الأغنياء الأكثر ذهابا للمأذون مرتين .. والفقراء الأقل في هدم الأسرة

علماء الأزهر:
النبى وضع حجر الأساس لحماية الأسرة من الانهيار
ـ الإسلام يضيق منافذ الطلاق صيانة للحياة الزوجية


فى دراسة أخرجها مركز معلومات دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء أكد أن نسبة الطلاق في مصر وصلت لـ40% بمعدل 240 حالة طلاق يوميا، ليصل عدد المطلقات في مصر إلى 2.5 مليون فى حين تؤكد مصادر بالأمم المتحدة ان فى مصر أعلى نسبة طلاق فى العالم، والعجيب ان معظم حالات الطلاق توجد بين الأسر الغنية وليس له علاقة بالفقر.. "صوت الازهر" قارنت نتائج هذه الدراسة مع المبادئ التى أرساها النبي عليه الصلاة والسلام للعناية بالأسرة والحفاظ عليها من الانهيار والحد من حالات الطلاق وذلك في التحقيق التالي..




يقول الشيخ محمود إمبابى وكيل الأزهر الأسبق عضو مجمع البحوث الإسلامية إن للإسلام أثرا بارزا في بناء الأسرة ووضع الضوابط والمعايير التي تنظم قيامها باعتبار الأسرة مرآة تعكس المجتمع الذي تنشأ فيه من حيث عقيدته وحضارته وإحدى أهم لبنات المجتمع الإسلامي ولعل القرآن دلل على ذلك بنزول آيات في أمر تناقش فيه الزوجة زوجها {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير} مما يؤكد أن الأسرة فى الإسلام بكل تراثها التاريخى تمثل قيمة خاصة فى الامة فكان للزواج قدسيته اختيارا وحياة ومصيرا كما كان هناك حرص متبادل على استمرار الحياة الزوجية وكان الطلاق يمثل منعطفا خطيراً فى حياة الأزواج.
وأوضح أن الشريعة الإسلامية دون غيرها من الشرائع عنيت بالأسرة فيسرت لها الطرق والوسائل التي تحفظ أمنها وتديم استقرارها وكفلت لها الأمور التي تمنع انهيارها أو تدميرها، ونحن في عصرنا الحالي حيث تكثر الفواحش وتعم الفتن، لابد وأن نعود مرة أخرى إلى هذا المعين الذي لا ينضب من القرآن والسنة وأقوال السلف الصالح والتي تنير لنا طريقنا لحفظ هذا الاستقرار المنشود.

ميثاق غليظ
وأشار الى أن الأمور التي وضعها الإسلام حفاظا على استقرار الأسرة والمجتمع الإسلامي تضييق منافذ الطلاق صيانة للحياة الزوجية ونبه الإسلام على الزوجين أن يجتهدا في إصلاح ما بينهما إذا حدث شقاق أو نزاع؛ قال تعالى {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} وذلك للاستمساك بعقد الزوجية، الذي وصفه القرآن الكريم وصفًا يدل على عظمته في قوله سبحانه {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}
ونوه امبابى أن الإسلام حذر من الخضوع للنزوات والأهواء، والاستجابة للعاطفة لأن العاطفة تتغلب وتتقلب، فقد يشعر الزوج نحو زوجته بنفرة، وعليه أن لا أن يلجأ بذلك إلى الطلاق استجابة لهذه النفرة الموقوتة كما أمر الله {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} وقال صلى الله عليه وسلم "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر" لأن الحياة الزوجية إذا فقدت الحب فإنها جديرة بألا تفقد التعاون والتكافل، وجديرة بألا تفقد التحرج من التفريق الذي يشقى الزوجة، ويشقي أولادها، وكثيرا ما يشقَى الزوج نفسه.
لافتا الى أن الإسلام وضع الكثير من الضوابط التي تصون الأسرة المسلمة وتحفظها من التفكك، لأن الأسرة هي عماد المجتمع وحصنه وهذا من تمام عدل هذه الشريعة وكمالها وحرصها على ما ينفع البشر في حاتهم.


تطورات كبيرة
من جانبها قالت الدكتورة آمنة نصير استاذ العقيدة والفلسفة والعميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية بنات الأزهر ان الأسرة هى وحدة النظام الاجتماعي الذي ظهر مع خلق الله للإنسان على الأرض وقد مرت الأسرة من بداية نشأتها وحتى وقتنا المعاصر بعدد من التطورات الكبيرة سواء على مستوى حجمها وهيكلها أو على مستوى العلاقات بين أفرادها أو بين الأسر بعضها ببعض أو من حيث أهدافها ووظائفها وأدوارها. إلا أن الروابط الأسرية في المجتمع المعاصر أصبحت أقرب إلى التفكك والانهيار.
وأكدت نصير أن للإسلام في هذا الجانب دورا كبيرا فى الحفاظ على روابط الأسرة والذى بدأ من اختيار أهم طرف وهى الأم ولذا قال عليه الصلاة والسلام "تنكح المرأة لأربع .." مروراً بتسمية الأبناء بأسماء مقبولة فلقد جاء رجل لعمر بن الخطاب يشتكى ولده العاق فقال أمير المؤمنين للولد: لماذا تعق والدك؟ فقال الولد: فما حقى على والدى؟ فقال عمر "أن يختار امك واسمك وأن يربيك على القرآن".. ولما خلت الأسرة من تلك الضوابط انهارت .

آثار بارزة
وأشارت الى أن من الثابت في الأدبيات الاجتماعية أن الأسرة منذ بداياتها الأولى وحتى اليوم كانت لها آثار دينية وخلقية وتربوية فهي التي كانت تضع النظم الخلقية والقواعد السلوكية وتفصل أحكامها وتوضح مناهجها وتقوم بحراستها وهي التي كانت تميز الخير من الشر والفضيلة من الرذيلة وترسم مقاييس الأخلاق ولذا فالصحابيات كن يطلبن من أزواجهن أن يتقوا الله فيهن ولا يطعمونهن إلا حلالا فإنهن يصبرن على الجوع والعطش ولا يصبرن على حر جهنم .
وتابعت الدكتورة: لذلك أوصى النبى بالنساء فى خطبة الوداع لاستمرار قيام الأسر الناجحة ليكون لها آثار بارزة في معظم النواحي الاجتماعية وإفراز نماذج قويمة يرتفع بها شأن الأمة ولذا أتى نداؤه عليه الصلاة والسلام فى خطبة الوداع "أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقاً ولكم عليهن حقا... فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً. ألا هل بلغت...اللهم فاشهد".