أعاد إعلان اللواء خليفة حفتر، القائد السابق للقوات البرية الليبية، تجميده عمل المؤتمر الوطنى والحكومة الليبية والإعلان الدستورى وتوليه السلطة فى طرابلس وقطع الاتصالات والإنترنت عن العاصمة وسيطرة قوات تابعة له على مرافئ حيوية فى العاصمة طرابلس وانضمام أغلبية القيادات العسكرية التى برزت أثناء الثورة إليه، إلى الأذهان عددا من الانقلابات العسكرية التى حدثت فى الوطن العربى خلال السبعة عقود الأخيرة، ومنها ليبيا التى شهدت انقلابا عسكريا فى العام 1969.
ووفقا للأعراف السياسية، فالانقلاب العسكري هو تغيير نظام الحكم السائد فى البلاد عن طريق إطاحة الجيش بالحاكم سواء كان حاكما مدنيا أو حاكما عسكريا ليتولى القائد العام للجيش الحكم لتحقيق هدف ما ربما يرتبط بتحقيق العدل والمساواة أو مجرد طمع فى الحكم، وينتهى الأمر بإلقاء الجيش بيان رقم واحد عبر وسائل الإعلام الرسمية يعلن فيه المنقلبون الاستيلاء على السلطة.
انقلاب ليبيا عام 1969
شهدت ليبيا أول انقلاب عسكرى عام 1969 وعرف باسم "ثورة الفاتح"، وهو انقلاب عسكرى حدث فى الأول من سبتمبر عام 1969 وأعلن نشوء الجمهورية العربية الليبية وتشكلت حركة الضباط الأحرار فى الجيش الليبى بقيادة الملازم أول معمر القذافى وقامت بالزحف على مدينة بنغازى لتحتل مبنى الإذاعة وتحاصر القصر الملكي بقيادة الضابط الخويلدي محمد الحميدى لتستولى على السلطة، وسارع ولى العهد وممثل الملك للتنازل عن الحكم.
وقام القذافى بإجلاء القواعد الأمريكية والإنجليزية عن ليبيا وأصدر قانونا يمنع تناول الخمور وألغى الدستور الليبى، وظلت البلاد بلا دستور ينظمها طوال فترة حكمه، كما قام بشل الحياة المدنية التى كانت قائمة بما فيها الأحزاب والمنظمات والجمعيات والصحافة الحرة، وعمل على تطبيق فريضة الزكاة.
واستمر حكم القذافى ما يقرب من 42 عاما إلى أن أطيح به في ثورة شعبية اندلعت فى 15 فبراير من عام 2011 وانتهت بمقتله.
انقلاب سوري بمباركة أمريكية عام 1949
بعد استقلال سوريا عن فرنسا، بدأت الأطماع الأمريكية تتطلع إلى هذا البلد العربي، فعملت المخابرات الأمريكية على دعم حسني الزعيم لتنفيذ انقلابه ضد الرئيس شكري القوتلي الذي تميز بسياسته الداعية للوحدة العربية ومناهضة إسرائيل.
وفي ليلة 30 مارس من عام 1949، قام حسني الزعيم بانقلابه متفقا مع بعض الضباط، فاعتقل رئيس الجمهورية شكري القوتلي، ورئيس وزرائه وبعض رجاله، وحل البرلمان، وقبض على زمام الدولة وتلقب بالمشير.
وقام الزعيم بتشكيل وزارة، ودعا إلى انتخابه رئيسا للجمهورية، وفاز في الانتخابات التي جرت يوم 26 يونيو من عام 1949 بنسبة 99.99 في المائة.
وشهد عام 1949 ليشهد ثلاثة انقلابات متتالية، فالزعيم لم يظل في الحكم سوى 139 يوما حتى انقلب عليه سامي الحناوي يوم 13 أغسطس من عام 1949، ونفذ فيه حكم الإعدام، غير أن سامي سلم السلطة للرئيس المدني هاشم أتاسي.
ولم يدم انقلاب سامي الحناوي طويلا، حتى قام الشيشكلي يوم 19 ديسمبر 1949 بانقلاب جديد، وظل الرئيس هاشم أتاسي في رئاسة البلاد فيما يعرف بالحكم المزدوج حتى 28 نوفمبر 1951، حيث نفذ الانقلاب الرابع ليستلم أديب الحكم مباشرة بعد أن اتهم هاشم أتاسي وحزبه حزب الشعب بالخيانة ومحاولة عودة الملكية للبلاد.
واستمر حكم الشيشكلي حتى عام 1954، تميز حكمه بنوع من الاستقرار والاتجاه نحو بناء الدولة، وتقويض الحياة الحزبية، حيث قام بحل الأحزاب وتقويض حرية الصحافة ومحاربة التيارات السياسية الناشطة من إخوان مسلمين وبعثيين وغيرها، ثم استقال أديب بعد تزايد المعارضة الشعبية، وترك السلطة وغادر البلاد.
وأعيدت الحكومة الوطنية وعادت الحياة الديمقراطية تدريجيا بعودة شكري القوتلي إلى السلطة، حيث تميزت فترة حكمه الثانية بالوحدة السورية المصرية في إطار الجمهورية العربية المتحدة، والتي ترأسها جمال عبد الناصر، ولكن هذه الوحدة لم تستمر، إذ قام بعض ضباط الجيش السوري الرافضين للسياسات الاشتراكية لحكومة الوحدة، بانقلاب يوم 28 سبتمبر من عام 1961، ليترأس البلاد مأمون الكزبري حتى انقلاب حزب البعث الاشتراكي في الثامن من مارس من عام 1963.
وأجريت الانتخابات وقام البعثيون بتشكيل مجلس لقيادة الثورة ضم مجموعة من الأعضاء العسكريين والمدنيين، تلا ذلك انقلاب آخر نفذته اللجنة العسكرية في 23 فبراير من عام 1966، بقيادة صلاح جديد ومشاركة حافظ الأسد على القيادة القومية لحزب البعث، من بينهم مؤسس الحزب ميشيل عفلق ورئيس الجمهورية أمين الحافظ، وقد تخلى بعدها صلاح جديد عن رتبته العسكرية ليتفرغ للسيطرة على حزب البعث وحكم سوريا بينما تولى حافظ الأسد وزارة الدفاع.
وفي عام 1971، قام حافظ الأسد بما يطلق عليه الحركة التصحيحية وقاد انقلابا داخليا أزاح من خلاله الرئيس نور الدين الأتاسي وعين مكانه الرئيس أحمد الخطيب لفترة انتقالية، وبعدها بأربعة أشهر تم إجراء الانتخابات الدستورية وتم انتخاب حافظ الأسد بموجبها رئيساً للجمهورية.
انقلابات السودان
للسودان سجل حافل من الانقلابات العسكرية الناجحة والفاشلة منذ استقلاله عام 1956، وبدأ مسلسل الانقلابات مع تشكيل أول حكومة ديمقراطية منتخبة في عام 1956، ووقعت أول محاولة انقلابية في عام 1957، قادتها مجموعة من ضباط الجيش والطلاب الحربيين بقيادة إسماعيل كبيدة، ضد أول حكومة وطنية ديمقراطية بعد الاستقلال برئاسة الزعيم السوداني إسماعيل الأزهري، ولكن المحاولة أحبطت في مراحلها الأخيرة.
وانقلاب 17 نوفمبر 1958 هو أول انقلاب عسكري نجح بقيادة الفريق إبراهيم عبود، قاده ضد حكومة ائتلاف ديمقراطية بين حزب الأمة، والاتحادي الديمقراطي، يرأسها مجلس السيادة المكون من الزعيم الأزهري ورئيس الحكومة الأميرلاي عبد الله خليل، حيث شكل الانقلابيون حكومة عسكرية برئاسة عبود، حكمت البلاد بأسلوب شمولي دكتاتوري استمر لمدة 7 سنوات تخللته محاولة انقلاب قادتها مجموعة ضباط أشهرهم أحمد عبد الوهاب، وعبد الرحيم شنان ومحيي الدين أحمد عبد الله، وهى المحاولة الفريدة والوحيدة التي يتم فيها استيعاب الانقلابيين في نظام الحكم بدلا من اقتيادهم إلى المشانق أو الزج بهم في السجون في أفضل الأحوال.
وقد شجع هذا التعامل المرن مع الانقلابيين على تدبير انقلاب آخر ضد عبود قاده الرشيد الطاهر بكر المحسوب على التيار الإسلامي في البلاد، ولكن هذه المرة تعامل نظام عبود معه بالحديد والنار، حيث أعدم 5 من قادته شنقا حتى الموت، وزج بالآخرين في غياهب سجن كوبر أعتى سجن في الخرطوم، ظل عبود من بعدها يحكم في هدوء إلى أن أطاحت به في 21 أكتوبر 1964 أكبر ثورة شعبية في تاريخ البلاد، لتأتي حكومة ديمقراطية جديدة.
ظلت النظم الديمقراطية في البلاد بما يعتريها من بلبلة سياسية واستقطاب حاد تهيئ أرضية صالحة للانقلابات العسكرية، حيث شهدت البلاد أشهر انقلاب عسكري في تاريخ السودان الحديث، وهو انقلاب 25 مايو 1969 الذي قاده آنذاك العميد جعفر محمد نميري، ومجموعة من الضباط المحسوبين على الحزب الشيوعي والقوميين العرب، ومن أبرز قادة الانقلاب الرائد خالد حسن عباس، وزين العابدين محمد عبد القادر، وأبو القاسم محمد إبراهيم، وأبو القاسم هاشم، وهاشم العطا، وبابكر النور، وفاروق حمدنا الله، أسس النميري على الأثر نظامه القابض الذي امتد لـ16 عاما، ليعرف هذا الانقلاب بأنه أكثر الانقلابات تأثيرا على البلاد.
ورغم تحسبات حكم النميري للانقلابات مستفيدا من التجارب السابقة، إلا أن عهده شهد محاولات كثيرة فشلت جميعها، ولكنها حولت العاصمة السودانية إلى برك دم، وأشهرها ما نفذه رفقاء دربه من المنتمين مباشرة إلى الحزب الشيوعي في 19 يوليو 1971، والذي عرف بانقلاب هاشم العطا، الذي استولى جزئيا على العاصمة الخرطوم لمدة يومين، لكن النميري استطاع أن يعيد سلطته وينصب مشانق للانقلابيين من المدنيين والعسكريين، طالت كلا من زعيم الحزب الشيوعي السوداني آنذاك عبد الخالق محجوب، ومساعده الأيمن الشفيع أحمد الشيخ، وبابكر النور وآخرين من المدنيين، ومن الضباط قائد الانقلاب هاشم العطا وعشرات من الضباط والجنود.
ووقعت محاولة انقلابية أخرى فاشلة ضد نظام النميري، في العام 1975 بقيادة الضابط حسن حسين ولقي الانقلابيون على رأسهم المدبر حسين حتفهم رميا بالرصاص أو شنقا حتى الموت.
وفي 2 يوليو 1976، حاولت القوى السياسية المعارضة لنظام النميري التي كانت تنطلق من ليبيا قلب نظام الحكم، وأوكلت المهمة للعميد في الجيش محمد نور سعد بمشاركة واسعة من عناصر المعارضة التي تسللت إلى الخرطوم عبر الحدود مع ليبيا، وقد تعامل نظام النميري مع المحاولة بعنف غير مسبوق، حيث أعدم قائده محمد نور رميا بالرصاص وحول شوارع الخرطوم لمدة يومين إلى ساحة معارك مع الانقلابيين أسفرت عن مقتل المئات.
وبعد عام 1976، لم يتعرض نظام النميري لأية محاولة انقلابية إلى أن عصفت به ثورة شعبية عارمة في 6 أبريل 1985 عرفت بانتفاضة أبريل، والتي أعادت النظام الديمقراطي.
وتناحرت الأحزاب من جديد بعد الإطاحة بالنميري، حيث أصبحت الأجواء مهيأة لتنفيذ الانقلابات، فجاء انقلاب الرئيس عمر البشير في 30 يونيو العام 1989 بمساعدة الإسلاميين في السودان بزعامة الدكتور حسن عبد الله الترابي وحزبه الجبهة الإسلامية القومية.
وتعرض نظام البشير لعدة محاولات انقلابية، خاصة في بداية عهده، أشهرها المحاولة التي عرفت بانقلاب رمضان في عام 1990 بقيادة اللواء عبد القادر الكدرو، واللواء الطيار محمد عثمان حامد، وهى المحاولة التي انتهت بإعدام 28 ضابطا في الجيش من المشاركين فيها بمن فيهم قائدا الانقلاب الكدرو وحامد.
وفي عام 1992، وقعت محاولة انقلاب بقيادة العقيد أحمد خالد نسبت إلى حزب البعث السوداني، وقد حسمها الرئيس البشير عاجلاً وتعرض قادتها إلى السجون، ومنذ ذلك الحين خفت الانقلابات في البلاد ربما لتركيز المعارضة نشاطها المسلح من الخارج عبر إريتريا.
انقلاب موريتانيا
أدى تفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية بعد استقلال موريتانيا عن فرنسا إلى تنفيذ بالجيش الموريتاني أول انقلاباته عام 1978 على الرئيس المختار ولد دادة.
وقاد الانقلاب مجموعة من القادة يتزعمهم محمد خونا ولد هيدالة ومصطفى ولد السالك وجدو ولد السالك وولد بوسيف، ونصب العقيد مصطفى ولد السالك كرئيس للجمهورية وعلقت الحياة السياسية والحزبية، وفي يوم 6 أبريل من عام 1979، تم تنفيذ انقلاب أبيض كان من نتائجه إسناد رئاسة الوزراء للعقيد بوسيف مع إبقاء منصب الرئاسة للعقيد مصطفى ولد السالك دون صلاحيات تذكر.
وإثر مقتل بوسيف في حادث سقوط طائرته المتجهة نحو السنغال، أزاح ولد هيدالة المقدم ولد أحمد لولي ليجمع بين يديه رئاسة اللجنة العسكرية ورئاسة الحكومة ورئاسة الدولة ووزارة الدفاع في الوقت نفسه.
وفي 12 ديسمبر من نفس العام، أطاح انقلاب عسكري أبيض بمحمد خونا ولد هيدالة بقيادة معاوية ولد سيد أحمد الطايع، وفي عام 1992 نظم معاوية انتخابات رئاسية فاز فيها ثم أعاد ترشحه على التوالي سنتي 1997 و2003 وكان الفوز ملازمه كما هو حال الانتخابات في الدول العربية.
استمر معاوية في حكم موريتانيا عشرين عاما، تعرض خلالها لمحاولتين انقلابيتين فاشلتين.
وفي 3 أغسطس من عام 2005، قاد علي ولد محمد فال ومجموعة من الضباط انقلابا أبيض على معاوية الذي كان خارج البلاد يعزي في وفاة الملك فهد ملك السعودية، وتعهد ولد فال بعودة الديمقراطية إلى البلاد وهذا ما فعله إذ تنحى عن السلطة وسلمها للرئيس المنتخب سيدي ولد عبد الله، لكن في 6 أغسطس من عام 2008، نفذ الجنرال محمد ولد عبد العزيز انقلابه على الرئيس المنتخب لتعود موريتانيا إلى عهدة العسكر.