fiogf49gjkf0d
وسط هدوء، كان غائبا منذ فترة، خيم عليه حزن على ما حدث، بدأ الأهالي من قبيلتي العرب والهوارة في قريتي أولاد يحيى وأولاد خليفة في سوهاج (وسط صعيد مصر)، في تلقي العزاء في ضحايا المعارك الثنائية، ايذانا بدخول الصلح مرحلة التنفيذ وبدء صفحة جديدة بين أبناء القبيلتين بعد خلاف تطور الى اشتباكات مسلحة منذ أكثر من شهرين.
وهزم أبناء القبيلتين الشيطان واستجابوا لصوت العقل والحكمة، وجنحوا للسلم تجنبا لاستمرار فتنة كادت تأتي على الأخضر واليابس وعلى مدخل قرية أولاد يحيى أقيم سرادق عزاء كبير، كاد يسد الطريق الزراعي السريع، والذي يربط القاهرة وأسوان.
وتقبل أولاد يحيى عزاء «الراي» وبدا على والد قتيل هوارة الطالب في كلية التجارة حسام محمد عبدالله علامات التسليم بقضاء الله، وقال انه لم يفكر في الاعتراض على تلقي عزاء ولده علامة على رضاه بالصلح بناء على طلب كبراء الهوارة أبناء عمومته على حد قوله.
وقال الأب، انه افتدى بالصلح قبيلته وعائلته وبلدته، كما افتدى أيضا شباب أولاد خليفة.
وقدم كبراء أولاد خليفة واجب العزاء لوالد الطالب القتيل، كما قدمه مدير الأمن وقيادات المديرية وضباط شرطة دار السلام، ووجه أهل القتيل الشكر لجهود رجال الداخلية والكبار والمشايخ للتوصل الى الصلح لعودة الحياة الى مجاريها بين قريتي أولاد يحيى وأولاد خليفة.
وقال والد الطالب: «العداء والقتال لايمكن أن يجني أحد من ورائهما مكاسب، مشيرا الى الأحداث التي تشهدها البلاد من تخريب، رافضا أن تساهم قبيلته في الخراب». وأضاف ان «أولاد يحيى من أكبر قرى الصعيد، لم تعرف يوما الثأر وتربطها علاقات مودة وحب مع أبناء خليفة، متعهدا أمام الله ألا يعودوا للقتال مرة أخرى».
وقال المحامي من أولاد يحيى محمد النقر انه «تم الاتفاق مع أولاد خليفة بحضور مدير أمن سوهاج اللواء محسن الجندي ونائبه اللواء هشام عبدالوهاب على انهاء النزاع بصورة نهائية دون شروط من أحد، معتبرا اقامة سرادقات العزاء لضحايا الطرفين أكبر دليل على جدية الصلح».
وأضاف لـ «الراي»: «أبناء الصعيد معروفون بعاداتهم وأنهم لو رفضوا تلقي العزاء لكان المعنى رفضهم المصالحة مصرين على الثأر».
«الراي» في جولتها في القريتين، المتجاورتين، شاهدت عودة الحياة، الى طبيعتها بعد اعلان القبيلتين عن قبولهما تلقي العزاء في ضحاياهما، وخرج الأهالي الى زراعاتهم، بعد أن كادت المواشي تموت من الجوع بسبب عدم جني البرسيم.
وقالت مصادر، ان «أقباط نجع الغرقان عاشوا أياما عصيبة بسبب المعارك الدائرة بين العرب والهوارة، وأن قذائف أسلحة الجرينوف كانت تقع على بيوتهم من جميع الاتجاهات، فمنعتهم من الخروج مدة الشهر».
وقالت المصادر، ان «كنيسة القرية لم تصب بضرر، مشيرة الى أن غلال الأقباط المخزنة كانت قد قاربت على النفاد، وأن ضروع البهائم قاربت على الجفاف.
وفي قرية أولاد خليفة التي زارتها «الراي» أيضا لم يختلف المشهد كثيرا عن الأحداث في أولاد يحيى، حيث عادت الحياة الى الهدوء وشوهد التلاميذ في الطريق لمدارسهم بعد انقطاع، وقال الطالب كريم عبدالحميد لـ «الراي»: انهم منعوا من الخروج الى مدارسهم منذ اكثر من 20 يوما دوت فيها أصوات الرصاص في المنطقة باستمرار، مضيفا، انهم ذهبوا الى مدارسهم وصافحوا أبناء أولاد يحيى في ود ومحبة، مشيرا الى صداقتهم وأنهم لا يعرفون الحقد ولا الكره.
وأقام أولاد خليفة سرادق عزاء كبيرا وتجمعت الأسر والعائلات لتلقي العزاء وحضر أولاد يحيى وقدموا الواجب، وقال والد قتيل أولاد خليفة الطالب حسين السيد، انه افتدى قبيلته وعائلته وأبناء هوارة وايضا استجاب لصوت العقل والحكمة لأجل عودة الأمن للجميع. وقال المحامي من أولاد خليفة ياسر حمدي، انهم «عازمون على اتمام الصلح بين القبيلتين من دون شروط، واذا حدثت مشاجرة بين أفراد من القبيلتين فسوف يعتبرونها حالة فردية ولن تتدخل القبيلتان بوصفهما عصبيات حتى لا تتكرر المعارك الجماعية».
وذكر ان «أبناء الصعيد محبون للخير والسلام ويكرهون العداوة والبغضاء، مشيرا الى أن قوات الأمن أخلت تمركزاتها بالمنطقة بعد الاتفاق على المصالحة وعادت الحياة لطبيعتها».
من جانبه، اوضح رئيس لجان المصالحات في محافظة سوهاج رئيس محكمة جنايات قنا وابن هوارة في أولاد يحيى المستشار أبوالمجد أحمد، انه «سيترافع أمام محكمة جنايات سوهاج 25 الشهر الجاري خلال محاكمة المتهمين الـ 7 من الطرفين وسيطلب من رئيس المحكمة التنازل عن القضايا بين الطرفين لاتمام الصلح موجها الشكر لقيادات امن سوهاج».
ومن جهته، اوضح مدير أمن سوهاج اللواء محسن الجندي لـ «الراي»، ان «وزارة الداخلية أعطت اهتماما كبيرا للصراع بين العرب والهوارة، ودعمت مديرية أمن سوهاج، وان الشرطة تمكنت بالتفاوض من وقف اطلاق النيران بين الطرفين اللذين تعهدا بعدم تجدد الاشتباكات موجها الشكر لأبناء العرب والهوارة ولقيادات أمن سوهاج».