ساحة انتظار قصر العينى، هو المكان الذى اختارت أن تضع فيه "أم مصطفى" قواعد مختلفة لركن السيارات التى تتحرك بها بخفة وسط زحام الجراج، سنّها المتقدمة وساقها المبتورة التى لا تسعفها فى الركض أحيانا، وغيرها من المعوقات لم تقف أمامها للسيطرة على ساحة الانتظار بـ"موتوسيكل" يسعفها على اللحاق بالسيارات قبل الخروج. "الست لما تتحط فى ظروف صعبة لازم تبقى أقوى وأشد من 100 راجل"، حاولت أم مصطفى السيدة الستينية تلخيص مشوار حياتها مع مهنة صعبة كسايس جراج فى هذه الجملة. "لقمة العيش مبتفرقش بين راجل وست لو الظروف حكمت"، تكمل "أم مصطفى الحكاية التى انتهت بها "سايس جراج" وتقول: الظروف حكمت عليا بالانفصال عن زوجى وتحملى مسئولية عائلة كاملة، قررت أنزل الشارع واشتغل بعرق جبينى، وفعلا بعد مشوار طويل قدرت أخد الساحة دى. وعن إعاقتها التى لم تمنعها عن مزاولة مهنة قد تصعب على غيرها من الرجال الأصحاء، تقول "حكم عليّا ربنا بإعاقة بتر لقدمى من الدرجة الأولى، لكنها ماقدرتش تمنعنى عن الشغل، لأن ربنا بيدى الصحة على قد المجهود، وقدرنى واشتريت (موتوسيكل) اتحرك به وسط الجراج واجمع الفلوس من الزبائن". وعن بعض المواقف الصعبة التى تعرضت لها: "ساعات الناس مابترضاش تدفع الفلوس وبتحاول تبلطج وتجرى بالعربية مستغلين إعاقتى، لكنى بركب الموتوسيكل وأجرى وراهم ومسبهمش مهما عملوا". "أم مصطفى" السيدة التى تفك الخط بالكاد، لديها من الإصرار والرؤية الاقتصادية ما لا يملكه غيرها من أصحاب الشهادات، فالحياة بالنسبة إليها رحلة صعبة يجب أن تتحمل ضرائبها، والأنوثة من وجهة نظرها قوة، أما العمل فهو حياتها بالكامل والذى توصفه دائما "الشغل للجدعان".