"لما تخبط حد بعربيتك أو تشوف حد اتخبط بعربية صاحبها فك
وجرى، أمشى وسيبه، لأن المجدعة ممكن تخليك تتحبس فى النيابة ويبقى عندك قضية فى
المحكمة وربنا يسترها"، هكذا بدأ حديث محمود محسن سائق تاكسى، الذى تربى
وتعلم فى المدارس والكليات الأزهرية إلا أنه بعد أن أمضى سنوات طويلة فى الجامعة
نظر حوله وجد أقرانه يحصلون على شهادات عليا وينتمون بعدها إلى "حزب العاطلين"
إلا أن محمود فضل أن يخوض تجربة السفر إلى ليبيا وعمل هناك 3 أشهر مع أحد
المقاولين، حيث كان يقوم بتوفير الشقق السكانية المناسبة للمترددين على الشركة
التى يعمل فيها، ولأن الحال لا يسر عدو ولا حبيب، فقد فضل أن يعود إلى مصر باحثا
عن عمل حتى وإن لم يكن بمؤهله الدراسى، حيث رفض أن يمتهن المحاماة أو يكون مأذونا
شرعيا لأنه خريج كلية شريعة وقانون، وبعيدا عن مؤهلاته الدراسية فضل أن يعمل "تاكسجى"
على عربة يمتلكها أحد أقربائه.
ويؤكد
محمود أن مهنته أوردت عليه أناس كثيرين، وعرف أنماط مختلفة من البشر وتعرض لمواقف
كثيرة منها المضحك ومنها المحزن، إلا أنه فى جميع الأحوال عليه التكيف والتعامل مع
"الزبون"، ويروى "محمود" قائلا: ركب معى طبيب ذات مرة وطلب
منى أن أقود السيارة بسرعة حتى يلحق موعدا له وعندما وقف الطريق من شدة الزحام نزل
فى منتصفه وأخذ مواصلة ثانية ولم يحاسبنى فقط إلا على العداد رغم أن مشواره طويل
وليس منطقة عملى مما اضطرنى أن أعود بلا زبائن وأتكبد ثمن البنزين وبحسبة بسيطة
يعنى أنا وصلت الزبون من على حسابى"، وبنبرة غاضبة يقول محمود ليه الزبون
يزعل لما يشاور للتاكسى ويرد عليه السائق مش فاضى فليس من الوارد أن يكون صاحب
التاكسى مرتبط بموعد مع طبيب مثلا أو لديه ظرف عائلى يمنعه من العمل وقتها، أو أن
ورديته انتهت ولابد أن يقوم بتسليم التاكسى لزميل آخر ليبدأ العمل".
ويردد
محمود قائلا: "لابد أن نلتمس الأعذار لبعضنا البعض كل فى موقع عمله، وأكثر
المواقف تحزننى عندما يكسر على حد ثم يشتمنى على اعتبار أنى ماشى غلط، وإن كنت ذات
يوم شتمت أحدا اعتدى على فى الطريق فرد على بشتائم تهين أسرتى ومن يومها تعلمت ألا
أشتم أحدا حتى وإن كان مخطئا لأن أهلى أشخاص عزيزة على نفسى ولا أحب أن أكون مصدر
إساءة لهم".
وأيضا
تعلمت من عملى كسائق ألا أسعف أحدا، حيث إننى ذات يوم صدمت أحد المارة بطريق الخطأ
وقد قمت بتوصيله إلى المستشفى وتكفلت بعلاجه إلا أن الأمر تتطور وأصبحت مدانا أمام
القانون وسجلت ضدى قضية انتظر الحكم فيها بعد عدة أشهر، ومن الممكن أن أفقد
مستقبلى إذا لا قدر الله حكم على بالسجن، أنا عارف أن بلدنا حلوة بس يا ريت نحب
بعض ونخاف على أرزاق بعض ومستقبل بعض".