هو واحد من أرقى أحياء القاهرة، التي لم تمتد إليه يد العشوائية، اقتصر سكنه على الطبقة الارستقراطية وكذلك كبار فناني الجميل والمشاهير، ومنهم كوكب الشرق أم كلثوم، وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، ولكنه قبلها كان حيًا للمجون للخلاعة والمجون، ثم حوله الخديو إسماعيل لحي راقي تقصده الطبقة الارستقراطية بديلًا عن حي الأزبكية الذي ارتادته.
5. حي العشش لا يسكنه سوى الثعالب والذئاب
قبل أكثر من قرن، كانت منطقة الزمالك مهجورة، لا يسكنها سوى الثعالب والذئاب والثعابين والعقارب، ولم يجرؤ أحد على السكن فيها بأى حال من الأحوال، الأتراك هم من أطلقوا عليها اسم «الزمالك» وهى كلمة تركية تعنى الثكنة العسكرية أو «العشش»، ومع مرور استخدم المصريون الترجمة وتجاهلوا الأصل، أي أن حي الزمالك كان اسمه في الأصل حي العشش.
4. محمدين يؤسس مملكته على أرض الزمالك ويورث إدارتها لولده عسران
في عام 1897، جاء عبد النعيم من بلدته قنا، وكان معه بعض المال ، فاشترى به قطعة أرض من تلك المنطقة بسعر لم يزد عن قرشين ونصف للمتر، طهر الأرض من الحيوانات المفترسة، واستصلحها للزراعة، وبالفعل أتت الأرض بثمارها، فأرسل عبد النعيم يستقدم فلاحين من قنا، ليستعين بهم فى مشروعه الناجح حتى تجاوز عدد أقاربه وبلديته بمنطقة العشش الألف وخمسمائه، فقرر التوسع واشترى باقى مساحة المنطقة ليطهرها هي الآخرى ويستثمر فيها، وأختير عمدة على أقاربه وفلاحي بلدته.
كبر عبد النعيم فى المكانة وطعن السن فتنازل عن مملكته لابنه عسران، الذى قام هو الآخر مع مرور الوقت بترك العمودية لابنيه فهمى وحسنى، اللذان قسما المنطقة إلى قسمين، واختار كل منهما قسمًا يشرف عليه ويفتشه بنفسه يوميًا.
3. السلطان شعبان بن قلاوون يهدم عشش المجون والخديوي إسماعيل يحول الجزيرة لموطن الطبقة الارستقراطية
جزيرة الزمالك التي أشترى محمدين معظم أجزاءها، سبقه إليها الخديو إسماعيل، وكانت جزيرة الزمالك تم تعميرها قبل عصر إسماعيل ولكنه عمر أطرافها، ولم يعمرها بالكامل مثلما فعل محمدين، حيث قام بتعمير المكان الذي انتشرت به في الماضي، أخصاص البوص التي استخدمت في اللهو والغناء والطرب، مما جعل بعض الناس يقبلون على الجزيرة، بعد أن بنوا العشش من البوص،وزرعوا في محيطها الزهور والبطيخ لتصبح بعدها مرتعًا لأصحاب الخلاعة.
ولما زادت تلك الأعمال أمر السلطان الكامل شعبان بن قلاوون، في القرن الرابع عشر، بحرق تلك الاخصاص، ثم جاء الخديو إسماعيل و أقام على طرف الجزيرة واحدًا من أكبر قصوره وهو سراى أو قصر الجزيرة الذى أنشئ على مساحة 60 فدانًا وتكلف 898691 جنيها وأتى بالمهندسين من فرنسا وايطاليا لانشائه، وتزيين حدائقه، واشترته بعد ذلك أسرة لطف الله وأصبح فندقا باسم عمرالخيام أو «ماريوت»، وصار الفندق هو صاحب الفضل في تحول الجزيرة إلى سكنى الطبقة الارستقراطية والراقية التي اقتصر سكنها على حي الأزبكية، وجاردن سيتي من بعده.
2. الزمالك يتحول لحي الأثرياء
وبمرور الزمن تناسى الناس فضل «الصعيدي وولده» فى تعمير الزمالك، وأصبح سكن للأمراء والأعيان والفنانين، ومنهم الأميرة فايزة والأمير طوسون إبراهيم والأمير سعيد طوسون وأغنى أغنياء مصر فى ذلك الوقت أحمد عبود باشا وعميد الآدب العربى طه حسين وسفارات لعدد من الدول.
1. تهجير الصعايدة إلى إمبابة من أجل أثرياء الزمالك
ومع تزايد الاهتمام بالزمالك وانتقال الأمراء والوجهاء إليها لوجود قصر الخديو إسماعيل، صدر قرار الصعايدة الذين عمروا الحي بدائ دي بدء إلى موضع آخر، حيث «عزبة الصعايدة» الموجودة حاليًا بحي إمبابة، والتى عرفت سابقا باسم عزبة عبدالنعيم.
أما اليوم فلم يعد يجمع بين حى الزمالك وعزبة الصعايدة سوى ذكرى عبدالنعيم الذى هاجر إلى القاهرة حاملًا على كتفيه طموحات وهوية صعيدية نقلها إلى أهله وعشيرته لتصبح عنوان منطقة بالكامل فى إمبابة، وذكرى سابقة فى جزيرة الزمالك. وحتى اليوم، لا تزال عزبة الصعايدة على وفائها لعبد النعيم محمدين الذى يخترق العزبة شارع باسمه، وشارع آخر باسم نجله عسران، الشوارع ضيقة والبيوت القديمة لايزال بعضها يحمل الطابع الريفى الذى اتخذه المهاجرون الأوائل، تزحف عربات التوك توك الصاخبة أمام المقاهى التى لا تزال تستضيف أصحاب الملامح الصعيدية السمراء وتجمعاتهم.