fiogf49gjkf0d
فخ الهوية .. الكويت الحالة والحل

هل هناك بالفعل أزمة خطيرة تهدد "الهوية الكويتية"؟ وهل هناك من ينصب لها الفخاخ ويريد لها التفكك والاضطراب والفوضى المجتمعية لجني فوائد شخصية/ فئوية؟، أم أن الأمر لا يعدو كونه صراع أفكار وطبقات اجتماعية وأيديولوجية بديهية تحدث في كل التجارب الديموقراطية في العالم، وما المتغيرات التي طرأت على المجتمع في الآونة الأخيرة حتى يثار ملف الهوية ويتصدر المشهد الكويتي بكل تفاصيله؟

في إطار هذه التساؤلات حول واحد من أهم محددات الوجود للفرد والمجتمع على السواء، يسعى هذا كتاب ( فخ الهوية/ الكويت .. الحالة والحل) الذي صدر حديثاً للكاتب الصحافي الزميل عادل حسين بدوي، إلى ملامسة جرح الهوية، وتشخيص أمراض صعوبة الاندماج البّناء والتعايش الخلّاق بين أطياف وطوائف المجتمع الكويتي.

والكتاب يتناول قضية "الهوية الكويتية" بأبعادها التاريخية والدينية والقانونية والسياسية والديموقراطية، من خلال حوارات عميقة مع نخبة من الأكاديميين والمهتمين بالشأن العام الكويتي، وهم: الكاتب والمفكر الأستاذ احمد الديين، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور شفيق الغبرا، وأستاذ القانون الدستوري في جامعة الكويت الدكتور محمد الفيلي، والباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية والمستقبلية في جامعة الكويت الدكتور فارس الوقيان، والأمين العام السابق للأمانة العامة للأوقاف الدكتور محمد عبد الغفار الشريف.

 

وفي المقدمة التي ضمت تجارب لدول نجحت في صهر جميع مكونات شعوبها على اختلاف أصولهم وثقافتهم وأعراقهم مثل بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية يتساءل الكاتب: هل تدشن مفاهيم العولمة الحديثة وقيمها لحضارة إنسانية جديدة تقوم على أنقاض المفهوم التقليدي للهوية، حضارة تنشب مخالبها لتُنهي عصر الهويات الفرعية، وتهدم جدلية "الأنا –النحن "، وتبني مكانها قيماً كوكبية حديثة قوامها: دولة القانون، حقوق الإنسان، وترسيخ قيم المجتمع المدني، وتكافؤ الفرص وتحقيق العدالة الاجتماعية، وقبول الآخر؟ أم أن الهويات الفرعية المتشبثة بغريزة البقاء تخلق كل هذه الأزمات برفضها الانخراط طوعاً في قيم العولمة الجديدة؟

 

الكتاب يقع في 208 صفحة من القطع المتوسط، وتضمن خمسة محاور:

 المحور الأول: التكوين التاريخي للهوية الكويتية

 المحور الثاني: المكون الديني في بناء الهوية

المحور الثالث: الإشكاليات الدستورية والقانونية

المحور الرابع : الحراك السياسي ودوره في تشكيل الهوية الكويتية

المحور الخامس والأخير: اليموقراطية والعولمة وأثرهما على الهوية الكويتية.

 

وفي الخاتمة يلخص الكاتب أهم التوصيات التي رآها ضيوفه مهمة وضرورية ويجب الأخذ بها فورا لصيانة الهوية الكويتية وحمايتها من أفخاخ الهويات الفرعية التي تنال من هيبة الدولة وتغلب مصالحها الخاصة على مصلحة الوطن العليا، من خلال خطوات يرونها ملزمة بالنسبة  للحكومة باعتبارها السلطة التنفيذية التي تملك إصدار القرارات والصرف على تنفيذها، ثم يأتي دور مجلس الأمة المطالب بقائمة طويلة من الأولويات، وأهمها تعديل قوانين الجنسية وتوحيد درجاتها بما يضمن صيانة ملف الوحدة الوطنية، وتشريع قوانين تجرم ازدراء الآخر أو رفضه،  ثم يأتي دور مؤسسات المجتمع المدني المنوطة بالتوعية والتثقيف واستقطاب الشباب والمواطنين وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية والانفتاح على جميع مكونات الشعب الكويتي السنة والشيعة والبدو والحضر في تكاملة كان عنوانها على مر التاريخ " الكويت .. وطن الجميع"، كل هذا وفق رؤية إستراتيجية مستقبلية ترعاها الدولة وتتابع تنفيذها من أجل العبور بالكويت من فخ الهويات التي تريد النيل منها.

 

وإذا كان الكويتيون نجحوا في مواجهة الأطماع الخارجية عبر تاريخهم، بدءاً من معركة الجهراء 1920، مرورا بمطالبات قاسم 1961، وصولا إلى الغزو العراقي 1990، فهل سينجحون في مواجهة الأخطار الداخلية التي تعصف بالمجتمع وتسلمه من أزمة إلى أخرى؟ والتي تجلت في أبشع صورها عندما تشابك النواب السنة والشيعة بالأيدي و"العقّل" تحت قبة البرلمان؟

 

هذا الكتاب محاولة "جادة" لاستنطاق مفهوم الهوية، لا تتوقف عند حدود طرح التساؤلات، بل تهدف إلى أن تضع علامات على طريق البحث في هذه القضية المركبة، وأن تنقب في الجدار نافذة للرؤية وتبحث عن مخرج للإنسان الكويتي من مأزق الهوية.