تثير إذاعة المكالمات المُسربة لبعض الشخصيات السياسية والنشطاء السياسيين، مثل الدكتور محمد البرادعي ومصطفى النجار وعبد الرحمن يوسف وأسماء محفوظ، وغيرها مخاوف وتساؤلات لدى الكثيرين، وأثرت بلا شك فى ثقتهم فى تلك الشخصيات. 

ظاهرة لم يعتادها الشارع المصري وكانت صادمة له، وزادت من مخاوفه من النظام الحالي والقادم، خصوصاً وأن إذاعة تلك المكالمات وخصوصاالشخصية قد زادت من حالة الشك لديه فى الأجهزة الأمنية. 

طرحت "بوابة الأهرام" تساؤلاً على الخبراء وعدد من المواطنين المصريين، حول موافقتهم أو رفضهم إذاعة مكالمات مُسربة لشخصيات سياسية ونشطاء سياسين، وماهو تأثير ذلك على تفكيرهم تجاه تلك الشخصيات؟وأيضاًعن ضلوع الأجهزةالأمنية فى ذلك. 

قال أحمد السيد عتمان الموظف بإحدى الشركات الخاصة: إن إذاعة هذه المكالمات فى هذا الوقت تحديداً، لها هدف سياسي سئ وهو تشويه سمعة تلك الشخصيات، فى الوقت الذي ننادى فيه بتطبيق مبادئ ومعايير أخلاقية يحكمها الدين والقانون، مضيفاً أنه يرفض تماما الخوض فى الحياةالشخصية لأى شخص سواء مواطن عادي أو شخصية معروفة. 

وأشارت سميحة الورداني المحامية والناشطة الحقوقية إلى أنها ترفض بشدة إذاعة تلك المكالمات، مشيرة إلى أنه إذا ثبت جُرم ما على إحدى الشخصيات فعلي الأجهزة الأمنية اللجوء إلى الجهات المختصة بالتحقيق ثم عرض نتائج التحقيق على الجمهور المصري، دون الحاجة إلى الفضح والتشهير دون دليل أو سند قانوني. 

وتختلف معهم الدكتورة سمر مراد الطبيبة البشرية، حيث توافق على إذاعة تلك المكالمات لكشف زيف هذه الشخصيات، أمام المواطن المصري الذي تم خداعه هذه الشخصيات والتى كانت تدعى الوطنية، وأنها حارسة وحامية الثورة المصرية، وتؤكد على أهمية نشر كل الوثائق التى تتحفظ عليها الجهات الأمنية وتخص تلك الشخصيات لفضحهم أمام الرأي العام. 

واتفق معها فى هذا الرأى محمد مصطفى علوى الطالب الجامعي مؤكدًا أن إذاعة هذه المكالمات تعتبر سبقا لأى صحفى لو أتيحت الفرصة لأى أحد، فإنه لن يتوانى عن نشرها مطلقاً، مشيراً إلى أنه لا يجد ضرراً من إذاعة هذه المكالمات طالما وأنها تخدم الرأي العام، وتوضح أمامه الصورة وتكشف زيف هذه الشخصيات. 

بداية قال الدكتور عمار على حسن الكاتب والباحث فى العلوم السياسية، تعقيبا على إذاعة المكالمات للنشطاء والسياسين وشخصيات بعينها: إن ذلك له دلالات قاسية للغاية، مضيفا أن السلطة الحالية والنظام القادم، سيدفعان ثمناً باهظاً لسبب بسيط وهو أنه هناك فرقا كبيرا بين أن الصحفي يجتهد ويحصل على مكالمات غير متاحة لدى السلطة ويكون من حقه عرضها على الرأى العام، وبين قيام أجهزة الأمن بتسليم شرائط لم يتم حولها أي تحقيق قانوني أو قضائي للوقوف على صحتها. 

وأضاف عمار: من الأفضل جمع هذه التسجيلات وتقديمها للنائب العام لمعرفة ما إذا كان هؤلاء على اتصال بجهات أجنبية أم لا، وترك الفرصة أمام القضاء للفصل فيها مشيراً إلى أن هناك فرقا بين أن تذيع أمورا تتعلق بالمواقف السياسية لهذه الشخصيات، وبين أن تذيع شريطا لحياتها الخاصةوالتى من المفتر ض أنها مصانة بفعل الدستور. 

وأضاف أن عبد الرحيم على من خلال برنامجه "الصندوق الأسود" سيخيف الطبقة التى تحتج وتصنع التغيير، وذلك بعد أن شعرت بأن حياتها الخاصة مراقبة ومهددة، مشيراً إلى أن ما كنا نخشاه أيام مبارك من أن جهاز أمن الدولة يراقب هواتفنا يتحقق الأن وبشكل أسوأ خصوصاً عقب أحداث ثورتي 25، و30 يونيو. 

ويتفق فى هذه الجزئية اللواء عادل سليمان الخبيرالإستراتيجي ومدير منتدى الحوار الاستراتيجي، مؤكداً أن ذلك يضر بتلك الثورات التي انتفض من خلالها الشارع المصري، للمطالبة بالعدل والديمقراطية واحترام المواطن المصري، وعلى الأخص احترام حياته الشخصية، مشيراً إلى أن إذاعة هذه المكالمات تعتبر مخالفة لكافة الأعراف الدينية والأخلاقية والمجتمعية والثقافية، كما أن القانون يحظر تسجيل المكالمات دون إذن مسبق من النيابة. 

ورأي سليمان، أن إذاعة هذه المكالمات فى هذاالتوقيت تحديداً هو توظيف سياسي لهذه المرحلة لضرب شخصيات بعينها، مشيراً إلى أن جهازي المخابرات وأمن الدولة هما الوحيدان اللذان يملكان هذه المكالمات، وأنهما وراء تلك المهزلة غير الأخلاقية -على حد قوله-.، مشيراًإلى أن على المشير عبد الفتاح السيسي عأن يدرك خطرة ذلك مستقبلا. 

واتفق كلاً من اللواء عادل سليمان والدكتور عمار على حسن، فى كون أن قادة الأجهزة الأمنية على علم بتلك التسريبات، ويمكن أن يوقفوها فى لحظة واحدة، مشيرين إلى أنهم أرادوا إذاعتها فى هذا التوقيت بالذات، واعتبروا أن هذا مؤشراً ليس جيداً، وأنه هناك نماذج سيئة داخل تلك الأجهزة لازالت ترغب فى الانتقام من شباب الثورة وطمس معالم ثورة 25 يناير، وعودة نظام مبارك بكل أساليبه ووسائله التى كنا نعترض عليها. 

وأكد الدكتور عمار على حسن، على مخاوفه من تأثير إذاعة هذه المكالمات المسربة على تغيير مسار تفكير الرأي العام فى الشارع المصري، خصوصاً وأن ما يبث يؤكد لهذا المواطن الكادح أن الثورة لم يكن لها قيمة وأن نظام مبارك كان أفضل له، والخوف أن يزيد ذلك من غضب قاعدة عريضة من الشارع المصري. 

وفى نفس السياق، ألمح اللواء عادل سليمان، إلى أن الإعلام المصري أصبح مثار احتقار وسخرية من الغرب، ذلك لأنه بات يفتقد لكل القيم والمعايير الأخلاقية والمهنية، وذلك مقارنة بحادثة الرئيس الأمريكي نيكسون، حينما تم إكتشاف أنه يتم تسجيل مكالمات للحزب الديمقراطي، وقتها أجبر رئيس الجمهورية على تقديم استقالته. 

ومن جانبه، استنكر الدكتور حسن عماد عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة إذاعة تلك المكالمات المُسربة لشخصيات سياسة ونشطاء سياسيين بعينهم، من خلال برنامج يُذاع على إحدى الفضائيات المصرية، تحت سمع وبصرالسلطات المصرية المختصة. 

وأضاف، أن ذلك مخالف لكل المعايير ومواثيق الأداء الإعلامي فى العالم أجمع، حيث إنها اختراق للحياة الشخصية لشخصيات بعينها والقصد هو تشويهها وتشويه سمعتها امام الرأي العام دون الوقوف على حقيقة تلك المكالمات، مشيراً إلى أن هذه المكالمات يتم إذاعة أجزاء منها بعد عمل مكساج ومونتاج لها، فكيف لى أن أعرف أن هذا الجزء المُذاع يقصد به المعنى المُراد توصيله للجمهور. 

وأشار إلى أن هذه المكالمات أثرت بشكل كامل فى وعى قاعدة عريضة من الجمهور المصري كان يثق بتلك الشخصيات والتى تمت تعريتها أمامه تماما حتى من ورقة التوت-على حد وصفه-، مما سيكون له تاثير سلبي خطير فى المرحلة المقبلة.