قادتها آلامها للبحث عن تذكرة عبور لبلاد العم سام، لعلها تجد دواء يشفيها من مرض السل الذي أصابتها به الخمور والتدخين، رغبت الراحة فنالتها للأبد، حين تحطمت الطائرة التي كانت تقلها، منهية رحلة امتدت 30 عاما، إنها ليليان ليفي فيكتور كوهين أو "كاميليا" كما اشتهرت وعرفها الجميع.

ولدت في 13 سبتمبر 1919، من علاقة بين والدتها والعشيق، الذي هرب فأعطت لها أمها اسم ليفي كوهين، صاحب البنسيون الذي كانت تقيم به، وتلقت تعليمها بالمدارس الإنجليزية بالإسكندرية.

شبت مُحِبة للمال ومتطلعة للشهرة، فأثارت اجتماعياتها الكثير من الجدل حولها، حيث اعتمدت بشكل أساسي على جمالها وأنوثتها للوصول إلى الثراء والشهرة، وتعرفت على المخرج أحمد سالم بفندق "وندسور" عام 1946، وطلبت منه مشاهدة العرض الخاص لفيلمه الجديد "الماضي المجهول"، فدخلت السينما من خلاله، وكانت بداية أعمالها السينمائية في 1947 بفيلم "القناع الأحمر"، وانتهي الأمر بزواجها من "سالم".

تطلعاتها للشهرة والثراء، دفعتها لمجالسة الطبقة الراقية بالإسكندرية، وتعرفت من خلالهم على سيد اللوزي، صاحب مصانع الحرير بالقاهرة، الذي كان نافذتها على عالم السياسيين والأثرياء، كما تعرفت على الملك فاروق عندما قدمها له مدير شؤونه الخاصة، أنطون بوللي، عام 1947، فتن بها وتربعت في قلبه، وحاولت هي السيطرة عليه، فطلبت منه السفر في رحلة بحرية لقبرص، بعد كثرة الإشاعات والأقاويل عن علاقتهما.

اشترى فاروق لكاميليا فيلا فاخرة بالجزيرة أسماها "أولغا كوهين"، إلا أن الأمر لم يخفى عن الصحافة خاصة الإنجليزية والفرنسية، فأمر الملك فاروق اليخت "فخر البحار" بمغادرة الجزيرة، وتركها في الفيلا بقبرص بعد أن علم بالأمر.

"إما أن تعود إلى قبرص أو انتحر".. تلك الرسالة التي بعثتها كاميليا للملك، لكنها وقعت بين يدي الوكالة اليهودية في القدس، وكانت السبب في تجنيدها للعمل لصالح إسرائيل، فاتصل حينها رئيس المخابرات بالوكالة بمدرب رقص شرقي ومدير معمل أفلام أنور وجدي، لتجنيدها، فكانت تزود الوكالة بالمعلومات التي تتحصل عليها من الملك، ومع بدايات 1949 علمت أن الملكة نازلي والدة الملك تحضر لزواجه من ناريمان صادق ابنة وكيل وزارة المواصلات، فبادرت بفكرة الزواج العرفي منه بعد ان غيرت ديانتها اليهودية إلى المسيحية بصفة رسمية في كنيسة سان جوزيف بالقاهرة.

بين تخلص رجال الملك منها خشية على العرش، وتخطيط الموساد والمخابرات الإسرائيلية للتخلص منها بعد كشفها، تاهت حقيقة مقتلها، إلا أنها لقيت حتفها بتحطم الطائرة التي لم تجد عليها مكانا وفقدت الأمل في السفر لروما حتى اللحظات الأخيرة، قبل أن تحصل على تذكرة بديلة من أحدهم الذي تخلف عن السفر بسبب مرض والدته، والمفاجأة أنه الكاتب الكبير أنيس منصور، الذي كتب عنها "ماتت لأعيش أنا"، فتحطمت الطائرة بعد أن هوت نتيجة اندلاع النيران بها، فوق بلدة الدلنجات بمحافظة البحيرة.

مشوار سينمائي خطته كاميليا، بداية من "القناع الأحمر" مع فاتن حمامة، و"الروح والجسد" مع كمال الشناوي وشادية، و"امرأة من نار" مع رشدي أباظة، و"المليونير" مع إسماعيل ياسين، وغيرهما، لما يقرب من 20 فيلم، حتى تحولت حياتها بعد مماتها إلى فيلم آخر لا يعرف أحد قصته الحقيقية.