fiogf49gjkf0d
لم يترك النظام لـ "عبدالله كمال" صاحباً. وضع الرجل البيض كله فى سلة واحدة، والحاصل أنه ربح العالم وخسر نفسه. وأظن أننى الشخص الوحيد الذى يمتن له، فقد عامل حواراتى فى روز اليوسف بنبل بالغ، على غير معرفة بيننا، وربما لذلك تحاشيته، قلت للزميل مسئول "بوابة الأهرام" حين طلب منى أن أحاوره.. سأجد حرجاً فى الاستفهام عما أريد، وهو قدر ذلك، ثم سكتنا عنه إلى أن قرأت أنه يكتب عن عصر مبارك. هنا تحرك بداخلى فضول وتحركت أسئلة. ثم إننى ممتن لكمال، ولست مديناً له، ولن أؤجر ذمتى لأحد، خرقة يمسح بها سمعته، حتى لو كان أبى. وكمال- للإنصاف- لم يطلب ذلك، فقط طلب منى أن يقرأ الحوار قبل نشره، واستجبت، لشعورى بأنه لا يثق فى أحد. لقد انهار عالمه فى فجاءة داهمة وحل محله عالم آخر، يحاول التشبث جاهداً بمكان فيه.
الدافع إذن وراء الحوار، أن الحقيقة،أكثر من الفضول، هى ما أتمنى أن أكون جديراً بالجرى وراءها. ولن نتعرف على حقيقة ما جرى، لن نشفى، إلا بسؤال من كان هناك، خلف الأبواب المغلقة.. يسمع ويرى. لن نعرف أية لعنة حلت بنا إلا بقدر ما تتيحه لنا هذه الأفواه.
والآن أترك القارىء لأسئلة كتمتها فى صدرى ثم قررت أن أطلقها بحرقة على واحد كانت موهبته، الكبيرة بالمناسبة، تؤهله لأن يكون مع الناس، لسان حال، لكنه اختار النظام، وأترك القارىء لإجابات أثبتها كما قالها صاحبها، بالحرف الواحد، تاركاً الحكم من قبل ومن بعد لأجيال ستكون هنا مكاننا تقرأ ما كتبنا، حين نكون نحن هناك فى عالم تجوز علينا فيه الرحمة، لكن لا يجوز علينا النسيان.
* إلى أى درجة اقتربت من صناع القرار. سمعت ورأيت أم شاركت ؟
- أنا لم أكن مشاركاً، لا يمكننى ادعاء ذلك، البعض يخلط بين حالتى وبين حالات سابقة فى الصحافة المصرية. لا أنا هيكل جالساً فى القصر، ولا أنا مثل الأستاذ أنيس منصور الذى كان يقضى وقته فى حديقة القصر، ولا مثل الأستاذ الكبير أحمد بهاء الدين، الذى كان يناقش الرئيس، ولا الأستاذ الكبير موسى صبرى، أنا كنت مراقباً وأستطيع الوصول إلى التفاصيل، لكنى لم أكن شريكاً، ثم إننى لم أنغمس فى القصر بأى شكل من الأشكال
* يمكن اعتبارك إذن شاهداً ؟
- مهنياً نعم، وفى السنوات الخمس الأخيرة كانت لدى شبكة علاقات ومصادر إخبارية تصل إلى أبعد وأعلى نقطة فى مصر
* وما استعدادك لكتابة، أو قول، كل ما تعرف.. كله ؟
- أنا مستعد للكتابة وفق المعايير الموضوعية والدقة الواجبة، طالما أمكننى توثيق ما أقول، وطالما كان هناك آخرون شهود على ما أكتب. وحينما تكون هناك أمور عرفتها بشكل شخصى ومنفرد، سأقول ذلك. لن أرتكب الأخطاء التى وقع فيها آخرون استندوا إلى شهادات غائبين. سأكتب ما حدث، محققاً ومحللاً، دون التفات لما كان يجرى من نميمة فى الغرف المغلقة ؟ ولدى مشروع من أربع كتب، يمكننى أن أكلمك عن اثنين منهما: الأول..كيف انتهى عصر مبارك، وهذا ليس اسمه الأخير، وكتاب عن الرأسمالية المصرية ودورها فى السياسة فى الـسنوات الخمسين الماضية. والكتابان الآخران فى السياق نفسه، التأريخ للمرحلة بطريقة أو بأخرى
* هل كنت تتصل بالرئيس أو يتصل بك بصفة دورية ؟
- بصفة دورية..لا، لكنى كنت أتمكن حتى منتصف يناير 2009 من الوصول إليه بشكل مباشر أو غير مباشر
* حدث أن اشتكى له رئيس الحكومة أو أحد المسئولين منك ؟
- فى إحدى المرات اتصل بى الرئيس السابق وانتقد بعض الأمور فى مقال لى. كنت قد استأذنت فى أجازة للسفر إلى قبرص وطلبت من صفوت الشريف إبلاغ الرئيس بذلك، لكن يبدو أنه لم يفعل فاتصل بى الرئيس أثناء الأجازة
* ( مقاطعاً باندهاش ) وما علاقة الرئيس بأجازة يأخذها س أو ص من الناس ؟
- هناك أمور تخص اللياقة يا أخى، ولا تنس أن منصب رئيس التحرير فى النهاية منصب سياسى، حتى لو كان رئيس تحرير صحيفة خاصة. المهم اتصل الرئيس وانتقد مقالاً عنيفاً كتبته ضد الحكومة بسبب صخرة المقطم وحريق مجلس الشورى
* متى كلمته أو رأيته لآخر مرة ؟
- فى تكريم الدكتور مجدى يعقوب فى 11 يناير الماضى
* وما الذى استجد فى اتصالك به بعد يناير 2009 ؟
- بعد وفاة حفيده كان من الصعب أن نكلمه أو نراه، لأسباب قدرناها
* ولم كنت تتصل به ؟
- فى دولة مثل مصر أهم صانع للأخبار هو الرئيس، هو المصدر الأول بالنسبة للصحفى


عبدالله كمال خلال الحوار

* هل حاولت الاتصال به أثناء الثورة ؟
- لا
* ألم يكن هناك شىء تريد إخباره به ؟
- لا
* وجمال ؟
- لم أتصل به أو بأى أحد خلال يناير وفبراير 2011 إلا فى استثناءات قليلة جداً ؟
* ما هى ؟
- كلمت الوزير أنس الفقى يوم موقعة الجمل، وسألته: إيه اللى بيحصل ؟ قال لى: هناك مجموعة من الناس تعمل فى السياحة فى طريقهم للتظاهر بميدان التحرير، لأن حالهم واقف
* وبمن اتصلت غير أنس ؟
- اتصلت بأحمد عز
* هل بدت عليه المفاجأة مما يحدث ؟
- أنا سألته، وكان فى بيته، ما الموقف ؟ فقال لى: بكره يوم صعب. سألت : من حيث الجهد أم صعب من حيث التحدى ؟ فأجاب: صعب على مستوى التحدى !
* كان لديه إحساس بأن كل شىء سينهار ؟
- لما واحد فى موقع أحمد عز بمكانته الحزبية، وبما يعرفه، عندما يقول لصحفى هذا الكلام يوم 27 بالليل، عليك أن تعرف إلى أى حد كان الوضع خطراً
* ما الذى حاول النظام عمله لمواجهة هذا الغضب، سواء على مستوى الحزب أو على مستوى الحكومة أو القصر ؟
- إدارة فاشلة للأزمة
* من أول الرئيس حتى آخر جندى فى النظام ؟
- ( صمت لم يتجاوز ثانيتين تقريباً ) من أول خطيئة وزير الداخلية
* وهى ؟
- خطيئته لم تكن فقط فى استخفافه بالأمر إلى درجة رهيبة، بحيث لم يعرف حدود تبعاته، ولم يقدر حجم هذا الذى يجرى من تحته، معتقداً أنها أزمة وسوف تمر، لدرجة أنه ذهب لافتتاح مسجد الشرطة بقرية الخمائل بعد ظهر جمعة الغضب، وعاد إلى بيته قبل أن يعود إلى مكتبه مهرولاً فى الساعة الخامسة من مساء هذا اليوم!! أنا قابلت العادلى يوم 26 بعد ساعات من أحداث يوم 25 وفوجئت به يلقى على مسامعى قفشات جنسية ! فى محاولة منه ليبدو متماسكاً، حتى إنه وضع فى يدى 20 قطعة شيكولاته على سبيل الهزار! أدركت وقتها أن هناك مشكلة حقيقية
* تريد أن تقول إن مقتل النظام بالأساس أتى من ناحية العادلى ؟
- فى هذه الأزمة نعم
* ألم يخف شيئاً عن الرئيس ؟
- الوضع لم يكن خافياً إلى هذا الحد، لكن هناك فرق بين أن تخفى وأن تعرض ما لديك بطريقة تقود إلى الاستخفاف
* والرئيس ألم تكن لديه وسائل أخرى يعرف بها ما يجرى؟
- بالتأكيد كانت لديه هذه الوسائل، وقد وصله من إحدى القيادات المهمة ليلة 19 يناير كلام محدد فى شرم الشيخ بشأن ما كانوا مقبلين عليه


* من هذه القيادة وماذا قالت له بالضبط ؟
- عمر بيه سليمان، قال له إن حجم المظاهرات لن تكون كما اعتدنا
* وماذا كان رد فعل الرئيس ؟
- أعتقد أن السيد عمر سليمان طلب أن يكون هناك تصرف يقوده الرئيس، لكن مبارك أحال الموضوع لاجتماع يرأسه رئيس الوزراء
* وجمال مبارك، كيف تعامل مع الموقف ؟
- جمال مسئول حزبى كبير وابن الرئيس، كان متواجداً فى مناخ الأزمة محيطاً بأبيه، فى السنوات الأربع الأخيرة بالذات كان ملتصقاً به، لأسباب صحية أو غيرها. المهم كان هناك فريقان: فريق، ومنه جمال والشريف وزكريا عزمى، يعتقد أنه يمكن إنهاء هذه الأزمة بالطرق العادية، وفريق آخر كان يرى أنه لا بد من الحفاظ على مقومات الدولة والنظام من تبعات أزمة ستكون لها آثار كبيرة
* من كان فى هذا الفريق ؟
- المشير طنطاوى والفريق عنان والنائب عمر سليمان
* هل كانت نوايا الجيش واضحة للرئيس؟
- ( هارباً من إجابة دقيقة وواضحة ) لو كان الرئيس فى لياقته السياسية والصحية، كما كان فى يناير 2009 ، عندما تعرض النظام لهزة عاصفة إبان حرب غزة، لكان اتخذ القرار الواجب اتخاذه فى وقت مبكر، بحيث يستجيب لغضب الناس، بدون حتى أن تبلغ المسألة 18 يوماً، ولعلها صدفة أن الأزمتين استغرقتا المدة نفسها.. 18 يوماً. ولعلها صدفة أيضاً أن بعض الأطراف التى شاركت فى أزمة يناير 2009 ، كانت حاضرة فى أزمة يناير 2011 !
* هل يمكن أن توضح أكثر.. ما هى هذه الأطراف ؟
- ( غير ملتفت لسؤالى ).. أكمل لك: كان الرئيس يدير أزمة 2009 بنفسه، ويرأس مجلس الأمن القومى بنفسه ويتولى الدور الإعلامى بنفسه، ويخطب فى الناس وموجهاً الكلام للعالم الخارجى بنفسه. بينما فى أزمة 2011 لم يجتمع مجلس الأمن القومى، وكان الإعلام فى أزمة، ولم تكن أداته الحزبية كما كانت فى 2009. ومن بين الأمور التى ترسبت من أزمة 2009أن معبر رفح ظل عالقاً فى رقبة مصر دون أن يقنع إعلامنا الرأى العام بما تقوم به مصر من جهد فى هذا الموضوع. كما ظل موضوع تصدير الغاز لإسرائيل علامة استفهام ماثلة فى الشارع، رغم وجود مبررات قوية لدى مصر تدفعها للسير فى هذا الموضوع..
* دعنى أوقف تدفقك قليلاً أستاذ عبدالله، لأسأل عن تلك المبررات التى تجعل مصر تمضى قدماً فى تصدير الغاز لإسرائيل ؟
- لا أستطيع الإفصاح عن ذلك الآن
* من أى شاشة كان الرئيس يتابع ما يجرى ؟
- الشيخ عبدالله بن زايد، وزير خارجية الإمارات سجل ملاحظة.. أن الرئيس كان يتابع ما يجرى من شاشة التليفزيون المصرى فقط
* كلمنى عن أنس الفقى، هل كانت هناك قناة اتصال مباشر تربطه بالقصر؟
- أكيد
* ما حصة جمال فى التصرف حيال الأزمة ؟
- لا أستطيع إمساكها بدقة الآن
* بمعنى ؟
- ربما تدخل فى مضامين الخطابات، أو اقترح وجهات نظر على الرئيس تجعله يفكر فى خيارات أخرى. أتحقق من الأمر
* مثل ؟
- لا أستطيع أن أقول لك هذه الخيارات، حتى لا أحرق كتابى، لكن يمكننى القول إن الرئيس كان بصدد ترك موقعه
* هذا كلام مؤكد ؟
- كان مطروحاً عليه بوضوح أن يترك موقعه
* من قبل الجيش ؟
- ( كرر بما يعنى أنه لن يوضح أكثر).. كان مطروحاً عليه أن يترك موقعه. كان هذا أهم خيار يدرس ويمكن القول بأن خطاب التنحى كان جاهزاً من يوم 7 فبراير
* من كتب هذا الخطاب ؟
- كان هناك مقترح بخطاب يحمل هذا المضمون
* فى ظنك أو من واقع معرفتك بما كان يجرى فى القصر.. هل فكر جمال مبارك فى الانقلاب على أبيه ؟
- العلاقة بينهما كانت أعمق من أى علاقة بين الابن وأبيه. هذه العائلة كانت مترابطة بشكل لا يمكنك تخيله
* قيل إن جمال أرسل لعبداللطيف المناوى بياناً يعلن فيه الانقلاب على والده، لكن المناوى سلم البيان للجيش ؟
- يجيبك عن هذا التساؤل عبداللطيف المناوى، لكنى لا أعتقد أنه صحيح


* كيف تثمن دور المناوى فى إدارة الأزمة ؟
- كان يخضع لضغوط هائلة، لأن الوزير لم يكن على مستوى الحدث، ولأن عليه أن يتصل بكل الجهات فى مصر فى نفس التوقيت، من المؤكد أنه مر بظرف صعب رغم اختلافى معه فى أشياء كثيرة
* وما دور أنس الفقى فى الوصول بالنظام إلى الحافة ؟
- يأتى بعد حبيب العادلى فشلاً فى إدارة الأزمة
* وصفوت الشريف ؟
- لا أستطيع تشخيص دوره الآن، لكنى لا أفهم كيف يمكن للأمين العام للحزب الوطنى أن يتواصل مع قواعد حزبية لا توجد لديه أرقام هواتفها ! من المفارقات أنه أثناء تحديث بيانات الحزب كان يطلب من العضو تسجيل رقم الموبايل، دون الاهتمام بتسجيل التليفون الأرضى. ومن ثم لم يكن هناك اتصال مع القواعد نتيجة قطع الاتصالات
* ولماذا لا تستطيع الكشف عن دور الشريف ؟
- لا بد أن تتفهم يا أستاذ بهاء أن وظيفتى ليست إفراغ كتابى بداخل حوارك. لا بد أن أدخر لنفسى أشياء سيدفع فيها القارىء أكثر من 100 جنيه
* وليست وظيفتى أن أجعل من حوارى دعاية لكتابك. ثم ضحكنا قبل أن أسأله.. من المسئول عن قطع الاتصالات ؟
- صمت الصحفى المحنك طويلاً، ربما ليشد فضولى على آخره قبل أن يقول: بناء على اقتراح من وزير الداخلية
* وصاحب اتخاذ القرار هو الرئيس.. أليس كذلك ؟
- بناء على اقتراح من وزير الداخلية
* ومن فعل الاقتراح ؟
- العادلى طرح اقتراحه وبدأ التنفيذ بعد اجتماع وزارى عقد فى هذه الأثناء
* وألححت: لا يمكن لمثل هذا القرار أن يتم دون الرجوع للرئيس ؟
- صاحب المسئولية عن هذا القرار بالفعل هو وزير الداخلية
* للتاريخ.. ما مسئولية الرئيس السابق أو ابنه جمال أو زوجته عن إطلاق النار على المتظاهرين ؟ أنت نفيت قبل ذلك أى علاقة لهم بالأمر! لكن آمل أن تقف أمام ضميرك وحده ؟
- لم يحدث على الإطلاق، هذه أول نقطة حققتها
* هل نما إلى علمك أن مبارك كان فى نيته الترشح لفترة رئاسية جديدة لو لم تقم ثورة يناير ؟
- مبارك ناور فرانك وزنر حينما جاءه موفداً من أمريكا بأنه ينوى الترشح لفترة جديدة فى 2011. وبعد نهاية اللقاءات بينهما سافر وزنر إلى ميونخ ولم تكن ضمن برنامجه، ولم يكن اسمه مدرجاً فى مؤتمر الأمن الدولى المعقود هناك، لكنه قال فى إحدى الجلسات: إن بقاء الرئيس مبارك فى الحكم إلى سبتمبر 2011 سيكون ضامناً لانتقال ديموقراطى سليم فى مصر. علماً بأن وزنر قدم على أنه الرجل الذى سيشخص الحالة للقوى الدولية التى اجتمعت لمناقشة مشكلة مصر، لكن انتبه: ناوره بأن أبلغه بداية أنه سوف يترشح، ثم قال في نهاية اليوم إنه لن يقضى يوما بعد نهاية فترته.
* بالتعبير البلدى.. هل أمريكا باعت مبارك ؟
- الولايات المتحدة اتخذت قراراً بالتخلص من مبارك بعد وفاة عرفات
* أحتاج لتوضيح ؟
- علاقة مصر بأمريكا فى عصر مبارك شديدة الالتباس، سواء فى الثمانينيات حينما كان مبارك حريصاً على اتفاقية السلام مع إسرائيل، ثم فى فترة التسعينيات حصل زخم كبير جداً فى العلاقات بين البلدين نتيجة مشاركة مصر فى حرب تحرير الكويت، لكن بدءاً من مباحثات كامب ديفيد الثانية التى رفض فيها مبارك الضغط على عرفات للقبول بوضعية مختلفة للقدس واللاجئين، ولأن مبارك لم يكن مدعواً أصلاً إلى هذه المباحثات، هنا حصلت فجوة بين الجهات المعنية بموضوع السلام انتقلت إلى عصر الرئيس بوش، وعليه تم استهداف عرفات، وبعد موقف مبارك الرافض للمشاركة فى الحرب على العراق وموقفه من موضوع نشر الديموقراطية. فى هذا التوقيت بين 2003 و 2004 أعتقد أن الإدارة الأمريكية ومؤسسات مختلفة هناك وجدت أنه ينبغى أن يترك مبارك الحكم
* أعود إلى الإعلام أثناء الثورة.. هل تعرف ما إذا كان مبارك قد تابع قناة الجزيرة أم لا ؟
- بالتأكيد كان يشاهدها من وقت إلى آخر، لكن وصلوا إلى قرار أنه لا بد من إغلاق الجزيرة
* من كان صاحب القرار ؟
- لم يكن أنس الفقى، لأنه كان ضد إغلاقها
* من إذن ؟
- إدارة الأزمة فى هذا التوقيت وجدت أن تحريض القناة فوق القدرة على الاحتمال ؟
* للتاريخ.. هل كان هناك مشروع توريث ؟
- ( مكرراً جملة لديه طموح سياسى مرتين، ضاغطاً على الحروف بأداء خاص كأنه يريد للمعنى أن يرشح من تلقاء نفسه، على طريقة الحدق يفهم ). قال: لا يوجد موضوع اسمه مشروع التوريث. لكن جمال مبارك، الفاعل والناشط والمؤثر كقيادة فى الحزب الوطنى، كان لديه طموح سياسى، لديه طموح سياسى، لكن هل كان أبوه سيورثه
* وما موقف والده ؟
- لا يمكن الإمساك بمعلومة متكاملة فى هذا الشأن. لكن الرئيس فى مناسبات مختلفة غير معلنة، وهذه وقائع أحاول التحقق منها وتوثيقها، أشار إلى جهة أخرى غير جمال مبارك


* هل كان مبارك يتخوف من جهة ما على جمال، ولهذا لم يجر التلميح به رئيساً محتملاً ؟
- حتى ما قبل أزمة 2011، أعتقد جازماً أن مبارك كان سيترشح لفترة آخرى
* ودور أحمد عز فى انهيار عصر مبارك. أعرف أنكما أصدقاء ؟
- استخدم اسم أحمد عز فى الإساءة لعصر مبارك، بعد أن تم تحويل اسمه إلى أيقونة مجمعة من الاتهامات والمواصفات السلبية التى قصر هو فى مواجهتها وقد عممت رسالة بهذا المعنى على مختلف وسائل الإعلام، فيما كان عز متفرغاً لعمله التنظيمى والحزبى لأطول فترة ممكنة
* وكيف تصرف حيال الثورة ؟
- أحمد عز تعرض لمناورة من صفوت الشريف، حيث أخبره أن هيئة المكتب كلها سوف تستقيل فى مساء 28 يناير 2011، ومن ثم وقع أحمد عز استقالته فأعلن عنها، بينما لم تستقل هيئة المكتب إلا بعد ذلك بأيام، حين أجبرتها الظروف على ذلك
* وزكريا عزمى ؟
- يتحمل الكثير من الجوانب السلبية، بدءاً من صراعات الكواليس وصراعات النفوذ ومحاولاته المستمرة لأن يكون هو النافذة الوحيدة للرئيس على الساحة، وقد وقف ضد تعيين نائب للرئيس فى السنوات السبع الأخيرة
* تقول إن مبارك كان عازماً على تعيين نائب، لكن زكريا أفلح فى إقناعه بالعدول عن ذلك ؟
- ( متكلماً مع سماع سؤالى فى الوقت نفسه ).. لأن وجود نائب بجوار الرئيس كان سيحد من نفوذه، وإجابتى هذه تتضمن الرد على سؤالك
* وأثناء الثورة، كيف كان يتصرف ؟
- د: زكريا كان فى منتهى الارتباك والتخبط
* هل كان وراء قرار بعينه ؟
- ارتكب من الخطايا فى السنوات الماضية، ما يعرقل أى قرار
* مثل ؟
- كان محوراً أساسياً للصراع فى داخل الحزب، كان هو الباب الخلفى للصحف التى تهاجم رئيسه، وكانت القنوات مفتوحة بينه وبين إبراهيم عيسى. زكريا هو صاحب العلاقات الذى يشاهد فى أماكن مختلفة مع رجال الأعمال، كان يدير الكواليس، وعلاقته بحبيب العادلى كانت شديدة الغموض، كان بينهما تحالف عميق
* اذكر لى قراراً مؤثراً تبناه عزمى ودفع الرئيس لاتخاذه ؟
- هناك طرق مختلفة، كى تكون وراء قرار، ليس منها أن تقترح قراراً، مثلاً من بين أهم الأمور أنه كان يساند دائماً بقاء وزير الداخلية فى موقعه، والدفاع عنه فى مختلف الأوقات
وبصوت علت نبراته فجأة أضاف كمال:
بما فى ذلك توقيتات بعينها. وحبيب العادلى كان وقتها على شفا حفرة من الإقالة
* منها حادث القديسين ؟
- لا أملك الدليل على أن الوزير كان سيقال وقت هذا الحادث، لكن من المؤكد أنه تلقى تهديداً بأنه إذا لم يعثر على الفاعل فسوف يقال
* للتاريخ مرة أخرى.. هل يقف العادلى أو التنظيم السرى كما قيل وراء الحادث ؟
- ليست لدى أية معلومات عن شىء اسمه التنظيم السرى لوزارة الداخلية، لا أعتقد أن وزير الداخلية يمكن ان يلعب مع نفسه بهذا الطريقة الحمقاء، هذه الجريمة معروف أنها رتبت من طرف خارجى باستخدام أدوات محلية
* من هذا الطرف ؟
- تنظيم جمهورية العراق الإسلامية.. حاجة كده
* نعود لـ " زكريا عزمى " أثناء الثورة ؟
- كان حاضراً يتخبط، وكان معرقلاً
* لـ ؟
- أمور كثيرة
* منها مثلاً رغبة الرئيس فى التنحى يوم 7 فبراير ؟
- يجوز، كان أحد الناس
* ومن غيره كان من مصلحته ألا يتنحى الرئيس ؟
- أنا أفضل تعبير الترك
* ماشى ؟
- لسه مش واضحة بالنسبة لى هذه المسألة. أحتاج إلى وقت
* وهل وقف جمال ضد رغبة أبيه فى التنحى ؟


- ( بعد صمت قصير) أعتقد أن وجهة نظره وقتها أن ترك الرئيس لمنصبه يعنى ذهاب البلد للإخوان
* من منهم ترغب فى زيارته بطرة ؟
- لم أفكر فى زيارة أى منهم
* لكنك فى مرة فائته امتنعت عن الإجابة
- إجابتى واضحة
* من كان صديقاً لجمال مبارك ؟
- سألته هذا السؤال سنة 2006، وأجابنى بأن أصدقاءه هم أصدقاء الطفولة
* ومن كان له تاثير عليه ؟
- لا أستطيع أن أقول إن أحمد عز كان له تاثير عليه، لكن يمكننى القول إن عز كان بإمكانه أن يقول شيئاً لجمال مبارك
* ومن كان قريباً من الرئيس أو صديقاً للنظام ثم انقلب عليه ؟
- لا أستطيع استخدام توصيفاتك، لكن يمكننى القول بأن عدداً من الصحف القومية ساهمت فى سقوط هذا العصر، حينما بدلت مواقفها فى أوقات مبكرة قبل أن يترك الرئيس الحكم
* والأشخاص ؟ حسام بدراوى مثلاً ؟
- الدكتور حسام قرأ الأحداث فى لحظة بعينها، وكانت له مواقف كثيرة ومعلنة داخل الحزب
* ماذا يفهم من هذا الكلام يا أستاذ عبدالله ؟
- عباءة الحزب كانت تسمح بهذا التنوع، وقد كان للكتور حسام تموضع مختلف
* أنا أسألك عن الذين بدلوا مواقفهم ؟
- ( لجلجة لم تدم طويلاً وتغيير لاتجاه السؤال قصد به تسريب شىء يلهى فضولى).. المواقف تداخلت فى بعضها، لكن هناك سؤال أهم أنا بصدد التحقيق السياسى فيه: من الذى اتخذ القرار بأن يحاكم رشيد وأحمد عز وزهير جرانة وحبيب العادلى ؟
* من ؟
- الانطباع العام أن هذا القرار صدر بعد 11 فبراير، هذا القرار فى حقيقة الأمر صدر فى 4 فبراير 2011
* فى عز المعمعة ؟
- نعم
* من الذى اتخذ القرار.. الرئيس السابق ؟
- لست متاكداً. أنا بصدد التحقيق فى ذلك
* ومن غيره يمكن أن يصدر قراراً كهذا ؟
- يعنى.. القرار صدر من الرئيس، لكن من اقترحه على الرئيس ؟ هذا موضوع آخر
* أعود إلى جمال مبارك.. هل هو، من واقع معرفتك به، ممن يتشبثون بالماضى، أقصد هل كان مستوعباً لما يحدث، أم تلبسته حالة إنكار للواقع ؟
- منظره فى المحكمة يؤكد حقيقة إدراكه للحظة التاريخية
* هل لعب جمال مبارك أو السيدة سوزان أو أى طرف داخل القصر، دوراً فى محاولة اغتيال السيد عمر سليمان ؟
- ليست لدى معلومات بخصوص هذه الواقعة، ولا أعتقد أن فى مصر من يمكن أن يلجأ للعنف داخل المؤسسات
* بم تعلل فارق التوقيت بين خطابات مبارك وميدان التحرير ؟
- كان هناك فرق إيقاع بين الشارع والقصر، ثم فارق زمن خلقته أزمة الاتصالات، وهناك فارق تقدير أحدثه ارتباك المؤسسات
* ما دور علىّ الدين هلال فى تدريب جمال مبارك ؟
- المدرب السياسى الأول لجمال هو الدكتور أسامة الباز


* لماذا خرج الباز من القصر ؟
- لأسباب صحية، وأعتقد أنه حتى اليوم الأخير كان مدرجاً بصفته المستشار السياسى للرئيس
* هل قامت أمانة السياسات على بنية حقيقية ، أم أن الأمر كله كان محض خدعة سياسية؟
- بالعكس كانت بنية حقيقية لدرجة التعطيل
* بمعنى ؟
- بمعنى أنها استغرقت فى بيروقراطيتها وفى بيروقراطية عملية إنشاء الأفكار والسياسات إلى الدرجة التى عطلت هذه السياسات
* هل أخذت هذه الأمانة المحل الأول قبل الدولة ؟
- غير صحيح، علينا أن نقيم هذه الأمور، ولست فى معرض الدفاع عن هذا الموضوع الآن، لكن علينا تقييم الموضوع فى إطار النمازج المقارنة التى استوحيت منها هذه الأمانة
* ومن دخل هذه الأمانة بدافع الإصلاح ؟
- كثيرون
* مثل ؟
- محمود محيى الدين، يوسف بطرس، حاتم القرنشاوى فى البداية، الدكتور على المهدى، الدكتور أحمد جلال فى البداية، وبالطبع الدكتور علىّ الدين هلال، حسام بدراوى، والدكتور محمد كمال
* أعود معك إلى القصر.. هل كان جمال يأخذ قرارات بالنيابة عن أبيه ؟
- غير صحيح
* ما مدى إدراكه لحقيقة مشاكل مصر؟
- كان يستمع فى مؤتمرات الحزب التى يسخر منها الناس الآن، لمختلف قضايا المجتمع، وتصله مئات الاستفسارات والأسئلة والشكاوى، بدون حجاب. المهم ما الذى تفعله بما يص إليك، وكيف تتخطى حدود البيروقراطية من أجل إتمام الإصلاح؟ ثم وهذا هو الأهم.. هل تقوم بمهمة حزبية أم تفعل هذا لأنك تريد أن تكون رئيساً ؟ هذه المسائل لم تحسم
* كيف كان رد فعله على حادث القديسين ؟
- هذه من المشكلات التى لاحظتها على أداء جمال مبارك فى الشهور الأخيرة. كان خارج مصر، فى أجازة، لم يفكر فى قطعها، حتى بيانه جاء متأخراً
* والرئيس السابق هل كان على علم بما يجرى فى مصر، أم يعرف فقط ما يسربونه إليه ؟
- لياقته السياسية كما قلت لك لم تكن على ما يرام
* متى شعرت أن القصر بدأ فى التصدع ؟
- منذ نصف ساعة وأنا أنتظر أن تسالنى هذا السؤال، لقد أدركت أن هناك أزمة حقيقية داخل هذا الحكم فى نهاية سبتمبر الماضى، حينما كانت الحكومة على وشك الإقالة، ثم تبدل موقف الرئيس فجأة وتم عقد اجتماع معها ووصل الرئيس إلى صياغة قرار يتعلق بطريقة التصرف فى الأراضى من خلال جهاز موحد. فى هذه اللحظة أدركت أن هناك أزمة حقيقية داخل الحكم.
* اعذرنى، أنا لم أفهم ؟
- كانت هناك جهة معينة قررت أن تكون هى المهيمنة، دون غيرها، على طريقة التصرف فى أراضى الدولة. شوف: هنا حدث تقاطع مع جهات مختلفة أقلها المحافظات. وهذا الكلام حدث بين يوم وليلة، وأعتقد أن طريقة التصرف فى الأراضى كانت واحدة من أسباب الغضب.. غضب الجميع، كل الطبقات والمؤسسات
* وما الجهة التى أرادت التصرف وحدها فى هذا الملف الشائك ؟
- وزارة الإسكان ووزارة التجارة


* ما الذى ورثه جمال عن أبيه ؟
- بعد تفكير يجريه كمال عقب أسئلة بعينها، ما جعلنى أقول له: هل السؤال عويص إلى هذه الدرجة، أم أنك تتحسب لكل شىء، فقال قبل أن يجيب على سؤالى الأصلى: أتحسب لكل شىء. أتحسب لتكون أحكامى موضوعية ودقيقة وخالية من الاستندال..
* مقاطعاً.. أو لعلك تتحسب لمصالحك وأسرارك ؟
- لا مصالح لى مع أحد، وأنظر ورائى دون خوف
* وما الذى ورثه جمال ؟
- الشك فى الآخرين
* ومن من رجال الرئيس كان مؤثراً فى سير الحوادث.. غير زكريا عزمى ؟
- زكريا هو الطرف المحورى الذى تبدأ به وتدور حوله كل المؤامرات
* ومن كان مقرباً من السيدة سوزان مبارك ؟
- منطقة السيدة سوزان مبارك منطقة كنت أتعمد ألا أقترب منها
* لم ؟
- لأنها منطقة غامضة، والبعض كان يعتقد أن هذه المنطقة تخصهم، ولم أشأ الدخول فى هذه الصراعات غير الكبيرة، ومن ثم كنت من حين لآخر أشيد ببرامجها الاجتماعية التى تحقق نفعاً للمجتمع، لكنى لم أحاول الاقتراب منها
* وكيف تقيم دورها.. هل تحملها مسئولية فى انهيار عصر مبارك ؟
- لأننى لم أقترب منها، لا يمكننى إصدار أحكام بشأنها
* من انحدر بسرعة من حسابات مبارك الأب والابن ؟
- دول 30 سنة، لا يمكن الإجابة عن سؤالك بهذه البساطة
* لم نتكلم عن فتحى سرور ؟
- د سرور رجل قانون وكان يعمل فى إطار دائرته باعتباره رئيس مجلس الشعب، ومستشاراً قانونياً
* أتساءل عن حصته فى الانهيار ؟
- كل من كان حريصاً على البقاء فى موقعه أطول فترة ممكنة شريك فى الانهيار
* ومن من رجال العصر كان لغزاً بالنسبة لك ؟
- لغز الألغاز هو زكريا عزمى
* هل كان جمال مبارك يحتقر المصريين ؟
- غير صحيح
* لماذا كان الشعب المصرى يكرهه ؟
- استطلاعات الرأى التى كانت تصل الحزب لم تكن تقول ذلك
* فى حدود أنك رأيت وسمعت.. هل كان مبارك يتأبى على الضغوط الخارجية ؟
- حكم مصر هو محاولة على مدار الساعة لإحداث توازن بين المصالح الوطنية والضغوط فى الداخل والخارج
* ما أهم الضغوط التى قاومها ؟
- الضغوط الأساسية كانت فى علاقاته بالولايات المتحدة، الضغط المستمر على القرار المصرى،وأنا هنا لا أتحدث فقط عن مبارك، هو العمالة، الـ 5 مليون مواطناً الذين يعملون فى الخليج والعراق والأردن، ومن ثم عليك أن تحتفظ بعلاقات طيبة مع هذه الدول، بالإضافة إلى ضمان استقرار الأمن فى هذه المناطق، وهذا ما يدفعنى إلى أن أسجل أن أهم عيوب السياسة المصرية، أنها سياسة مشرقية، لا تلتفت إلى المغرب، لأن المصلحة السياسية لمصر ليست هناك


* أريد أن أصارحك بشىء.. أشعر وأنت تدافع عن مبارك، ما زلت، أنك من الذكاء بحيث تضفى على مواقفك صفة المبدأ ليس أكثر. هل شعورى فى محله ؟
- شوف.. السياسة، كما كل شىء آخر، اختيارات، والسياسى الذكى هو الذى يستطيع أن يقيم نفسه من وقت إلى آخر، والسياسى الوطنى هو الذى يستطيع أن يحافظ على مصالح بلده، والصحفى الذكى هو الذى ينبغى عليه الالتزام بمجموعة من القواعد الأخلاقية التى لا تنفى التطور السياسى. إجمالاً أنا لا أنفى، إنما أقيم
* بمن كان يجتمع الرئيس السابق عندما يكون عليه أن يتخذ قرارات مهمة ؟
- عندما تكون هناك لحظات حرجة كان يجتمع بدائرة ضيقة، حسب موضوع القرار
* من الذى كان حاضراً بصفة دائمة على مائدة القرار ؟
- حسب الموضوع
* لمن كان الرئيس يقرأ من الكتاب ؟
- لأغلب الكتاب الموجودين فى الصحافة القومية، أو موضوعات محددة قد تعرض عليه فى الصحافة الخاصة
* هل كان يقرأ لكتاب معارضين ؟
- كان يقرأ للسيد يسن بشكل مستمر، إذا اعتبرت يسن معارضاً، وكان يقرأ لمكرم محمد أحمد، فوزى فهمى، صلاح منتصر
* أى كان يقرأ الأهرام فقط ؟
- وهذه براعة الأهرام.. أن يستوعب كل هؤلاء الكتاب، وكان يقرأ أيضاً لإبراهيم سعدة ومحمد عبدالمنعم
* هل كانت له اهتمامات ثقافية ؟
- ليس شرطاً أن يكون الرئيس ملماً بكل شىء
* من من رؤساء الوزراء أو الوزراء كنت تشعر أن له رأياً مستقلاً، بحيث يناقش الرئيس ؟
- ربما تكون هذه إحدى مشكلات عصر مبارك، أن يكون الناس منفذين، ولا تطرح وجهات نظر مختلفة، وقد كان لدى الدكتور أحمد نظيف هذه الصفات غير أنه تراجع عنها. فى السنوات الخمس الأخيرة كان هناك وزراء لديهم القدرة على طرح وجهات نظرهم على الرئيس، أكثر من رئيس الوزراء
* مثل ؟
- محمود محيى الدين، رشيد محمد رشيد، و YBG.. يوسف بطرس غالى، لكن وزراء السيادة كانت لهم وضعية خاصة
* هل كان أحد من وزراء السيادة يجرؤ على اتخاذ قرار دون الرجوع للرئيس ؟
- وزراء السيادة كان لديهم التزام محدد ويعرفون قواعد الدولة المصرية، ويتعاملون فى إطار هذه القواعد، حتي لو اختلفوا يفعلون ذلك في إطار القواعد المؤسسية. أتحدث عن وزراء الدفاع والخارجية والعدل والمخابرات، فرئيس الجهاز بدرجة وزير، لكن صلاحياته أكبر من وزير
* وحبيب العادلى.. هل كان يجرؤ على التصرف من خلف ظهر الرئيس ؟
- هناك فرق كما قلت لك بين اتخاذ قرار وأن تدفع لاتخاذ قرار، بين طريقة لعرض قرار، والقدرة على الاقناع بقرار، وهذه مسألة معقدة تبدع البيروقراطية المصرية فى اختلاق تفانين لها، وعليك أن تامل أن يحضر الضمير فى كل لحظة بينما تنهى عملاً ما بإحدى المصالح
* أعود بك إلى أجواء القصر أثناء الثورة.. كلمنى عن دور عمر سليمان إلى جوار الرئيس ؟
- نائب الرئيس، الساعى بكل الأشكال إلى أن تعبر الدولة هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة
* وأسرة الرئيس السابق.. البنية العصبية لهذه الأسرة كيف كانت: نشيطة، قوية، بليدة، أم ماذا ؟
- عرف لى ما البنية العصبية ؟
* خصائص الجهاز العصبى،رد الفعل ، النشاط، الخمول،الاستجابة، التحكم فى الانفعالات..إلخ ؟
- كانت أسرة طبيعية جداً
* وهل كانت حالة الاستقرار فى المكان من عادة الرئيس ؟


- لم يكن يتحرك كثيراً إلا فى الرحلات الخارجية
* حسين سالم، الرجل الخفى بجوار الرئيس.. هل جمعتك به صلة ؟
- من أكثر الشخصيات غموضاً فى المناخ الرئاسى، ولم أقابله فى حياتى، لكن تهاتفنا مرتين لتبادل التهانى ربما فى المناسبات الاجتماعية. لكن لم أتماس معه
* وماذا عن التدين، هل كان الرئيس متديناً ؟
- طبعاً
* وجمال ؟
- متدين جداً
* جداً ؟! إممممم، يعنى مسألة مسك المصحف فى القفص، هو وعلاء مش مسرحية حبتين ؟
- علاء بطبعه شخص عاطفى
* هل اقتربت منه ؟
- فى أوقات قليلة
* ماذا عن تداخله بالقرار السياسى ؟
- كان بعيداً
* هل طلبت مقابلة الرئيس بصفة انفرادية ؟
- قابلته مرة واحدة، لعمل حوار صحفى، وقد كنت من الذكاء بحيث لا أسعى لمثل هذه اللقاءات، كان يكفينى ما أتعرض له من ضربات مختلفة، نتيجة لاعتقاد البعض، فى القصر وفى الحكم أننى قريب منه
* زكريا عزمى مثلاً ؟
- هو وصفوت الشريف وآخرون، وأرجوك لا أريد أن أذكر أسماءهم، لأنهم فى السجن. ظلمة أو مظلومين، هم لا يستطيعون الآن الدفاع عن أنفسهم
* من كتب خطابات الرئيس أثناء الثورة ؟
- هذه المسألة قيد تحقيقى، لأن السفير سليمان عواد كان حتى هذه اللحظة هو الذى يكتب خطابات الرئيس
* سليمان عواد هو ذاكرة الرئيس فيما أظن. هل تعتقد أن أسرار القرار تبدأ وتنتهى بهذا الرجل ؟
- واحد من أخلص الدبلوماسيين المصريين ومن أهم من عملوا فى المؤسسة الرئاسية وأكثرهم طهراً والتزاماً وخبرة، دون أن يسعى للمصالح ، ولا تنس أن من رجال الرئيس من عمل من أجل صالح البلد، ومن أجل الرئيس الذى يعمل معه، وأبرز هؤلاء اللواء أبو الوفا رشوان، سكرتيره الخاص، الذى أطاحت به إحدى مؤامرات زكريا عزمى فى نهاية 2010
* فى الشأن الفلسطينى، انحاز القرار المصرى لفتح فى مواجهة حماس، ثم للجانب الإسرائيلى على حساب الفلسطينيين. هل كان ذلك نتيجة ضغوط ؟
- غير صحيح بالمرة. القرار المصرى فى القضية الفلسطينية كان نابعاً من المصلحة الوطنية، ناتجاً عن مناقشات استراتيجية وتقارير محددة وعمل مشترك بين وزارة الخارجية والدفاع والمخابرات وكان الرئيس فى القلب من هذه الأمور. فى هذا الملف بالتحديد كان هناك حرص تبينت تبعاته فيما بعد بخصوص سيناء والحدود
* ولماذا توترت العلاقات بين مبارك وقطر ؟
- فى نوفمبر 2010 تمكن الأمير حمد من خداع الرئيس مبارك، أقنعه بأنه يمكن لقطر أن تعيد تنظيم علاقتها بمصر بشكل لا مكان فيه للبس، وأنها ستستقطب عدداً كبيراً من العمالة المصرية. ومن الملفت أن آخر زيارة قام بها مبارك لقطر تمت بناء على إلحاح شديد ومتكرر من أمير قطر، غير أنه كان من العوامل التى تداخلت فى أزمة يناير 2011
* أين الخداع الذى تتحدث عنه، وما الدافع وراءه ؟
- القصة معقدة للغاية ولا يمكن فهم التصرفات القطرية إلا فى إطار مجموعة متداخلة من العوامل الشخصية والأمنية والاقتصادية والسياسية، الشخصية.. بمعنى أنه لا يمكنك استبعاد عنصر الثأر والانتقام من تراث حاكم قطر
* بأى دافع ؟
- العلاقات بين الدوحة والقاهرة شديدة التعقيد منذ انقلاب الأمير على أبيه، وكان لدى قطر إحساس بأن مصر ضالعة فى محاولة الانقلاب على الأمير سنة 1996. وفى هذا السياق هناك توثيق ينبغى الرجوع إليه هو أن وزير خارجية قطر كان الشخص الوحيد الذى طالب باستقالة مبارك سنة 1997. كما أن قناة الجزيرة كانت هى المنبر الإعلامى الوحيد الذى طالب مبارك بترك الحكم. رغم أن مبارك قدم لقطر أحد أهم الأصوات التى ساندتها فى الوصول لتنظيم كأس العالم، أرسل الرئيس مبعوثاً شخصياً منه لأمير قطر يبلغه أن مصر قررت مساندة قطر فى طلبها، على وعد أن تستقدم فى المقابل عدداً ضخماً من العمالة المصرية لتجهيز مشروعات الاستعداد للكأس، وهذا لم يحدث، كما وعد أمير قطر الرئيس بأن خط الغاز القطرى سيمر عبر الراضى المصرية، وسيتم إعادة التمويل لمشروعات الديار القطرية فى مصر، لكن يوم 13 يناير 2011 تغير موقف قطر برمته بعد الوصول لمؤشرات بعينها لن أكشفها لك الآن
* هل كان القصر يستعين بعرافين أو ما شابه ؟
- هذا كلام خرافى
* مَن من أنسباء الرئيس كانت له سطوة ؟
- اللواء منير ثابت، وهنك صحف أمريكية كثيرة كانت توجه له أسئلة محرجة. هذه أمور معلنة منذ عام 1986
* ما المشكلات التى كانت تؤرق الرئيس ؟
- كان أمام الرئيس تحد واضح هو كيف يمكن أن تتم انتخابات الرئاسة فى 2011. كيف سيخوضها. وقلت فى الحزب: لو ترشح الرئيس فى الانتخابات ما الذى نقوله للناس ؟ ولم تكن هناك إجابة محددة
* وعلى أى شىء استندت فى براءة الرئيس، كما تقول، من تهمة إطلاق النار على المتظاهرين ؟
- معلومات، أعمل الآن على التحقق منها وتأكيدها
* لم أسألك عن الإخوان.. هل كانت هناك اتصالات بينهم وبين النظام القديم، على الأقل أثناء الثورة ؟
- لم تنقطع الاتصالات بين أجهزة الدولة والإخوان المسلمين طوال السنوات الماضية
* على أى مستوى ؟
- عن طريق أجهزة الأمن، ولهذا يمكن القول إن حبيب العادلى قضى على إمبراطوريته مرتين: مرة حين خاض صراعاً عنيفاً ضد رئيس مباحث أمن الدولة الأسبق اللواء صلاح سلامة بقصد إقصائه وإبعاده عن سكته، حتى بعد أن أصبح سلامة محافظاً لكفر الشيخ، ثم صراعه مع اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية بقصد إبعاده هو الآخر، كى لا تكون هناك فرصة أمام أحد غيره لتولى الوزارة، ومرة لأن العادلى فقد اللواء أحمد رأفت، نائب رئيس جهاز أمن الدولة والمسئول عن الملف الدينى، وقد حضر جنازته كل قيادات الإخوان والجماعات الإسلامية. لقد اضطهده العادلى فى السنة الأخيرة بالذات، وصولاً حتى إلى ما يشبه إهانته فى اجتماع عام، قال له: أنا إللى باشيل وأنا إللى باأحط والناس ما تستعجلش علشان تركب. كل هذه كانت مؤشرات بالنسبة لى على انتهاء إمبراطوريته
* كيف كانت لحظاته الأخيرة بالوزارة ؟
- كان منهاراً، غادر موقعه بالتريننج سوت مساء يوم السبت 29 يناير، فى دبابة
* ما الشىء الذى كان الرئيس السابق يفخر بإنجازه ؟
- 3 أشياء ومن حقه أن يفخر بها:
1- أنه لم يوافق على وجود قاعدة أمريكية فى مصر، كان المناصر الأساسى لهذه القواعد المشير أبو غزالة
* ما أعرفه عكس ذلك، أن المشير هو الذى عارض وجود قواعد لأمريكا، ولهذا أطيح به
- ليس صحيحاً، هذا الكلام مثبت، وتصريحات المشير أبو غزالة معلنة
2- الشىء الثانى أنه حافظ على مربع الحدود المصرية دون تعد، وهو أول رئيس مصرى يفعل هذا
* والشىء الثالث ؟
- كفاية دول
* ربما نسيت أنه كان كنزاً استراتيجياً لإسرائيل ؟
- لم يكن كذلك
* لكن هذا الكلام جاء على لسان مسئول إسرائيلى سابق
- هو حر، لكن ليس علينا أن نعطى آذاننا لهذا العبث الإسرائيلى
* هل تأثر الرئيس بحادث العبارة ؟
- طبعاً
* من الذى هرب ممدوح إسماعيل خارج مصر ؟
- لا أستطيع الكلام عن أمور لا أملك دليلاً عليها
* وما دور جمال مبارك وسوزان فى تشكيل الحكومة ؟
- ( لحظة صمت معتادة ).. من الممكن أن جمال يرشح عدداً من الوزراء
* مثل ؟
- .......
* لا تريد أن تجيب ؟
- ......
* وما علاقة جمال بالبيت الأبيض ؟
- كلفه الرئيس عام 2003بنقل رسالة للرئيس جورج بوش، بخلاف مقابلات أخرى
* هل لديك علم بفحوى الرسالة ؟
- مضمونها، وفقاً لما هو مثبت فى كتاب حروب بوش لـ " بوب وود وورد "، أن الرئيس مبارك كانت لديه رسالة من صدام حسين يخبره فيها برغبته فى إرسال عائلات وأموال إلى مصر، وأراد مبارك بحكم أن أمريكا هى الدولة التى تحتل العراق أن يجس نبض البيت الأبيض حول هذه المسألة
* تقصد.. كان يستأذن من البيت الأبيض ؟
- هذه اعتبارات علاقات ولا صلة لها بالاستئذان
* هل تظن أن الرئيس السابق كان يعتقد فى الديموقراطية اعتقاداً جازماً، لكنه لا يستطيع أن يطبقها إلا على مستوى التنفيس ؟
- كان يؤمن بنظرية المسيطر العادل
* هل كانت المادة 76 وتزوير الانتخابات الأخيرة هى القشة التى قصمت ظهر النظام ؟
- أعتقد أن هناك 3 أسباب لانتهاء الحكم بالطريقة التى انتهى بها: 1- رهاب المصريين من اليوم التالى، أعنى أنه لم يكن لديهم تصور عن كيف سيكون اليوم التالى بعد الرئيس 2- الشعور الكاذب أو الصادق بأن الدولة الكبيرة التى ينتمون إليها لم تعد بنفس القدر الذى كانت عليه 3- ثم استمرار الحكم لمدة 30 سنة
* بحكم أنك سمعت ورأيت..؟
- بحكم أننى صحفى
* بحكم أنك عبدالله كمال.. ما الذى تعرفه عن اختفاء رضا هلال ؟
- الآن لا أستطيع الادعاء بأننى أعرف شيئاً، لكننى سأكتب فيلماً عن اختفاء رضا هلال
* وسعاد حسنى ؟
- لم أحقق فى هذا الأمر
* وأشرف مروان ؟
- أشرف مروان راح ضحية علاقات متقاطعة ربما تكون قد مست مصالح دول بعيدة جداً غير مصر
* مثل ؟
- هل تريد لى نهايته؟
* ما القوانين التى تم تمريرها وكان لها أثر سىء على الناس ؟
- قانون الضريبة العقارية ساءت سمعته
* هل كان الرئيس يغض الطرف عن الفساد ؟
- لا، لكن هناك توازنات ما فى المجتمع كانت تضطره للسكوت، مثلاً.. اهتم الرئيس بما كنت أكتبه عن التعدى على أراضى طرح النهر خاصة فى منطقة منيل شيحة، رغم ذلك ظل الملف على مكتب الدكتور أحمد نظيف، لأن تحريك الملف كان يمكن أن يخلق اضطراباً أكبر مما تظن، وبالتالى لو تدخلت أجهزة الرقابة لأصبح المواطنون العاديون هم الضحايا، فالتعدى على الراضى يشمل الجميع: أغنياء وفقراء ومؤسسات
* ثمن لى دور كمال الجنزورى الآن وفى ظل توليه لمقاليد الحكومة ؟
- أحمل فى داخلى تقديراً خاصاً غير سياسى للسيد الدكتور كمال الجنزورى يمنعنى من أن أقول شهادتى السياسية عن هذه المرحلة فى ضوء ما عرفته فيما بعد عنها.حقيقى أجد حرجاً فى إبداء رأيى
* وعاطف عبيد ؟
- افتقد الشفافية فى عمليات الخصخصة
* وأحمد نظيف ؟
- كانت حكومته تمشى على ساق واحدة.. النمو والساق الأخرى، العدالة الاجتماعية، كانت معطلة
* أستاذ عبدالله.. سؤال لا بد من طرحه ختاماً، لم تصرح بذلك الآن. ثم ألا تخشى أن تكون هذه الأسرار غير ذات مصداقية عالية نتيجة الطعن فى مصداقية عبدالله كمال نفسه ؟
- والله أنت طلبت الحوار معى وتسألنى وأنا أجيبك. مجرد وجودك أمامى اعتراف منك بأن لدى ما أقوله. أنا أحرص على مصداقيتى وكل ما أطرحه خاضع للاختبار، لم أحدثك عن غائبين، الأبطال ما زالوا بيننا، ولم أقل لك شيئاً لا يوجد عليه شهود ! * هل تتمنى أن يعود مبارك للحكم ؟
- عصر مبارك انتهى .