العطل المفاجيء الذي تسبب أمس الأول في قطع التيار الكهربائي تماما عن‏7‏ محافظات بصعيد مصر‏,‏ ومن قبله الاعطال المستمرة.

 التي تسبب تذبذب التيار وانقطاعه لفترات طويلة وبصورة متكررة في أكثر من‏4500‏ قرية في ربوع مصر‏..‏ والأخطر ان قوة التيار لا تتجاوز في المتوسط‏160‏ فولت بينما الأجهزة المنزلية والكهربية بصفة عامة تحتاج إلي‏220‏ فولت‏,‏ وبالتالي تتعرض للتلف والأعطال والاحتراق‏..‏ كل هذه الأعطال تطرح سؤالا‏:‏ لماذا لا تهتم بصورة أكبر بالصيانة؟ وهل ادارة الأزمة في قطاع الكهرباء مرحلة لاحقة بعد حدوث الأزمة أم يجب أن تكون وقائية لمنع اسباب الأزمات؟

أحد المتخصصين فسر سبب الأعطال المتكررة بأن الطاقة المولدة من السد العالي والقناطر المائية كانت تصل إلي‏23‏ مليار كيلو وات في الساعة عام‏1982‏ وحتي تلبي الاحتياجات المتزايدة للاستهلاك فقد تمت مضاعفتها‏6‏ مرات لتصل الآن إلي‏130‏ مليار كيلو وات‏,‏ وغابت الصيانة والتطوير‏,‏ ولو كان التحديث يراعي التوسعات في الانتاج لما حدثت هذه الأعطال أو اضطررنا للدعوة إلي خفض الاستهلاك وترشيده اجباريا بغلق المحلات أو اطفاء اعمدة الانارة بالتناوب‏.‏

وهذا ينقلنا إلي الوضع في قري الريف لعدم كفاية أعمدة الاضاءة في شوارعها بل ان هذه الأعمدة ـ علي قلتها ـ لم يعرف بعضها تغيير مصابيحه منذ أن تم تركيبها لأول مرة‏,‏ القري تعاني من الغياب المتكرر للتيار الكهربائي ليصل في بعض الأحياء إلي‏5‏ ساعات يوميا وهو ما يحدث في عدد من قري محافظات الغربية وكفر الشيخ والبحيرة كما رصدتها تحقيقات الأهرام ففي قرية نمره البصل والوحدة المحلية للمعتمدية بالمحلة الكبري أصبح من المعتاد أن ينقطع التيار ويغيب لساعات طويلة‏,‏ وهو ما يؤثر ليس فقط ـ كما يقول محمد مختار حبسه ـ علي استذكار الطلاب لدروسهم‏,‏ خلال الشهور الماضية ـبل وحركة الحياة في المنازل وعامل الألبان ومصانع المفروشات‏.‏ وتوقف ماكيناتها ومعداتها تماما مما يفسد المنتجات وكذلك تلف الأجهزة كالتليفزيونات والثلاجات والغسالات و لتذبذب التيار الكهربائي‏.‏

ويضيف حمادة الغرورمن بلطيم ان المحولات الموجودة في الريف متهالكة وأن عددا كبيرا منها منقول من مناطق حضرية ـ وهو ما أكده أحد الفنيين بقطاع الكهرباء‏,‏ ويضيف تخفيف الأحمال هو الحجة التي تتردد عند تبرير غياب التيار أو انقطاعه بدلا من البحث عن حلول جذرية لزيادة انتاج الطاقة ويطالب صبحي مشالي عضو المجلس المحلي في السويس ـ عن حلول تقلل من الغياب المتكرر للتيار الكهربائي ففي السويس يقومون بتخفيف الأحمال‏3‏ مرات كل‏20‏ يوما وتستغرق المرة الواحدة من ساعتين الي ثلاث‏.‏ وأحيانا يتم قطع التيار عن أحياء كاملة كما حدث الأربعاء الماضي من السابعة وحتي العاشرة والنصف مساء عن أحياء فيصل والصباح والسلام دون مرعاة للبعد الأمني لأن هذه المناطق لا توجد فيها نقطة شرطة مما قد يتسبب في حوادث جنائية في حين انهم يتركون أعمدة الشوارع مضاءة نهارا‏!!‏

وهو نفس ما حدث في الفرافرة بالوادي الجديد ـ التي رصدها المواطن أحمد عابد ـ انقطاع الكهرباء أحيانا من العاشرة صباحا وحتي الخامسة عصرا في حين أن أعمدة الاضاءة تظل لأيام عديدة مضاءة في النهار‏.‏ وهو أيضا ما شاهدته تحقيقات الأهرام في عدد من الطرق الرئيسية والفرعية في محافظتي كفر الشيخ والغربية ورغم ابلاغ ذلك لمحافظيها مرارا وتكرارا إلا أن أمرا واحد لم يصدر لعلاج هذا الخلل‏.‏

وان كان اللواء محمد نافع رئيس مدينة السويس يؤكد أن تخفيف الاحمال باطفاء أحد صفوف الاعمدة يوميا ـ كمناورة ـ يعمل علي ضبط سريان التيار الكهربائي واستمراره وان كانت التطور الذي شهدته مصر ومراعاة الانشاءات والأعمال التجميلية في الشوارع والميادين فضلا عن توصيل التيار لعدد من المناطق التي كانت محرومة أدي إلي زيادة الاستهلاك الذي يعمل أحيانا علي الضغط علي الشبكات مما يؤدي إلي تعطيلها‏.‏

ويقول المهندس شريف منصور رئيس لجنة البيئة بالجمعية المصرية لشباب الأعمال ـ ان استهلاك الكهرباء زاد بمعدلات غير مسبوقة لزيادة‏600‏ ألف جهاز عام‏2006‏ إلي أكثر من‏3‏ ملايين حالياوهذا مؤشر علي الاستهلاك المنزلي وزيادة التحميل والضغط علي الشبكات خصوصا في أوقات الذروة‏.‏

ويضيف المهندس محمد فرج الله رئيس مجلس ادارة شركة المحطات المائية لانتاج الكهرباء أن انتاج مصر من الطاقة الكهرومائية من خلال‏5‏ محطات ثابت منذ عام‏1994‏ لارتباطه بكمية المياه التي يمكن التوليد فيها والتي تصل إلي‏5.5‏ مليار متر مكعب‏,‏ وهي تمثل نسبة‏12.2%‏ من انتاج مصر والباقي من الانتاج الحراري والغاز والسولار والمازوت والرياح ويمكن أن تزيد بعد أن يتم تجديد قناطر اسيوط ودراسة اقامة محطات لمصر بالتعاون مع دول حوض النيل مثل سد انجافي الكونجو والذي يمكن توفير‏40‏ ألف ميجاوات منه تمثل‏20‏ ضعفا لما ينتجه السد العالي‏,.‏

ولكن حتي هذا الحين فهل يمكن تغذية قري الريف التي تزيد علي‏6000‏ قرية ونجع وتابع بكهرباء مستمرة ومستقرة القدرة عنذ‏220‏ وات؟‏.‏ يجيب المهندس شريف منصور بالتوعية والدعوة إلي تخفيف وتقليل الاستهلاك‏,‏ وبدأناها في جمعية شباب الأعمال واستغلال الطاقات المتجددة مثل الشمس والرياح كبديل ولذلك تم تحويل أنظمة التكييفات المركزية في المنشآت الكبيرة والسياسية إلي التشغيل بالطاقة البديلة الأرخص والأنظف‏.‏ وقد بدأناها باقامة محطة مركزية للتكييف تعمل بالغاز الطبيعي في القاهرة الجديدة وتمد المباني الادارية في منطقة كبيرة وفرت تقريبا‏04%‏ من استهلاك الكهرباء وبتكلفة أقل وصيانة دورية بسيطة‏.‏

ويؤكد سامح سعد ضرورة الاهتمام بالريف وتوفير التيار المستقر فيه اكثر من اضاءة عدد من الأعمدة في الشوارع خصوصا أن الأعمدة مرتفعة والمسافات بينها قصيرة مما يهدر طاقة كثيرة وكذلك لابد من أن يتم ترشيد استهلاك التكييفات والاضاءة الكثيرة في المنازل‏.‏ وتوفير الطاقة في الريف ضرورة أيضا لتشغيل الصناعات الغذائية المقامة بالقرب من مناطق الانتاج الزراعي حتي نشجع أصحابها بدلا من اضافة أعباء كبيرة عليهم بدفعهم إلي استخدام المولدات بالسولار أو غيره من المواد الملوثة للبيئة‏.‏

ولكن يقول ياسر مهران صاحب أحد مصانع الملابس بالمحلة الكبري‏:‏ نعتمد علي كهرباء الدولة وندفع فواتيرها وبدأ عدد من أصحاب المصانع والمعامل في التفكير في اغلاقها بسبب تذبذب وضعف التيار مما يؤثر علي عجلة الانتاج ويضعفه‏.‏ فضلا عن الانقطاع المتكرر والذي تصل ساعاته أحيانا إلي‏5‏ ساعات‏.‏

ويدعو سامح سعد عضو جمعية شباب الأعمال إلي عدم الاسراف في الاستهلاك حتي يمكن انقاذ الريف من الانقطاع المستمر وعلي وزارة الكهرباء أيضا أن تعمل علي تعميم المصابيح الموفرة للطاقة‏.‏