رغم إساءة ما يسمى بتنظيم "داعش" الإرهابي إلى الإسلام، وابتعاده عن منهجية وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، إلا أن الأزهر الشريف رفض تكفيره حتى لا يقع في فتنته، وهو ما لا يمكن لمنهجه الوسطيّ المعتدل أن يقبله بحال.

حيث نفى الأزهر الشريف في بيانه الختامي، عقب انتهاء مؤتمر "الأزهر ضد الإرهاب والتطرف"، تكفيره لداعش أو غيره، مؤكدا أن كل الفرق والجماعات المسلحة والمليشيات الطائفية التي استعملت وتستعمل العنف والإرهاب في وجه أبناء الأمة، رافعة "رايات إسلامية" زورا وبهتانًا؛ هي جماعات آثمة فكرًا، وعاصية سلوكا، وليست من الإسلام الصحيح في شيء.

وحول موقف الأزهر الشريف تجاه هذا التنظيم، استطلع "الدستور" آراء عدد من الخبراء على تنوع انتماءاتهم وفكرهم، والذي أشادوا جميعًا بموقف الأزهر الشريف بعدم تكفيره كل من نطق الشهادتين، مؤكدين أنه عبَّر عن الصورة الحقيقية للإسلام الوسطي المعتدل.

في البداية، أثنى محمود عاشور، وكيل الأزهر السابق، على موقف الأزهر الشريف برفضه تكفير تنظيم داعش، قائلا: "لا يمكن أن يتحول الأزهر إلى جهة تكفير، فلا يستطيع أحد أن يخرج- كل من نطق الشهادة- عن الإسلام".

وأوضح أن تكفير الناس كان جزءا من أخطاء الإخوان، ولا يمكن أن يتحول الأزهر مثلهم، مشيرًا إلى أن ما ذكره يتوافق مع تمام الدين والسنة، وأن تنظيم "داعش" خارج عن الدين لكن أعضاءه ليسوا بكفرة.

ومن ناحية أخرى، قال كمال الهلباوي، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية، أن التكفير مسألة دقيقة في الدين الإسلامي، فتكفير أحد الأشخاص أو الجهات وإخراجه عن الملة؛ أمرٌ في غاية الصعوبة.

وأضاف: "جميعنا يعرف الآن أن داعش تنظيم إرهابي، وطالما ينطق أفراده الشهادة؛ فلابد أن نبتعد عن التكفير، حتى إذا كفرونا، اقتداء بسنة على بن أبي طالب- رضي الله عنه- عندما رفض تكفير الخوارج.

وأشاد الهلباوي، بالموقف الصحيح الذي اتخذه الأزهر حيال هذا التنظيم، مؤكدًا أن موقف الأزهر يعبر عن حقيقة الإسلام المعتدل.

وفي ذات السياق، أوضح نبيل نعيم، القيادي الجهادي السابق، أن الأزهر الشريف يقتدي بالسنة، حيث إن تنظيم "داعش" يمارس الآن نفس تصرفات الخوارج أيام عليّ بن أبي طالب، ورغم ذلك؛ لم يتم تكفيرهم.

ولفت إلى أن التكفير مرتبط بأن يجحد تنظيم "داعش" شيئًا معلومًا من الدين بالضرورة، وبالتالي، تكون أفعالهم مُجَرَّمَةً، وتستوجب قتلهم دون تكفيرهم، وموقف الأزهر سليم تماما.

وأكد عوض الحطاب، القيادي بجبهة إصلاح الجماعة الإسلامية، أن بيان الأزهر يتفق مع الشرع، وأن "داعش" وإن كانت من الخوارج؛ لكن لا يجوز تكفيرهم إلا بعد إقامة الحجة عليهم كما فعل الإمام علي مع الخوارج.

وشدد الحطاب على أن دور الأزهر هو إظهار الدين الحقيقي حتى لا ينجرف أحد خلف إغراءات التنظيمات المتطرفة التي تتخذ من الدين ستارًا لتحقيق أغراضها الدنيوية.

وبينما أشار عبد النبي عبد الستار، المتحدث باسم تيار الاستقلال، إلى أن الأزهر الشريف- برفضه تكفير داعش، بكل ممارساته اللا إنسانية واللا إسلامية-؛ يقدم درسا في كيفية التعامل الإسلامي المعتدل حتى مع أشد الناس عداوة للإسلام، على حد قوله.

وأكد عبد الستار، أن الأزهر وجه ضربةً قاصمةً لشيوخ التكفير، ووضع قاعدة هامة، "أن الله وحده هو من يحاسب على الإيمان أو الكفر به وليس البشر"، لافتًا إلى أن هذا الموقف الأزهري؛ سيحد كثيرا من حُمَّى تكفير البشر التي تجتاح مصر منذ 4 سنوات.

وصف المستشار يحيى قدري، نائب رئيس حزب الحركة الوطنية، "داعش" بأنه تنظيم إرهابي، وأعضاؤه قتله يستبيحون الدماء، وأنه بغض النظر عن كونهم كفرةً أو مؤمنين؛ فهم مجرمون، وهذا وحده كفيل للحكم عليهم بالإعدام.

واختتم، بأن الله-سبحانه وتعالى- وحدهُ، هو الموكل بالحكم على إيمان أو كفر البشر، وأن الأزهر عليه مناقشة ما يقوم به هذا التنظيم من ممارسات، وتوضيح مخالفتها للإسلام، ومعارضتها مع المنهج الوسطي المعتدل.