حالة من الاحتقان والغليان سيطرت علي جميع فئات الشعب.. بعد أن فشل
الإخوان في حل مشاكل البلاد تفرغوا وسيطروا علي جميع مفاصل الدولة.
وباتوا يتسولون المعونات في البلدان العربية علي حساب حرية المواطنين، بل
وفرضوا القيود علي حرية الرأى، ولم يعد الشعب قادراً علي تلبية احتياجاته
الأساسية في ظل ارتفاع الأسعار ونقص السلع الأساسية والاستراتيجية، فازدادت
المشاكل والأزمات، ولم يعد هناك أمل في التغيير، فتعالت صيحات الجميع
بالمطالبة بإسقاط النظام مما ينذر بانفجار عنيف، لنشهد موجة ثالثة من موجات
الثورة تخرج فيها جموع الشعب الذي سيبذل قصارى جهده من أجل تحقيق المطالب
التي قامت من أجلها ثورة يناير.
بعد اندلاع ثورة يناير، انفجرت الموجة الثانية من الثورة مع بداية أحداث
محمد محمود التي وقعت في 19 نوفمبر عام 2011، في ظل حكم المجلس العسكرى،
والتي وقع خلالها عشرات القتلى من شباب الثورة، وطالب الثوار بحقوق الشهداء
وتحقيق المطالب التي قامت من أجلها ثورة يناير، إلي أن انتهت الموجة
الثانية بانتخاب أول رئيس مدنى وضع عليه الشعب آماله وخلع المجلس العسكرى
حتي استيقظ المواطنون على صدمة عنيفة فقدوا فيها الثقة فيمن منحوه أصواتهم،
حيث جاء بدستور معيب، وقيد حريات المصريين ولم يحقق أي هدف من أهداف
الثورة، فضلاً عن محاولاته المستمرة لأخونة جميع مفاصل الدولة، لتظل الثورة
مستمرة، ودعا البعض إلى بدء الموجة الثالثة من أجل إسقاط النظام.
الدكتورة ابتهال رشاد مستشار التنمية البشرية وحقوق الإنسان، ترى أنه لابد
أن تحدث الموجة الثالثة من الثورة في ظل ما نعانيه من انعدام للإدارة
السليمة، فأهداف ومطالب الثورة لم تتحقق حتي الآن، والنظام الحالي أصبح
امتداداً للنظام السابق، لذا لابد أن تقوم الثورة من جديد، وتستكمل قائلاً:
المواطن المصري لم يشعر بأى تغيير منذ الثورة، بل ازدادت الأزمات والمشاكل
وأصبحنا نسير من سيئ إلي أسوأ، بعد أن فرضت القيود علي حرية الإعلام
والقضاء، والبشر أيضاً، ولم تعد هناك حلول ولا أمل في التغيير، فالجميع
يشعر بحالة إحباط مما نراه من عنف، فنحن في حالة من الفاشية السياسية
والاجتماعية والاقتصادية، فالفقير يزداد فقراً، والأسعار تزداد ارتفاعاً،
ولم تعد الطبقات الفقيرة والوسطى قادرة علي تلبية احتياجاتها الأساسية.
الموجة الثالثة من الثورة ستكون لثورة الجياع، ولا بديل عنها لأن الحكومة
لا تعتمد علي الإدارة الحكيمة، بل وتلعب بمقدرات البلاد، مما جعلها غير
قادرة علي السير للأمام، بل أدخلت البلاد في صراعات نحن في غني عنها، وتفكك
بين فئات المجتمع، لكن هذه المرة لن يستطيع أحد الوقوف أمام الشعب،
فالرئيس السابق حسني مبارك لم يستطع الوقوف أمام جموع الشعب الذين خرجوا في
25 يناير 2011 وصمموا علي تحقيق أهدافهم حتي أسقطوا النظام.
لكن الموجة الثالثة من الثورة سوف تسيل دماء أكثر، وسيزداد العنف، لأن
جماعة الإخوان لن تقبل بحدوث ثورة جديدة تجبرهم علي الرحيل، لكن من المتوقع
لهذه الموجة أن تنجح لأنها ستكون أقوى، وسوف تلتحم فيها قوي الشعب وبينهم
الجياع، من أجل إسقاط النظام، فلابد من التضحية الجادة، وسوف نلاحظ أيضاً
هذه المرة اشتراك النساء ويجب أن يعود شباب 25 يناير لنقف جميعاً يداً
واحدة.
انفجار عنيف
أحمد بهاء شعبان الأمين العام للحزب الاشتراكى المصرى والمنسق العام
للجمعية الوطنية للتغيير، يقول: ليس من المستبعد أن ينفجر الشعب المصرى مرة
أخرى بعد أن راهن علي تيار الإسلام السياسي لحل مشاكله، ثم فوجئ بأن
الجماعة غير قادرة علي إدارة البلاد، فمن المتصور هذه المرة أن تقوم ثورة
الغضب والفقر وفقدان الكرامة وسوف تنفجر جماهير المهمشين وأعتقد أن تكون
أكبر من طاقة جماعة الإخوان لأنها ستكون عنيفة وقوية، ولن يمكن السيطرة
عليها من قبل أي حزب أو قوى سياسية لأنها موجهة ضد عناصر الإخوان، وقد سبق
أن رأينا «بروفة» بسيطة منها في أحداث المقطم، عندما بدأت الجماهير تصعد
إلي المقطم وتخرج عليهم من كل صوب، ونالت وقتها جماعة الإخوان ضربات قاصمة،
وأتوقع ألا تستمر مصر في ظل هذا الانهيار والهبوط الذي يهدد وجود الدولة
نفسها، فهناك مؤامرة لأخونة الدولة، وتخبط وترد في أداء مؤسسات النظام،
فضلاً عما نعانيه من أزمات اقتصادية تجبر النظام علي تسول المساعدات مقابل
الحرية والاستقلال الوطنى، فهناك تنازلات عديدة تحدث الآن من أجل مصالح
الإخوان.
ويضيف: زادت حالة الاحتقان في الشارع علي كل المستويات، بما ينذر بحدوث
انفجار عنيف، عند وقوع أي أزمة، فالوضع الحالي في غاية الخطورة بعد أن
استولى الإخوان علي الثورة والسلطة والدستور وكل مقاليد الأمور، دون تقديم
مبرر، أو وجود أمل في التغيير، حتي وصل الأمر إلي إعادتهم الاعتبار للنظام
السابق، حيث لاحظنا أن أغلب المواطنين يترحمون علي نظام مبارك، لسوء
ممارساتهم وسلوكهم، وهذه المرة لن يستطيع أحد أن يحميهم من هذه الغضبة، لأن
الثورة عندما تحدث لا يكون لها حسابات، ولا يمكن لأحد توقع النواحي
الاقتصادية، فالجميع سوف ينزل إلي الشارع حتي ولو ماتوا من الجوع، آملين في
تغيير الأوضاع، فمصر تعيش الآن في أسوأ أوضاعها، ورفع الناس شعار «ليس
لدينا ما نفقده» ولعل هذه الموجة من الثورة تحسن الأوضاع.\

ثورة جياع
أحمد عز العرب نائب رئيس حزب الوفد، يشير إلي أن العنصر الأساسي لإشعال
الموجة الثالثة من الثورة يمثل ثورة جياع مع ثورة المطالبة بالديمقراطية،
ومهما فعل الإخوان فلن يستطيعوا أن يوقفوا هذه الموجة الثالثة فهم لا
يفعلون سوي المماطلة فقط بلا أمل، وخروجهم من السلطة يعني خروجهم من الحياة
السياسية تماماً وربما يعودون إلي السجون مرة أخرى، لذا فسوف يستميتون هذه
المرة بكل قوتهم من أجل البقاء في الحكم، وسيحدث مزيد من إراقة الدماء،
وأتوقع أن تنجح الثورة هذه المرة لأن النظام الحاكم أصبح عبارة عن عصابة،
وأصبحت الأوضاع التي نعيشها تسير من سيئ إلي أسوأ.
مزيد من الدماء
الدكتور محمد كمال القاضي، أستاد الدعاية السياسية بجامعة حلوان، يقول: لن
تقبل جماعة الإخوان بأي حال من الأحوال أن تندلع الموجة الثانية من
الثورة، لذا سيكون هناك رد فعل عنيف من قبلهم، كما سوف تُسال دماء كثيرة
أيضاً، فنحن نعيش في عصر اللادولة، فالثورة الأولى لم تحقق اهدافها، لذا
فإنها مستمرة ولم تنته بعد، لأنها لن تنهي الا بتحقيق الأهداف التي قامت من
أجلها، ومن المؤكد أن تكون هناك استماتة من الاخوان في التمسك بالحكم، لكن
الأمر يكمن في ارادة الشعب واصراره على استكمال ونجاح الثورة، فالاحتلال
الانجليزي كان متمسكا بمصر باستماتة، كما فعل الحكم العثماني نفس الشىء،
ومع ذلك تحققت ارادة الشعب، وتخلصنا من هذه الحكومات الفاسدة، فاذا توحد
الشعب على كلمة واحدة، فلن يقف أمامه أحد، فالتمسك بالحكم لن يجدي هذه
المرة، لأن ارادة الشعب الجماعية ستكون أقوى، فاذا نظرنا لدروس التاريخ نجد
نتائجها لا تختلف في جميع أنحاء العالم، فكلما زادت الازمات الطاحنة التي
يعاني منها الشعب عجل ذلك بنجاح الثورة، وهذا يعد قصوراً سياسياً لدى
الإخوان، فإذا عالجوا المشاكل الاقتصادية والسياسية فإنهم سوف يتمكنون من
الاستمرار في الحكم كما أن المواطن عندما يجد أن مشاكله تم حلها فلن يشارك
في الثورة لذلك فإن زيادة الأزمات يعجل بنجاح أي ثورة، خاصة أن النظام
الحالي يعد أسوأ من نظام مبارك وأعمار الشعب الي الوراء.
استكمال التطور الديمقراطي
عبدالغفار شكر القيادي بحزب التحالف الاشتراكي يري أنه لا يمكن التنبؤ
بنجاح أو فشل أي ثورة فهناك ظروف عديدة تحكم الثورات لكن الموجة الجديدة من
الثورة ستكون ذات طابع اجتماعي خاص، فإذا لم يقم الحاكم باستكمال عملية
التطور الديمقراطي والسير للأمام من أجل انقاذ الوطن والعمل علي حل مشاكل
الناس الاجتماعية خاصة الفقر والبطالة والتهميش والسكن والأجور فسوف تشهد
مصر موجة ثورية ثالثة وسوف يطلق عليها ثورة الجياع وأبطالها هم المظلومون
والمقهورون!
ويضيف» لا شك أن جماعة الإخوان المسلمين سوي تتصدي لها، فقد سبق أن شهدنا
موجة من الإضرابات العمالية لفئات عديدة في المجتمع كالأطباء والمعلمين
ووقتها ظنوا أنها مؤامرة لإفشال نظام حكم رئيس الجمهورية ولم يهتموا بها
وأعتقد أنهم في حالة اندلاع الموجة الثالثة سينظرون اليها وكأنها مؤامرة
جديدة ضد السلطة خاصة إذا حدثت بعد انتخابات مجلس النواب، فسوف تزداد
الأمور سوءا لأن النظام الحالي كان يراهن علي تدفق أموال الخليج الي مصر
وجذب استثمارات عديدة بمجرد وصولهم للحكم وهذا مع الأسف لم يحدث كما أن
صندوق النقد الدولي اشترط زيادة الأسعار علي كافة السلع وإلغاء الدعم علي
بعض السلع، وتعويم الجنيه، وهذا ما يحدث الآن بالفعل مما يثير غضب الشعب
المصري الذي لا يشعر بالتغيير ولا تحسن الأوضاع لذا فإن الثورة هذه المرة
ستكون أعنف، لأن الثورات ذات الطابع الاجتماعي تكون عنيفة وفي هذه الحالة
ستخرج جموع الشعب بكل طوائفه لأن المواطن ليس لديه ما يخسره فهو محروم من
كافة ضروريات الحياة، ولن يكون أمامه سوي الثورة من أجل التغيير والإصلاح.
مسلسل الأخونة
يؤكد المستشار كمال الإسلامبولي رئيس المجلس الوطني المصري عضو مجلس أمناء
التيار الشعبي أن ما يصدره حازم صلاح أبو إسماعيل من تصريحات لتهديد
المعارضة والقيام بثورة إسلامية لن يؤدي إلا لزيادة اشتعال الموقف السياسي
ولا تعمل هذه التصريحات علي تقريب وجهات النظر بين الفصائل السياسية
المختلفة في مصر فالمشهد السياسي ليس حكرا علي اليمين الديني المتطرف
ومانحن فيه الآن ما هو إلا نوع من الممارسات السيئة التي يمارسها الرئيس
دون خبرة أو ارتكاز علي قاعدة شعبية محددة لأن ممارسات الدولة تتم وفقا
لمنهج تنظيمي يحقق أهداف الإخوان ولا يحقق مصالح الدولة، فالإخوان يسعون
بجدية الي تفكيك مؤسسات الدولة مما أدي الي الصراع بينهم وبين هذه المؤسسات
التي ترفض الانصياع لمبدأ جماعة الإخوان لأنها مؤسسات ملك للوطن وليست
ملكا للنظام. وهذا يؤدي لتعمق حالة الصراع الموجودة فهم يسعون لإقصاء البعض
وفرض منهج تنظيمي علي مؤسسات الدولة، وكل هذه الأمور تشير الي استمرارية
الثورة التي تتوالي موجاتها لأننا لم نقم باستبدال نظام سيئ لنأتي بنظام
أسوأ فمنحي الثورة يرتفع ثم يدخل مرحلة ترقب وهي المرحلة التي نمر بها الآن
والتي سترتفع مرة أخري.