح عبد الحميد شلبى رئيس صندوق العاملين بقطاع الأعمال العام والخاص، وافقت على صرف مكافآت ما أمكن حصره بمبلغ 185946,31 جنيه لبعض العاملين بالإدارات عن موازنة الصندوق عن عام 2011/2012 دون مشاركتهم فى هذه الأعمال، ودون قواعد للصرف.
 
كما وافقت على صرف مكافأة بمبلغ 22100 جنيهاً حافز لممثلى وزارة المالية ومستشارى مجلس الدولة عن اللجنة الفنية للمقاولات وممارسة إيجار البرامج خلال الفترة من نوفمبر 2010 وحتى فبراير 2011 دون سند قانونى، كما تم صرف مبلغ 24000 جنيه مكافأة للعاملين بلجنة الفتوى بوزارة المالية ومستشارى مجلس الدولة دون سند قانونى.
 
وأشار التقرير إلى أن المتهمة وافقت لنفسها على صرف مبلغ 69700 جنيه مكافآت عن الاشتراك فى لجان خلال الفترة من يوليه 2010 حتى يناير 2011 رغم عدم وجود قواعد أو معايير للصرف، كما قامت بصرف مكافآت بلغت 167150 جنيهًا لأعضاء لجنة متابعة الدعاوى الدستورية التي قامت بتشكيلها  بالقرار 310 لسنة 2010 فى الفترة من يوليه 2010 حتى يونيه 2011 رغم اختصاص الشئون القانونية بالهيئة بذلك.
 
كما وافقت ثريا شلبى رئيس صندوق العاملين بقطاع الأعمال العام والخاص على صرف مكافآت لبعض العاملين بالهيئة تحت بند عضوية اللجان رغم عدم إثبات إدراج أسمائهم في أي لجنة من اللجان المشكلة بلغت جملتها 41550 جنيهًا دون قواعد، فضلا عن صرف مبلغ 93200 جنيه كمكافآت لأعضاء لجنة إعداد اللائحة التنفيذية للقانون رقم 135 لسنة 2010.
 
وأثبت التقرير أن ثريا سلبي قامت بصرف مكافأة بلغت 57000 جنيهاً لأعضاء اللجنة المشكلة بالقرار 257 لسنة 2010 عن إعلان الوظائف رقم 4 لسنة 2010 بصورة مبالغ فيها، ودون وجود ضوابط للصرف من السلطة المختصة، كما قامت بصرف مبلغ 41049 جنيهًا لأعضاء لجنة من العاملين بالصندوق الحكومى بالمخالفة للقانون، كما قامت بصرف مبلغ 372641 جنيهًا مكافآت للعاملين بإدارات الحاسب الآلى وبعض الإدارات بالصندوق دون اي سند قانوني فضلا عن صرف مبلغ 210547,95 جنيهًا مكافآت لبعض ممثلى الصندوق بمجلس إدارة بعض الشركات، رغم أن اللائحة التنفيذية أقرت بأن تتحمل هذه الشركات تكلفة هذه المكافأت وليس هذه التأمينات، كما قامت بصرف مبلغ 20 مليون جنيه من حساب الأجور بموازنة الصندوق لتمويل الحساب الخاص بالرعاية الاجتماعية للعاملين بالصندوق بالمخالفة لقانون الموازنة والتأشيرات العامة للعام المالى 2010/2011.
 
                                  «مخالف للقانون»
 
أما الجهاز المركزي للمحاسبات فقد أكد في تقريره الذي أعدته أمانى سعد محمود مراقب حسابات بالجهاز المركزى للمحاسبات، أن صرف المكافآت للعاملين ومساعدى وزير المالية والمستشارين تمت بالمخالفة للمادة 123 من اللائحة التنفيذية لقانون الموازنة العامة للدولة رقم 53 لسنة 1973 والتى حددت أن يكون صرف المكافآت التشجيعية فى حدود ما يؤديه العامل من أعمال وجهود مميزة، وأن التوسع فى تشكيل اللجان لم يكن له ضرورة، وأن أعضاء اللجان كانت كبيرة لا تتناسب مع الأعمال المطلوبة، ومخالف للمادتين 47و122 من القانون والمادة 14 من لائحة قانون الضرائب.
 
                                             «تحقيقات النائب العام»
 
أحال النائب العام البلاغ الذي تقدم به الناشط الحقوقي أحمد فوقى، لنيابة وسط القاهرة للتحقيق فى فساد التأمينات والتلاعب بأموال المعاشات والذي حمل رقم 15641لسنة 2015 حيث قرر النائب العام إحالته لرئيس نيابة وسط القاهرة تحت رقم 1444لسنة 2015 للتحقيق فى وقائع الفساد كما وردت بالبلاغ المدمغ بالمستندات التي حصل «جورنال مصر» على نسخة منها.