شهدت منطقة منيل شيحة بأبو النمرس بمحافظة 6 أكتوبر جريمة قتل وحشية أرتكبها سائق بشركة المقاولون العرب حيث أخرج بندقية آلية أخفاها أسفل مقعد القيادة ويقل ‏23‏ مهندساً ومديراً وعمالاً بالشركة وأطلق الرصاص عشوائياً عليهم.

دماء ضحايا الحادث متناثرة على أرضية الأتوبيس

فسقط‏6‏ قتلي وأصيب‏6‏ آخرون بإصابات نقلوا علي أثرها المستشفي بين الحياة والموت بينما اختبأ باقي ركاب الأتوبيس أسفل مقاعد الأتوبيس حيث نجوا من رصاصات الغدر‏,‏ ثم توجه إلي مقر الشركة مستقلا الاتوبيس وبداخله الضحايا ومكث يتحدث مع رجل الأمن إلا ان الدماء التي تساقطت من الأتوبييس كشفت عن أمره‏,‏ انتقلت الشرطة إلي موقع الحادث وانتابت المتهم حالة هيسترية وراح في البكاء في الوقت الذي رفض فيه الافصاح عن أسباب ارتكابه الحادث في الوقت الذي كشفت فيه التحريات عن أن المتهم لم يسبق له الاصابة بأي مرض أو خلل عقلي إلا أنه يرجح أن يكون له خلافات شخصية بينه وبين بعض العاملين بالشركة أو رؤسائه في العمل إلا أن التحريات أثبتت أن تجارة الآثار ربما تكون وراء ارتكاب الحادث‏.‏

وقد انتقل لموقع الحادث فريق من أعضاء النيابة العامة باشراف المستشار حمادة الصاوي المحامي العام الأول لنيابات جنوب الجيزة حيث تم معاينة مسرح الحادث ومناظرة جثث الضحايا الذين تم نقلهم إلي مشرحة النيابة بزينهم‏,‏ كما تم التحفظ علي البندقية الآلية التي استخدمها المتهم في ارتكابه الحادث وكمية من الطلقات التي أرشد عنها والتي كان يخفيها أسفل مقعد القيادة‏.‏

وقد تحفظت أجهزة الأمن علي السائق وتولت النيابة التحقيق معه في ملابسات ارتكابه الحادث بينما أظهرت التقارير المبدئية للمصابين الذين تم نقلهم لمستشفي المقاولون العرب خطورة حالتهم الصحية‏,‏ في الوقت الذي توجه السائق بالأتوبيس إلي مقر الشركة وصافح أفراد الأمن لكنهم اكتشفوا الدماء وصراخ بعض الناجين من داخل الأتوبيس‏.‏

وقع الحادث في الساعة التاسعة من صباح أمس عندما كان الأتوبيس المنكوب يقل كعادته اليومية‏23‏ شخصا من المهندسين والموظفين الاداريين والعمال المقيمين بمدينة حلوان ومدينة‏15‏ مايو وهم في طريقهم إلي موقع الشركة بمنيل شيحة ولكن علي غير العادة توقف سائق الأتوبيس محمود طه‏(54‏ سنة‏)‏ علي جانب الطريق وراح ينظر في وجوه الركاب نظرة لم يعتادوها منه اعتقدوا في بداية الأمر أن عطلا قد حدث بالأتوبيس راحوا يسألونه ولكن كانت نظراته كأنها رسالة غدر لهم وراحوا يهدئون من ثورته فقد أصر علي استكمال رحلته إلي موقع الشركة وهو علي بعد نحو‏1500‏ متر ووصل الحد إلي أن بعضهم قاموا بتقبيل رأسه وفي لحظ‏,‏ة أمسك السائق ببندقية آلية وراح يطلق النيران عشوائيا علي ركاب الأتوبيس حيث سقط‏6‏ قتلي وأصيب‏6‏ آخرون‏,‏ في الوقت الذي قام فيه باقي الركاب بالاختباء أسفل مقاعدهم أو القفز من النوافذ وكان القدر قد كتب لهم النجاة من رصاصات الغدر التي أطلقها السائق الذي كان قد ترك بلدته بالقوصية بأسيوط وأقام بمدينة حلوان منذ نحو‏20‏ عاما عقب التحاقه بالشركة‏.‏

انتقل إلي مكان الحادث علي رأس فريق قاده اللواء أسامة المراسي مدير أمن‏6‏ أكتوبر واللواء أحمد عبد العال مدير المباحث الجنائية واللواء ياسر عبد السلام مساعد مدير الأمن‏.‏

ووسط ذهول الناجين وأهالي المنطقة الذين تجمعوا علي صوت الطلقات الآلية وأسرعوا بالأتصال بسيارات الأسعاف والمسئولين بالمركز الرئيسي بالشركة الذين أصيبوا بصدمة أثر سماعهم الحادث الذي تسبب في مصرع‏6‏ من زملائهم وإصابة‏6‏ آخرين‏.‏

وقد تبين أن المتهم الذي أنتقل من المركز الرئيسي إلي فرع الشركة بمنيل شيحة يقوم بنقل الموظفين من مدينة‏15‏ مايو وحلوان منذ‏6‏ سنوات ولم يتخلف عن عمله طيلة هذه الفترة وأنه كان علي علاقة حسنة وجيدة بهم‏.‏

ضحايا الحادث

عقب أن تم التحفظ علي المتهم وغطت الدماء أرضية الأتوبيس قام رجال الأسعاف بمباشرة عملهم ونقل جثث الضحايا‏.‏

سماع أقوال الشهود

وروي شهود الحادث من الناجين أنهم فوجئوا بسائق الأتوبيس وقد أخرج بندقية آلية ويطلق الرصاص وعندما حاولوا تهدئته فوجئوا بأنه ينهال عليهم سبا علي غير عادته ثم حاول بعد ذلك النزول من السيارة فقاموا بالأمساك به وسلموه للشرطة‏,‏ وعلي الرغم من فرحة الناجين من الموت إلا أنهم أصيبوا بحالة اكتئاب شديدة بعد أن شاهدوا زملاءهم وأصدقاءهم في العمل الذين اعتادوا الذهاب معه إلي العمل وتربطهم بهم علاقة صداقة أمتدت لأكثر من‏15‏ عاما سواء في العمل بالشركة أو في انتقالهم بصورة يومية بالأتوبيس خلال رحلة الذهاب والعودة من حلوان وحتي منطقة منيل شيحة التي يوجد بها المصنع وقد سارع الناجون بالاتصال بأبنائهم وأخبروهم بأنهم بصحة جيدة بعد أن تناقلت وسائل الأعلام الحادث بصورة مباشرة فور وقوعه بينما خيم الحزن علي أسر الضحايا الذين قامت إدارة الشركة بالاتصال بهم وابلاغهم حيث هرولوا إلي المستشفيات يراودهم الأمل أن ذويهم مازالوا علي قيد الحياة ولكن الحقيقة المؤلمة أن الموت قد حصدهم‏.‏

كردون أمني حول رئيس مجلس ادارة الشركة

وعلي جانب آخر حضر إلي مقر الشركة بمنطقة منيل شيحة المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس إدارة شركة المقاولون العرب وأستمر لأكثر من ساعة داخل مقر الشركة ثم خرج بعد ذلك مسرعا بسيارته رافضا التعليق علي ماحدث بينما أحاط به الأمن الخاص بالشركة لمنع أي شخص من الأقتراب منه بعد أن قام رجال الأمن بمنع وسائل الأعلام من الاقتراب منه وقد خيم الحزن علي جميع العاملين بمقر الشركة بعد تعرض زملائهم لهذا الحادث البشع وخرجوا أمام مقر الشركة وهم في حالة أنهيار شديد لكن سرعان ماقام أمن الشركة بادخالهم إلي مقر الشركة والتنبيه عليهم بعدم الحديث إلي وسائل الإعلام مؤكدين بأن من يتحدث سوف يتعرض للعقاب وكأن هؤلاء المكلومين علي زملائهم القتلي هم الذين فعلوا ذلك بهم حيث سارعوا بالصياح والاعتراض لكنهم زفي النهاية أمتثلوا لقرار الإدارة وتركوا أحزانهم وراء ظهورهم‏.‏

ارتباك مروري بالمنطقة

وعلي جانب آخر كان الحادث قد تسبب في توقف حركة المرور وأصيب رواد الطريق بالذعر خاصة وأنهم في طريقهم إلي العمل في الصباح حيث دفع العقيد محمد لبنه مساعد مدير المرور والمقدم عادل هندي معاون مباحث المرور برجال المرور لتسيير حركة المرور خاصة بعد أن أصيبت المنطقة بالشلل التام لسببين الأول هو وقوع الحادث البشع والثاني هو قيام الهيئة العامة للطرق بإعادة رصف الطريق وتشغيل حارة واحدة منه فقط مما دفع رجال المرور لتشغيل الاتجاه الآخر وقد استمر توقف المرور لأكثر من ساعتين نتيجة الحادث وأعمال الرصف بالطريق‏.‏

وفي سياق متصل قام المستشار حمادة الصاوي المحامي العام الأول لنيابات جنوب الجيزة يرافقه فريق من نيابة حوادث جنوب الجيزة بمناظرة الجثث بمكان الحادث‏,‏ كما تم معاينة الأتوبيس الذي شهد الجريمة البشعة والاستماع إلي أقوال المصابين والناجين في الحادث‏,‏ كما أمرت النيابة بالتصريح بدفن الجثث بعد تشريحها‏.‏

تجارة الآثار وراء الحادث

وعلي جانب آخر مازالت المفاجآت تتوالي عن الأسباب والدوافع الحقيقية لقيام المتهم بارتكاب الجريمة البشعة حيث توصلت أجهزة الأمن إلي معلومات مهمة أدلي بها السائق فور إلقاء القبض عليه حيث أكد أن خلافا علي التجارة والتنقيب عن الآثار هما الدافع الرئيسي لارتكابه الجريمة حيث كانت توجد خلافات علي مبالغ نتيجة بيع مجموعة من التماثيل الأثرية خاصة بمجموعة من مستقلي السيارة من زملائه بالعمل وعندما فشل في الحصول علي هذه المبالغ قرر الانتقام بهذه الصورة البشعة ومدركا بأنه قد ضاعت جميع أمواله ولم يكن أمامه فرصة سوي ارتكاب الجريمة والدخول إلي السجن بعد أن أيقن أنه وقع ضحية نصب ولم يستطع الحصول علي أموال الآثار‏,‏ في الوقت الذي مازالت فيه النيابة تجري تحقيقاتها للتأكد من أقوال المتهم‏.‏

وفي الوقت نفسه أمرت النيابة بارسال السائق إلي الطب الشرعي للحصول علي عينة من دمائه للتأكد من أنه كان متناولا للمواد المخدرة أو المواد المؤثرة علي الحالة النفسية أو الخمور أثناء ارتكابه الجريمة‏.‏

بيان من الشركة

وقد أصدرت شركة المقاولون العرب بيانا جاء فيه‏:‏ في حوالي الساعة الثامنة من صباح يوم أمس الموافق‏2010/7/6‏ وفي أثناء تحرك أحد أوتوبيسات الشركة المخصصة لنقل العاملين إلي إدارة المشروعات الميكانيكية والكهربائية بمحافظة الجيزة ـ توقف سائق الأوتوبيس علي بعد حوالي‏200‏ متر من ورش الإدارة المذكورة ـ حيث فوجئ الركاب بقيام السائق محمود طه أحمد سويلم بسحب بندقية آلية مختبئة أسفل المقعد الخاص به‏,‏ وبدأ في إطلاق النار عشوائيا علي ركاب الحافلة مما أدي إلي استشهاد كل من‏:‏

ـ سالم عبد السلام جودة ـ أحمد محمود حسن إدريس ـ طارق محمد معوض معوض الدواخلي ـ إبراهيم مصطفي إبراهيم بيومي ـ جمعة فهيم جمعة ـ عبد الفتاح عبد الفتاح تبتلي سالم

واصابة كل من‏:‏

‏1‏ ـ النميري عبد التواب دسوقي وقد تم علاجه وحالته مستقرة ـ و هدي الدخلي قنديل إبراهيم وقد تم علاجها وغادرت المركز الطبي وباقي المصابين هم‏:‏

‏3‏ ـ محمود أبو سريع محمود مصطفي

‏4‏ ـ عماد الدين محمود علي حسن

‏5‏ ـ فخري عبد الحميد أحمد حسنين

‏6‏ ـ أشرف صلاح محمد أحمد

وقد تم علاجهم وهم تحت الرعاية الطبية وحاليا‏,‏ وعلي أثر الابلاغ فورا عن الحادث أصدر السيد المستشار عبد المجيد محمود‏,‏ النائب العام تعليماته للسيد المستشار وحمادة الصاوي المحامي العام الأول والسادة وكلاء النيابة المعاونين للانتقال فورا إلي الموقع لبدء التحقيقات اللازمة‏,‏ والموضوع حاليا قيد تحقيقات النيابة العامة‏.‏ وقد تم نقل المصابين للمركز الطبي بالمقاولون العرب حيث يلقون رعاية طبية فائقة تحت إشراف كبار الاخصائيين لتلك الحالات‏.‏