فى الوقت الذى يتململ فيه طلبة المدارس من العودة إلى صفوفهم، يتأهب «يوسف» لاحتضان كتبه، وشنطته المدرسية يحصى الأيام والليالى للعودة، حيث أصبح يقضى الساعات داخل حجرته، متفقداً حجم ادخاره طوال فترة الإجازة، حتى يهبه إلى مشروع حفر قناة السويس، بعد أن علم من والدته أن هناك وفوداً من القناة ستزور المدارس لمشاركة الطلاب فى المشروع بشراء شهادات استثمارية، عازماً النية على أن يكون أصغر المستثمرين فى القناة حتى ولو كان بـ«20 جنيهاً».

«أنا وطنى وبحب بلدى، والمشروع ده هيخلى ناس كتير تشتغل ويقل عدد الفقراء» كلمات منمقة عبر بها «يوسف أشرف»، طالب الصف الأول الإعدادى، عن فصاحة لسانه التى لا تتماشى مع حداثة سنه، فالمستثمر الصغير لم يتعد الـ13 سنة، ومع ذلك يسعى لأن يكون عنصراً فاعلاً لخدمة البلد «الفلوس مش كتير، بس أنا كل ما أحوش هتبرع، وهحط الفلوس من دلوقتى فى الشنطة، عشان أول ما أرجع المدرسة ويطلبوا التبرع وأدفعه وأبقى سبب فى أن ناس كتير تشتغل»، رغم عدم إدراك «يوسف» الكامل عن الفائدة التى ستعود على الدولة من وراء محور قناة السويس الجديد، فإنه يتابع القنوات الفضائية ويشاهد الفرحة العارمة المرتسمة على وشوش المواطنين بالمشروع التى تشجعه على الإدخار «مش مهم المشروع ده يخدمنى أنا لكن أكيد هيفيد ناس كتير وأنا أمى قالتلى أخدم الناس عشان لما تكبر تلاقى اللى يخدمك».

ضابط شرطة هى الوظيفة التى يحلم المستثمر الصغير أن يشغلها استكمالاً لسلسلة الولاء للوطن، وأضاف يوسف: «فى إخوان كتير فى البلد، ولازم أكبر وأحمى أسرتى وبلدى منهم، لأنى اتعلمت أخدم بلدى ومتأخرش عنها من غير مقابل».