فى ندوة نظمها المركز الثقافى بنادى الرحاب مساء أمس الجمعة 16 يوليو بالتعاون مع مكتبات "ألف" تحدث الأديب علاء الأسوانى عن الواقع المصرى الذى وصفه بالمرير، قائلا: نحن فى حالة هزيمة حضارية، والإرادة الوطنية غير مستقلة وهو شكل من أشكال الاحتلال، مؤكدا أننا لا نعرف قيمة أنفسنا كمصريين، وأن كل ما أنجزه المصريون طيلة القرن العشرين ارتدوا عنه.

وقال الأسوانى إن أطرافا داخلية وخارجية يحلو لها التقليل من شأن المصريين، ودفعهم للاعتقاد أنهم غير متفوقين، وأقل من غيرهم، ولديهم عيوب خلقية، وهذا غير صحيح على الإطلاق، فنحن لدينا ما نفخر به، فمصر عرفت السينما بعد 11 شهرا فقط من باريس وقبل أمريكا، ومصر من أقدم الدول التى عملت برلمانا وأول امرأة فى العالم العربى تدخل الجامعة كانت مصرية، وكذلك أول قائدة للسيارات وللطائرات أيضا كانت مصرية، ومعظم الدساتير العربية وضعها السنهورى باشا، والمصريون هم من أسسوا الجامعات العربية وخططوا المدن فى الخليج، وأنشئوا المستشفيات، حتى النشيد الوطنى فى معظم الدول العربية كان ملحنوه ومؤلفوه مصريين، والنوابغ العربية كلها تقريبا جاءت إلى مصر وذاع صيتها وشهرتها من مصر.

وأوضح الأسوانى أن جزءًا قليلا من هذا التفوق يجعل الإنسان فخورًا جدا ببلاده مصر التى تعانى من وطأة الحكم المستبد.

وأكد الأسوانى أن الثقافة من المكتسبات الخالدة التى لا يمكن محوها، فالثقافة المصرية بخير، وإن كانت وزارة الثقافة تعوق معظم الأنشطة التى ليست على هواها، وأعتقد أن كل الأعمال التى تقوم بها وزارة الثقافة يمكن أن توكل إلى وزارة السياحة، لأنها لا تمت للثقافة بصلة.

وقال الأسوانى إن الأديب فى مصر لا يستطيع أن يتعيش من أدبه فنجيب محفوظ ظل موظفا حتى سن المعاش، مؤكدا أن حقوق الملكية لا تتم حمايتها فى مصر، والحكومة تتعمد ذلك حتى يظل الأديب والمفكر والمثقف فى حاجة إليها وإلى دنانيرها فهى لا تستريح لفكرة الكاتب المستقل الذى يغرد خارج الحظيرة.

وأكد الأسوانى أنه لم يتقاض مليما واحدا من الحكومة المصرية، لذا فهو يكتب ما يريد أن يكتب مشيرا إلى أن كثيرا من الكتاب يتقاضون رواتب شهرية من وزارة الثقافة مقابل كتابة ما يمليه عليهم النظام، رغم أن الأديب يجب أن يكون صاحب موقف سياسى واضح يدافع عن قيم الحرية والعدالة ولا يجوز أن يلوذ بالصمت، لكن للأسف فى مصر ليس لدينا سياسة بمعنى السياسة، فنحن لدينا أشباه فى كل شىء لا برلمان ولا انتخابات ولا حتى مدارس، فالمدرسة ظاهرها مدرسة وباطنها تشكيل دروس خصوصية.

وأكد الأسوانى أن مصر بها إمكانات عالية جدا وإذا قيض لها حكم رشيد فى غضون 10 سنوات ستشهد نهضة غير مسبوقة، وستصبح دولة كبرى والغرب يدرك خطورة ذلك، فمصر إذا نهضت تنهض إلى النهاية وتنهض من حولها الدول الكبرى، لذا فهناك من يهدف إلى أن تظل مصر فى حالة احتضار لا هى حية مستيقظة ناهضة ولا هى ميتة، مشيرا إلى ضرورة تغيير النظام وليس تغيير الحكومة، فهناك 823 ألف مصرى تلقوا تعليمهم فى الغرب وكلها عقليات ممتازة، ويستطيعون النهوض بالبلد نهضة حقيقية فى غضون سنوات قليلة شرط وجود حكم رشيد.

وعن شخصيات الرواية يقول الأسوانى يجب أن تتحدث شخصيات الرواية بلسانها وليس بلسان الأديب، فرأى الكاتب الشخصى لا يجب أن يأتى على لسان شخصياته فى العمل الروائى، وهذا لا يمنع أن يكون للأديب رأى، لكنه يأتى على مستويات عميقة جدا داخل العمل.

ويرفض الأسوانى أن تكون حرية الإبداع والكتابة مطلقة وبلا قيود أو ضوابط، مؤكدا رفضه التصادم مع المشاعر الدينية فى أعماله الروائية وهو ما ظهر جليا فى تصويره لشخصية الشاذ فى رواية عمارة يعقوبيان حيث كان لابد أن يقدم الشخصية بهذا الشكل الذى ظهرت به وأن تكون هذه هى النهاية الحتمية لهذا السلوك المنافى للقيم والأخلاق والآداب العامة والنصوص الدينية فكانت نهايته القتل وموت ابن العسكرى الذى كان يمارس معه الرذيلة واعتبار ذلك عقابا إلهيا من السماء حتى يفيق ويعود لرشده.

وعن الفرق بين نص الرواية ونص الفيلم "السيناريو" يقول الأسوانى الرواية بها سلطة خيال وأنت تقرأها لكن الفيلم الروائى ليس به سلطة خيال لأن المخرج يحدد النهايات الخاصة بالشخصيات، وأنا راضٍ تماما من الناحية الفنية عن فيلم "عمارة يعقوبيان" وإن كنت لا أسأل عنه فأنا أسأل عن روايتى فقط أما الفيلم فيسأل عنه المؤلف والمخرج.

وعن رأيه فى البرادعى قال الأسوانى البرادعى شخصية محترمة جدا وكتبت عنه قبل أن أراه وبعد رؤيته زاد احترامى له، وإن كنت أختلف معه فى بطء إيقاعه فى الحركة وسفره الدائم، فمن فبراير وحتى يوليو كان يمكن أن يكون تأثير البرادعى أكبر من ذلك بكثير شرط الحركة والتفرغ، فالبلد فى حاجة للتغيير ولأمثال البرادعى فهى فرصة تاريخية، وإن كنت أرفض أن يتعلق مصير مصر بفرد أيا كان هذا الفرد فأمل مصر فى المصريين فالولاء للفكرة وليس للشخص.

وعن بدايته مع الكتابة قال الأسوانى بدأت أكتب وعمرى 12 عاما متأثرا بوالدى عباس الأسوانى الذى كان يرعانى بشدة فكنت طفله الوحيد وكان أصدقاؤه كبار الأدباء نجيب محفوظ ويوسف إدريس ومحمود السعدنى وعبد الرحمن الشرقاوى وغيرهم وأول نص كتبته كان عبارة عن بورتريهات لأعمامى وكتبته متأثرا برؤية أمى لهم وبأسمائهم الحقيقية وهو ما عنفنى عليه والدى قائلا لى: عندما تكتب عن شخصيات حقيقية لابد أن تغير الأسماء.

وأكد الأسوانى أن الكتابة الإبداعية لا تعتمد على الموهبة فقط، لكنها تحتاج أيضا لدراسة وجهد وبحث، فلكى أكتب رواية عن مدينة الرحاب مثلا لابد أن أعيش فترة فى الرحاب.