في احتفال كبير أقامه الرئيس حسني مبارك بمقر رئاسة الجمهورية صباح أمس لتكريم ابن مصر جراح القلب العالمي الدكتور مجدي يعقوب تقديرا لجهوده العلمية والطبية والإنسانية

وخدماته العلاجية المجانية للمرضي المصريين الفقراء‏..‏ قلد الرئيس مبارك الدكتور مجدي يعقوب قلادة النيل العظمي التي تعد أعلي الأوسمة المصرية‏.‏

ويأتي تكريم الدكتور يعقوب تقديرا لمسيرته الطويلة في التفوق العلمي والعطاء الإنساني‏,‏ ولما قام به خلال الأشهر الماضية من مبادرات لإنشاء مركز جراحات القلب‏,‏ وتأسيس جمعية سلاسل الأمل التي تتولي علاج الأطفال ومرضي القلب والمحتاجين من مصر والعديد من الدول العربية والإفريقية‏,‏ فضلا عن مبادرته لإنشاء مركز تعليمي علاجي متخصص في علاج الأطفال والحالات الحرجة لكبار السن وبمشاركة جراحين من مصر والعالم وبرعاية هيئة تمريض متخصصة من مصر ومختلف دول العالم‏.‏

حضر الاحتفال السيدة سوزان مبارك قرينة رئيس الجمهورية‏,‏ وكبار رجال الدولة‏,‏ وفي مقدمتهم رؤساء مجالس الوزراء‏,‏ والشعب‏,‏ والشوري‏,‏ وفضيلة الإمام الأكبر الكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر‏,‏ وعدد من الوزراء ورؤساء الأحزاب‏,‏ والجامعات‏,‏ وكبار رجال الدولة من السياسيين والإعلاميين‏.‏

بدأت مراسم الاحتفال بكلمة للرئيس مبارك أكد فيها ان الدكتور مجدي يعقوب يعد نموذجا للنجاح يطرح أمام شبابنا بما ينطوي عليه من رسائل ودلالات ومعان‏,‏ وانه نموذج للتصميم ووضوح الرؤية للمستقبل‏,‏ كما انه نموذج رفيع للاقتناع بقيم الإنسانية ووحدة ابناء البشر‏,‏ ونموذج راق للاخلاص لمصر وللبسطاء من ابنائها لم ينشغل عنها أو عنهم ولم يتعال عليهم أو يكتف بالحديث عن معاناتهم‏,‏ ولم يبتغ مغنما أو مصلحة ذاتية‏,‏ وعمل في صمت دون صخب أو ضجيج‏.‏

ودعا الرئيس مبارك في كلمته الحكومة والقطاع الخاص للوقوف إلي جانب هذا النموذج الناجح ومساندة الجهود التي يبذلها‏.‏

وقال إن هذا التكريم يأتي عن جدارة واستحقاق‏,‏ وهو تكريم ليس للدكتور مجدي يعقوب فحسب وإنما لما يرمز اليه من عطاء مصري أصيل لهذه الأرض الطيبة ولشعبها العريق‏.‏

وقال الرئيس مبارك إن الدكتور مجدي يعقوب برهن علي احساس وطني عال وإدراك لما يقترن بالشهرة والنجاح من مسئولية اجتماعية وأخلاقية وإنسانية‏.‏ كما برهن علي ان العمل من أجل الوطن والبسطاء من أبناء الشعب يتجاوز المفهوم التقليدي للعمل الخيري لمفهوم اكثر شمولا يقرن الاقوال بالافعال ويسهم في تغيير ملموس للواقع علي نحو علمي وعلي الأرض‏.‏ واشار الرئيس مبارك الي انه يتطلع لافتتاح مركز اسوان لدراسات امراض القلب ليصبح مع المركز الجراحي القائم حاليا نواة لمركز طبي عالمي يقوم ويتوسع علي ارض الصعيد‏.‏ وفيما يلي نص كلمة الرئيس‏:‏

الإخوة والأخوات‏..‏

نلتقي اليوم تكريما للدكتور مجدي حبيب يعقوب‏..‏ واحتفاء به‏..‏ ابنا بارا من أبناء مصر‏..‏ ونبتة طيبة من أرض الوطن‏..‏ نحتفل به ونكرمه‏..‏ رمزا بين رموز عديدة‏..‏ علي أصالة هذا الشعب العريق وعطاء أبنائه‏..‏ وعلي تنوع مجالات تميز المصريين ونبوغهم‏..‏ وقدرتهم علي مواكبة أحدث علوم العصر وتقنياته‏..‏ بل والمساهمة في تطويرها والإضافة اليها‏.‏

أنجبت مدينة‏(‏ بلبيس‏)‏ هذا الابن البار‏..‏ في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي‏..‏ لعائلة مصرية قبطية تأتي أصولها من‏(‏ أسيوط‏).‏ درس الطب بجامعة القاهرة كآلاف المصريين‏..‏ واستكمل دراساته في‏(‏ شيكاغو‏)‏ ومنها الي‏(‏ لندن‏)..‏ فأثبت منذ سنوات الستينات اجتهادا ومثابرة ونبوغا‏..‏ وصار علما من أعلام الطب‏..‏ واستشاريا لأمراض القلب‏..‏ ورائدا من رواد جراحات نقل الأعضاء وزرع الخلايا الجذعية‏.‏

حصل الدكتور مجدي يعقوب علي ألقاب ودرجات شرفية رفيعة‏..‏ من جامعات عديدة علي اتساع العالم‏..‏ منحته الملكة اليزابيث الثانية لقب‏(‏ فارس‏)‏ عام‏1992..‏ وحاز جائزة‏(‏ فخر بريطانيا‏)‏ عام‏.2007‏

يطلق عليه الإعلام البريطاني لقب‏..(‏ ملك القلوب‏)..‏ ونحن ـ هنا في مصر ـ نحمل له في قلوبنا الاعتزاز بانتمائه لوطنه الأم‏..‏ فبرغم ما حازه من مجد وشهرة في بريطانيا والعالم‏..‏ لأكثر من نصف القرن‏..‏ فان زياراته لم تنقطع لهذه الأرض الطيبة‏..‏ أجري العديد من جراحات القلب المفتوح لبني وطنه‏..‏ بالمجان‏..‏ ثم عاد لبلده بعد رحلة حياة شاقة وناجحة‏..‏ لينشئ علي ارض‏(‏ أسوان‏)‏ مركزا لجراحات القلب‏..‏ لعلاج الحالات الحرجة لغير القادرين‏..‏ كما شرع في إنشاء مركز آخر ـ ملحق به ـ لدراسات وأبحاث أمراض القلب‏.‏

وفضلا عن ذلك‏..‏ فقد أطلق الدكتور مجدي يعقوب مبادرته الإنسانية‏..(‏ سلسلة الأمل‏)..‏ في عمل خيري عالمي رائد‏..‏ يرعي مرضي القلب من الأطفال بالعديد من الدول النامية‏..‏ ويسهم في إتاحة الرعاية الصحية وتنمية المجتمعات المحلية بهذه الدول‏.‏

الإخوة والأخوات‏..‏

إنني اطرح هذا النموذج للنجاح أمام شبابنا‏..‏ بما ينطوي عليه من رسائل ودلالات ومعان‏.‏

هو نموذج للتصميم ووضوح الرؤية للمستقبل‏..‏ فقد قرر‏(‏ السير مجدي يعقوب‏)-‏ منذ سنوات شبابه المبكر ـ ان يكون جراحا‏..‏ كوالده‏..‏ وعندما توفت إحدي عماته بضيق في صمام القلب‏..‏ قرر ان يصبح جراحا في هذا التخصص بالذات‏.‏ درس واجتهد وثابر‏..‏ فتحقق له ما تطلع إليه‏..‏ وصار علما من أعلام جراحات القلب علي مستوي العالم‏.‏

وهو نموذج رفيع للاقتناع بقيم الإنسانية‏..‏ ووحدة أبناء البشر‏..‏ كان من السهل علي عالم كبير مثله‏..‏ ان يكتفي بما ناله من شهرة ومال ومكانة‏..‏ لكنه ابي إلا يكون بين اطفال فقراء العالم‏..‏ يعطيهم من علمه ووقته وخبرته‏..‏ ليعالجهم دون مقابل‏.‏

وهو فوق كل ذلك‏..‏ نموذج راق للإخلاص لمصر‏..‏ وللبسطاء من أبنائها‏.‏ لم ينشغل عنها او عنهم‏..‏ ولم يتعال عليهم او يكتف بالحديث عن معاناتهم‏..‏ لم يقل اني أو انا‏..‏ ولم يبتغ مغنما أو مصلحة ذاتية‏..‏ عمل في صمت‏..‏ دون صخب أو ضجيج‏..‏ وذهب الي أقصي صعيد مصر‏..‏ فأقام مركزا متطورا لجراحات القلب‏..‏ شارك في تمويل نفقاته من حر ماله‏..‏ يعالج الفقراء بالمجان‏..‏ ويسهم في تدريب جيل جديد‏..‏ من الأطباء وأطقم التمريض‏.‏

خلال عام واحد‏..‏اجري البروفسور مجدي يعقوب ومعاونوه‏..(190)‏ عملية قلب مفتوح‏..‏ ونحو‏(450)‏ عملية قسطرة‏..‏ كما فحص أكثر من‏(3000)‏ حالة ممن يعانون من أمراض القلب‏..‏ كانت الغالبية منهم من أبناء مصر الصعيد‏..‏ لا فارق بين مسلميهم وأقباطهم‏.‏

وبالإضافة الي ذلك‏..‏ فقد تبنت‏(‏ مؤسسة مجدي يعقوب‏)‏ الخيرية‏..‏ بالتعاون مع‏(‏ مكتبة الإسكندرية‏)..‏ برنامجا لأمراض القلب الوراثية علي المستوي القومي‏..‏ بدءا بمحافظات أسوان والقاهرة والإسكندرية والمنوفية‏..‏ أسهم ـ حتي الآن ـ في متابعة حالات أكثر من‏(1600)‏ من الأسر المصرية‏.‏

السيدات والسادة‏..‏

لقد برهن الدكتور مجدي يعقوب علي احساس وطني عال‏..‏ وادراك لما يقترن بالشهرة والنجاح من مسئولية اجتماعية وأخلاقية وانسانية‏.‏ كما برهن علي ان العمل من أجل الوطن‏..‏ والبسطاء من أبناء الشعب‏..‏ يتجاوز المفهوم التقليدي للعمل الخيري‏..‏ لمفهوم أكثر شمولا‏..‏ يقرن الأقوال بالأفعال‏..‏ ويسهم في تغيير ملموس للواقع‏..‏ علي نحو عملي‏..‏ وعلي الأرض‏.‏

انني لأدعو الحكومة والقطاع الخاص‏..‏ للوقوف الي جانب هذا النموذج الناجح‏..‏ أدعوهم لمساندة الجهود التي يبذلها الدكتور يعقوب‏..‏ لتعبئة الموارد المالية‏..‏ واتطلع لافتتاح‏(‏ مركز أسوان لدراسات امراض القلب‏)..‏ ليصبح مع المركز الجراحي القائم حاليا‏..‏ نواة لمركز طبي عالمي‏..‏ يقوم ويتوسع علي أرض الصعيد‏.‏

إن الدولة تبذل أقصي جهودها للإرتقاء بالتعليم‏..‏ بما في ذلك العلوم الطبية‏..‏ نجتهد للنهوض بالرعاية الصحية لأبناء الشعب‏..‏ وفق رؤية واضحة لنهضة مصرية شاملة‏..‏ تدفع بمجتمعنا الي الأمام‏.‏ لكن جهود الدولة تظل في حاجة ماسة‏..‏ لجهود موازية وداعمة‏..‏ للقطاع الخاص والمجتمع المدني المصري‏..‏ ولكل عطاء مخلص وجاد لأبناء الوطن‏.‏

إن هذا التكريم الذي أشارك فيه اليوم‏..‏ هو تكريم يأتي بحق عن جدارة واستحقاق‏..‏ وهو تكريم ليس للدكتور مجدي يعقوب‏..‏ فحسب‏..‏ وإنما لما يرمز إليه من عطاء مصري أصيل‏..‏ لهذه الأرض الطيبة‏..‏ ولشعبها العريق‏.‏

نكرم الدكتور مجدي يعقوب‏..‏ إبنا نابغا وأصيلا من أبناء مصر‏..‏ ونموذجا للنجاح والعطاء للوطن‏..‏ ونكرم في شخصه فريقه ومعاونيه‏..‏ والداعمين لأنشطته بالمال والجهد‏.‏

نكرم في شخصه‏..‏ العديد من ابناء مصر النابغين‏..‏ ممن يجتهدون علي أرضها‏..‏ أو يسهمون بعطائهم خارج حدودها‏..‏ فيحملون معهم اسم مصر‏..‏ ويحوزون تقدير وإعجاب العالم‏.‏

إنني أقوم بتقليد الدكتور مجدي يعقوب‏..‏ قلادة النيل العظمي‏..‏ اعلي أوسمة الوطن‏..‏ لا تمنحها مصر سوي لرؤساء الدول‏..‏ ولمن يقدمون الخدمات الجليلة للوطن والانسانية‏.‏ أقوم بتقليده أمامكم هذه القلادة الرفيعة‏..‏ تقديرا لمكانته العلمية واسهاماته للطب والانسانية‏..‏ وتعبيرا عن الإشادة والامتنان‏..‏ لما قدمه للوطن وأبنائه من بذل وعطاء‏.‏

حفظ الله مصر‏..‏ وجعل لها من أبنائها ذخرا وسندا‏..‏ جيلا بعد جيل‏.‏

وقائع الاحتفال

وبعد ذلك‏,‏ تمت تلاوة قرار رئيس الجمهورية رقم‏1‏ لسنة‏2011‏ بمنح قلادة النيل العظمي للدكتور مجدي يعقوب‏..‏ ثم تفضل الرئيس بتقليد الدكتور مجدي يعقوب القلادة‏.‏ ثم ألقي الدكتور يعقوب كلمة أعرب فيها عن شكره وتقديره للرئيس مبارك لتكريمه ومنحه هذا الوسام الرفيع‏..‏ مؤكدا ان مشروع مركز جراحات القلب الذي اقامه في أسوان هو لخدمة الانسانية بالإضافة الي الارتقاء بالتدريب والبحوث العلمية‏.‏

وقال إن هذا التقدير والتكريم ليس لشخصه فقط وانما لفريق العمل الذي يعمل معه ككل لأنه فريق يؤمن بهذه الرسالة وان النجاح الذي يتحقق يتم من خلال التعاون بين جميع الزملاء علي مستوي العالم‏.‏

وجدد د‏.‏مجدي يعقوب في تصريحات صحفية له عقب الاحتفال بتقليده قلادة النيل العظمي‏,‏ الشكر والتقدير للرئيس مبارك‏,‏ الذي شرفه بمنحه أرفع وسام مصري علي الاطلاق‏..‏ وانه يعتبر هذا التكريم بمثابة هدية للإنسانية وللعلم‏,‏ ولكل العاملين في مركز أسوان للقلب‏,‏ مؤكدا ان ما انجزه وينجزه هذا المركز إنما هو نتاج لجهد جماعي من جانب كل أعضاء الفريق العامل بالمركز من الاطباء والممرضين والفنيين وغيرهم‏.‏

وقال يعقوب إنه يعتز للغاية بهذا التقدير‏,‏ الذي جاء من الرئيس مبارك‏,‏ ومن الشعب المصري كله‏.‏

وحول ما اذا كان عنصر التدريب سيكون جزءا رئيسيا من انشطة مركز اسوان للقلب‏,‏ الي جانب أنشطتها الجراحية والعلاجية‏,‏ أكد د‏.‏ مجدي يعقوب أن التدريب يأتي علي رأس اهتمامات واولويات المركز‏,‏ لكل عناصر المنظومة العاملة بالمركز‏,‏ من اجل ضمان استمرار أفضل خدمة طبية ممكنة لجميع المرضي‏,‏ وبخاصة غير القادرين والأطفال علي المدي البعيد‏.‏

واشار يعقوب كذلك الي ان البحوث العلمية تعد كذلك من أبرز اهتمامات المركز وتتوازي في اهميتها مع عنصري العلاج والتدريب‏..‏ موضحا أن البحوث العلمية والتدريب بالمركز سيجري بالتعاون مع نخبة من أهم وأكبر الاطباء والعلماء من داخل مصر وخارجها‏,‏ سيتم اختيارهم بعناية لتحقيق تلك الغاية‏..‏ كما اشار الي ما يوليه المركز من اهتمام خاص في هذا الصدد بتدريب كوادر التمريض علي وفق ارقي المعايير العالمية‏,‏ نظرا لأهميتهم في انجاح منظومة العلاج‏,‏ والذين سيحظون بتدريب رفيع المستوي في الداخل‏,‏ وفي الخارج أيضا‏.‏

وقال د‏.‏مجدي يعقوب إنه يعتبر أن أهمية مركز أسوان للقلب تنبع اساسا من كونه معنيا بالمستقبل‏,‏ واستمرار التحديث والتطوير والبحث العلمي في مجال امراض القلب‏,‏ وليس فقط الاكتفاء بمجرد تقديم الخدمة العلاجية‏,‏ وهو ما يؤكد رسالة المركز في ايلاء أكبر قدر من الاهمية لتدريب الكوادر من شباب الأطباء والجراحين‏.‏

وأعرب الجراح المصري العالمي عن ثقته في أن مركز أسوان للقلب سوف يحتل مكانا رفيعا علي قائمة المراكز المتخصصة في هذا المجال علي مستوي العالم‏,‏ ليس فقط في مجال العلاج‏,‏ وانما ايضا في مجال البحوث العلمية المرتبطة بأنشطته‏.‏