بين صفوف السيارات المتراصة فى زحام منطقة "الكُربة" بمصر الجديدة تتنقل أقدامه بكل سرعة فى محاولة لالتقاط لقمة عيش من فم الزحام، بعض المناديل والكلمات الخفيفة هم سلاحه الوحيد الذى يحاول به اقتناص بعض الجنيهات بينما يربك المشهد البذلة المهندمة التى يرتديها ومن فوقها رابطة عنق زرقاء مقلمة ومربوطة بعناية لا تحركها سوى تنقلاته السريعة فوق قميص أبيض مكوى ومنظف جيدا. هذا هو علاء حسام، ذو الـ32 عاما، الذى حمل بذلته الوحيدة إلى شوارع مصر الجديدة مع بعض المناديل الورقية طمعا فى لقمة عيش بالملابس الرسمية. "زهقت من التنطيط والشغل عند ناس بتمص الدم على الفاضى فقولت اشتغل عند نفسى حتى لو فى الشارع".. هكذا يبرر الشاب الحاصل على دبلوم الميكانيكا مهنته الجديدة ويتابع "كنت عايز ألفت نظر الناس أن ممكن حد يكون بيلبس كويس وعنده فرص أنه يكون أحسن لكن ظروف البلد بتجبره أنه ينزل يبيع مناديل فى الشارع. يقطع الحوار ويتحرك وسط السيارات مرددا كلمات سريعة "بجنيه يا أستاذ.. منديل يا هانم.. اللى عايز مناديل".. ثم يعود ليسترجع ثلاث عقود مضت ويقول: اشتغلت كل حاجة كانت بتقع قدامى بس تعبت من الشغل عند الناس.. اللى مالوش حد يسنده صعب أنه يعمل حاجة. يرفض بشدة الإفصاح عن سعر بزلته ولكنه فى نفس الوقت يؤكد: الشهادة لله ساعدت الواحد شوية، وبقت بتشد عين الناس وتشجعهم أنهم يشتروا منى، وادينا بنعافر فى وش الزحمة والدوشة بأى حاجة تجيب شوية فلوس. يوجه رسالة سريعة لكل المسئولين عن أحوال الشباب ويقول: هى مش محتاجة كلام كتير بس فعلا معظم الشباب مش لاقيين شغل، يا ريت كل المسئولين يحسوا بينا شويه ويحاولوا يقدموا لينا فرص لشغل وحياة أحسن من اللى شفناها السنين اللى فاتت.