fiogf49gjkf0d

علما مصر وسوريا هما كل ما تبقى لديه، لضم خيوطهم ليصنع رداءً يدارى ثقوب ملابسه المهلهلة التى لا تقى عيون الناس من ألم مشاهدة حروق جسده يوم خرج مع الشباب إلى ثورة تنادى بالعيش والحرية، التحف بهم وهو يضع قدمه الأولى خارج سجنه الذى لا تنتهى أيامه، هذه الحجرة التى يشاركها مع حمار على طريق الوايلى، أغلق الباب وعلق عليه لافته "كليتى للبيع" واتجه نحو التحرير مرة أخرى لينادى بالعيش والحرية.. وعروسة تقبل بمصاب ثورة.

السيد حسن إبراهيم صاحب الـ 49 عامًا توقفت أحلامه بالكامل يوم 25 يناير 2011 أمام هتاف "يسقط حسنى مبارك" وقتها تخيل أن رأس الفساد هى السبب فى شقائه هو وكل من مثله، جاء إلى التحرير حاملا قلبه فوق يديه مقسما على زوال دولة الفساد أو الموت، تخيل أنه عقب نجاح الثورة سيستطيع الحياة مع أمه فى شقة آدمية ملقيا الحياة مع الماشية وعلى لمبة الجاز فى حارة "النوبى" خلف ظهره، كلماته تصف حاله وهو يقول "طلعت أفكار ساذجة من راجل غلبان"، اكتشف أن قلبه وحده ليس كافيا حمل كليته أيضا فى طريقة نحو مستشفى المطرية ليضعها على قائمة المبيعات، حدد السعر 35 ألف جنيه.. ثمن حجرة فوق أى سطوح، وربما يدخر ألفا أو ألفين للزواج عقب أن فارقته أمه التى عاش لخدمتها منذ أيام، قرر أن يصبح قلبه لميدان التحرير ولثورة يعرف الآن أنه لن يجنى منها شيئا، وكليته حتى يستطيع الحياة وترك الثورة لأجيال ربما تعيش حياة أفضل منه.

شهادة الإصابة فى يوم الثورة الأول متواجدة بيد عم السيد مثلما هى مطبوعة فوق جسده، قنبلة حارقة ألقته طريح قسم الجروح بمستشفى قصر العينى، ولكن السير فى طريق بيع كليته أقل مهانة له من البحث عن تعويض لجروح ثورة خرج يضحى بحياته من أجلها، الابتسامة التى رسمها بصعوبة فوق وجهه بدأت فى الاختفاء وهو ينظر إلى الإنجيل والقرآن اللذان يحملهما فى كيس أسود لا يفارق يديه، قبل أن يحكى كيف سكتت هتافات صديقة الوحيد جرجس حنا إلى الأبد عقب أن تلقى رصاصتين اخترقا حنجرته، ليسقط من جانبه على الفور.

عم السيد احتاج أن يستلف قلما، استلفه من أحد الشباب ليكتب طلب ثورته فوق وجه "فينديتا" هو فى الأصل لا يعرف إلى ماذا يرمز الوجه ولكن شيئا ما جذبه إليه حين وجده فوق أرض ميدان التحرير، استخدم خياله ليضيف إليه ذقن "والحدق يفهم" قبل أن يكتب "ارحل يا عم.. خلى عندك دم".