زحام حركات التكاتك الذى لا تكسره سوى نداءات سائقين المايكروباص المبحوحة وباعة الخضراوات أعلنت عن وصوله إلى ناصية شارع "نهاية"، ارتدى ملابسه المكونة من الأبيض والأسود، وبنفس الألوان حدد وجهه بعيدا عن الألوان الرمادية المترددة.. بحركات تشبه شارلى شابلن بدأ عرضه على الفور ليجذب اهتمام أهل المنطقة ومعها كلمات السخرية التى اخترقت أذنه وعبرت من الأخرى دون أن تجرح حبل الأفكار المترابط داخل عقله لينسق المشهد بالخارج وهو يتحرك دون كلمات ويقدم عرضا مسرحيا منفردا يشرح للأطفال قيمة الأمانة بشكل ساخر، وصل لمنتصف العرض ومعه وصلت ابتسامة تخللت وجهه بجرد تحقق هدفه كالعادة بالاهتمام الذى يأتى نحو العرض، وتبدل كلمات السخرية بأسئلة حول نوع العرض، ليجيب صديقه الذى شاركه المغامرة أن هذا فن التمثيل الصامت المعروف باسم البانتومايم.

أحمد نجدى أو "أوسكار" جذبه هوس فن البانتومايم أو "التمثيل الصامت" مع عام 2006 حين اخترقت عقله هذه الحركات التى تتعدى حواجز اللغة، ووضعته فى تحدى الوصول برسالته للجميع دون أن يتحرك لسانه بكلمة واحدة، ثلاث سنوات من الدراسة وكان يقرر أن ينزل بعرضه إلى الشارع وحيدا، فكرة قابلها الرفض من الجمهور وإحباط الأصدقاء ليعود إلى سجن بين حوائط منزله حتى قامت ثورة مصر ومعها دفعه حماس لتحضير عروض أقوى، والنزول للشارع مرة أخرى، ومن وقتها وهو يسترق أى لحظات فراغ ليتنقل بين محطات المترو، وشوارع مصر الفقيرة والراقية، يعرف الناس بسر فنه.

رحلات أحمد تحمل بداخلها هدفين أحدهما لبلده يتلخص ببساطه فى كلماته العفوية وهو يقول "عايز مصر كلها تعرف يعنى إيه بانتومايم وتحبه" والهدف الآخر شخصى تندفع به لهجة واثقة ولمعة تبدو من عيونه المحددة باللون الأسود "عايز أكون فى يوم أيكونة عالمية فى الفن ذى شارى شابلن، لكن بتتكلم عن مصر وأهلها وتوصل صوتهم من غير حروف أو نطق".

طيب وليه نحب العروض الصامتة وإحنا ممكن نتكلم؟.. سؤال يأتى لنجدى من بين صفوف الأطفال المتراصة حوله لتتعرف عن ما يقدمه فيجيب سريعا "دة مش حب ده هوس وعبقرية فى أنك تقدر تمثل وتبنى مشهد كامل من غير أى كلام، ومتعة أنك تتفرج وتحلل كل حركة وفن تعبيرى عشان توصل للمعنى إللى نقصده".

أوسكر صاحب الثمانية والعشرين عاما درس فى الأصل الآداب والتربية الإنجليزية بجامعة حلوان، وعمل فى التمثيل والموسيقى، وعن سر اسم أوسكار يقول "الاسم جه من دكتورة فى الجامعة أسمها حورية بركات، وأطلقته على عشان كنت بكتب حاجة وتصادفت أنها شبه حاجة الكاتب الإنجليزى العالمى أوسكار وايلد ومن وقتها وده اسمى".