تبدو العلاقات بين واشنطن والقاهرة وكأنها تسير بخطوط متوازية، وتلتقي واشنطن مع القاهرة في التعبير عن العلاقات التاريخية التي تجمعهما لكن واشنطن لم تبدأ التعاطي مع مصر "الجديدة" وفقاً لطموحات الرئيس عبدالفتاح السيسي الوطنية والإقليمية.

واشنطن تتحدث عن "الشروط الديمقراطية"

ينتظر المصريون بعد انتخاب رئيس جديد بأكثرية ساحقة أن تتجاوب الولايات المتحدة، وقد وصف وزير الخارجية الأميركي جون كيري الانتخابات الرئاسية بأنها تاريخية لكن واشنطن تبدو وكأنها تضع شروطاً "ديمقراطية" على مصر، وقد أشار وزير الخارجية بوضوح إلى أنه شدد خلال محادثاته في القاهرة على دعم واشنطن "لاحترام الحريات العامة لكل المصريين، بما في ذلك حرية التعبير والاجتماع السلمي"، كما أشار إلى ضرورة احترام مسار العدالة.

في حديث مع "العربية.نت" قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن وزير الخارجية دعا الرئيس السيسي إلى الإيضاح "صراحة وعلناً إن حكومته تنوي احترام التزامها بالدور الضروري للمجتمع المدني وحرية الصحافة وحكم القانون" ووصف هذا المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه أن الوزير الأميركي تحدث صراحة إلى الرئيس المصري، وقال له "إن نجاح مصر مرتبط بحماية الحقوق العامة والتجاوب مع مطالب الشعب بحكومة تتجاوب مع تطلعاته".

لا تخفي الحكومة الأميركية انزعاجها من المحاكمات الجماعية في مصر ولم تعبّر حتى اليوم عن موافقتها على إزاحة تنظيم الإخوان المسلمين عن السلطة، كما تبقى منشغلة بتداعيات تصنيف التنظيم على أنه تنظيم إرهابي.

لم تشأ الإدارة الأميركية التأكيد أن الوزير كيري حذّر الرئيس السيسي من مضاعفات تنفيذ أحكام الإعدام بقيادات تنظيم الإخوان لكن المسؤول في الخارجية قال إن واشنطن "ما زالت تؤكد على حسن سير العدالة لكل المصريين"، وقال "إن من حق كل متهم يواجه بعقوبة الموت أو الحبس أن يحصل على محاكمة عادلة بما في ذلك إبراز الأدلة والوقوف أمام قاض مستقل".

مصر تتحدث عن الأمن

من الواضح أن مصر "الجديدة" في ظل الرئيس عبدالفتاح السيسي تتحدث لغة أخرى وتريد العودة إلى كونها قوة إقليمية، لها مطالب لدى دول الجوار ولها دور خارج أراضيها.

ففي أول زيارة له خارج مصر سافر الرئيس السيسي ليناقش موضوع ليبيا مع الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، كما ناقش مع كيري خلال زيارته موضوعي سوريا والعراق وأيضاً ليبيا.

ويبدأ الهمّ الليبي من عدم تمكن الحكومة من السيطرة على أراضيها ويمتد إلى انتشار تنظيمات إرهابية على أراضي الدولة الشاسعة وأكثر ما يشغل بال مصر هو أن تجد هذه التنظيمات امتدادات لها داخل مصر مثلما وجدت الحدود مفتوحة في الجنوب مع تشاد والنيجر ونيجيريا ومالي، والأهم منع تنظيم الإخوان المصري من إيجاد ملجأ له في ليبيا.

لا تبدو الولايات المتحدة بعيدة عن التفاهم مع مصر حول الهموم الإقليمية فواشنطن "تعتبر أن مصر حليف استراتيجي وتلتزم بعلاقة قوية مع مصر"، بحسب ما قال المسؤول الأميركي لـ"العربية.نت" وأضاف أن "الاهتمامات المشتركة تتضمن مواجهة التهديدات العابرة للحدود، مثل الإرهاب وانتشار الأسلحة، كما تشمل الاهتمامات الحفاظ على الاستقرار الإقليمي بما فيه السلام مع إسرائيل".

أما الدور الإقليمي لمصر فمسألة أخرى ولا يبدو أن واشنطن وصلت إلى لحظة الاعتراف بهذا الدور المستقل. بالإضافة إلى ذلك، تتعاطى واشنطن مع القاهرة بـ "نظام القطعة" كما عبّر السيناتور ليهي عن ذلك، حيث قال إنه وافق على رفع الحظر عن بعض المساعدات لكن جزءاً آخر يبقى إلى أن تثبت مصر "التزاماً بالعدالة وحقوق الإنسان".