الزملاء والتلاميذ: «الباز» كان مدرسة فى الدبلوماسية وتعرض لظلم شديد

«رخا»: أزمته مع نظام «مبارك» بدأت بزيارة لأمريكا خطف فيها الأضواء من «جمال».. و«الريدى»: كان أكثر من يفهم الأمريكان.. «سعد»: كان متواضعاً.. وسيظل حالة خاصة و«تركيبة» من الصعب أن تتكرر
أسامة الباز أسامة الباز

أجمع عدد من الدبلوماسيين، الذين عملوا مع السفير الدكتور أسامة الباز، على أنه كان شخصية نادرة ذات ثقافة وخبرة موسوعية فى جميع المجالات السياسية والقانونية، ترك بصمة واضحة فى الدبلوماسية والحياة السياسية المصرية منذ السبعينات، وعلى مدار 3 عقود، لكنه تعرض فى نهاية حياته لظلم كبير حرمه من التكريم الذى كان يستحقه.

وأكد السفير عبدالرؤوف الريدى، الرئيس الفخرى للمجلس المصرى للشئون الخارجية، لـ«الوطن»، أن «الباز» لعب دورا مهما جدا فى السياسة الخارجية المصرية، خاصة فى مباحثات ومفاوضات كامب ديفيد، ومساهمته الرئيسية فى صياغة معاهدة السلام عام 1979. واعتبر أن الرجل الذى كان مقرباً من الرئيسين السادات ومبارك أبعدته «جفوة» ما حدثت بينه وبين نظام مبارك، لكن لم يتمكن أحد من حل محله.

وتابع «الريدى»، الذى بدا متأثراً لوفاة «الباز»: «كان صديق عمرى، ووفاته خسارة كبيرة لمصر؛ حيث كان أكثر شخص يفهم الأمريكان وكان قادرا على التعامل معهم بحزم ودبلوماسية فى نفس الوقت، وهو ما نفتقده فى الوقت الحالى، وأسهم فى بناء الحقبة الدبلوماسية فى السبعينات والثمانينات والتسعينات»، موضحاً أنه كان يتميز بالذكاء الحاد، وهو ما ذكره كبار ساسة العالم فى كتبهم، مثل موشى ديان، وزير خارجية إسرائيل آنذاك، وكذلك الرئيس الأمريكى جيمى كارتر، الذى كان يعرفه عن قرب ويتحدث معه لساعات طويلة يومياً خلال مفاوضات كامب ديفيد.

وقال السفير رخا حسن، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية: «الدكتور أسامة ظُلم ظلماً بيّناً رغم دوره الكبير، تماماً مثل جزاء سنمار الذى بنى قصرا عظيما فعاقبه الملك بقتله حتى لا يبنى غيره؛ حيث أدى دورا رائعا ومتميزا، لكن النتيجة كانت أنه لم يُكرَّم فى نهاية حياته ولم يحصل على الأوسمة التى يستحقها رغم أنه قدم لرئيس الدولة خدمات لا تقدر بثمن». وأوضح أنه كان مستشاراً أيضا للرئيس السادات وليس لمبارك فقط، وأبرز الملفات التى عمل بها مع السادات: ملف الشرق الأوسط؛ حيث كان يضع كل البدائل لعملية السلام، ورسم سيناريوهات السلام قبل «كامب ديفيد»، وكان مايسترو عملية السلام بعد حرب أكتوبر، وكان مستشاراً غير رسمى للسادات، الذى كان يستشيره فى كل صغيرة وكبيرة.

وأضاف: «كان مهندس تعريف جمال مبارك بالأمريكان والرئيس جورج بوش، وهذه الزيارة خلقت أزمة بينه وبين جمال مبارك؛ لأن الأمريكان استقبلوا الباز كشخصية رئيسية وجمال مبارك لم تكن له صفة ومجرد مرافق للوفد، كانت هذه القشة التى قصمت ظهر البعير؛ لذلك بدأ دوره يضعف منذ ما بعد 2005»، لافتاً إلى أن الدكتور على الدين هلال والدكتور محمد كمال لم يستطيعا تعويض دوره، رغم اعتماد جمال مبارك عليهما.

واعتبر السفير رؤوف سعد أن «الباز» كان حالة خاصة ومصريا حتى النخاع، ووطنيته كانت تقوده لتجاوز كل الإغراءات ورفض تولى مناصب كثيرة فى «الخارجية»، وكان ما يهمه المصلحة الوطنية وليس الطموحات، ولم يتولَّ منصب سفير فى أى دولة. وكان متجردا عن دوافعه الشخصية ويقدم إسهامه من وراء الستار ويبنى دون ضجة ودون ظهور.

وتابع: «كان من أفضل من رأيته فى العمل كفريق، ويهتم بالصغير قبل الكبير، وهو رجل بسيط تجده فى مكتبه أمام تلال من الأوراق ولم يحدث مرة واحدة أنه جلس فى المقعد الخلفى للسيارة وكان متواضعا للغاية».

وأكد «سعد» أن «الباز» سيظل حالة خاصة جدا وتركيبته صعبة التكرار، وأن مصر الآن فى حاجة إلى تركيبة «الباز» فى مرونة التعامل مع القضايا الخارجية والداخلية. واتفق «سعد» مع القائلين بأن ظهور جيل جمال مبارك هو ما جعل دوره يتوارى ولم يكرَّم التكريم اللائق. وأضاف: «أتوقع أن يقوم الوزير نبيل فهمى بتكريمه وتخليد ذكراه فى الخارجية؛ لأنه رمز وطنى ورمز لتواضع العلماء ويشرف وزارةَ الخارجية انتماؤه إليها».