استقبل فضيلة أ.د/ عباس شومان، وكيل الأزهر، اليوم الأحد بمشيخة الأزهر في الدراسة، وفدا من الدارسين بكلية الدفاع الوطني بأكاديمية ناصر العسكرية ، حيث رحب بهم في الأزهر الشريف .
دور الأزهر
وقدم فضيلته شرحا موجزا عن الدور الذي يقوم به الأزهر في كافة المجالات ومنها ، الدور الداخلي للأزهر ومسئوليته عن تعليم اللغة العربية وأمور الدين والشأن الدعوي، وهناك مهام خارجية، لكون الأزهر هو مرجعية للفكر الإسلامي الوسطي المعتدل؛ وعليه واجب الاهتمام بقضايا المسلمين في العالم وتصحيح الصورة المشوهة التي يريد البعض إلصاقها بالإسلام.
وأوضح أن الأزهر أعاد النظر في المناهج التعليمية المقررة في مرحلة التعليم قبل الجامعي لتواكب العصر ومستجداته، واستحدث مقررًا تعليميًّا بعنوان (الثقافة الإسلامية) يرسخ مبدأ المواطنة، ويعزز مفهوم الانتماء الوطني، ويكشف زيف الفكر المتطرف، كما استحدث الأزهر عددًا من الأدوات التي تعاون هيئاته التقليدية وتواكب المستجدات الحديثة، ومنها مرصد الأزهر باللغات الأجنبية الذي يجابه عصابات التطرف والإرهاب بنفس وسائلهم ولغاتهم؛ حيث كانوا يسرحون ويمرحون في الفضاء الإلكتروني وحدهم قبل أن ينازلهم شباب الأزهر وينغصوا عليهم ما حسبوه حكرًا لهم ويحموا الشباب من الانخداع بشعاراتهم والوقوع في براثنهم، ومن تلك الأدوات الحديثة أيضًا مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية الذي يجيب عن أسئلة الشباب ويزيل الشبه التي تلتبس عليهم باستخدام وسائل الاتصال والتواصل الحديثة.
وأضاف قائلا: لقد عقد الأزهر الشريف في السنوات الأخيرة عددًا من المؤتمرات التي خرجت بتوصيات مهمة تدعم نسيج الوطن الواحد، وتدعو لقبول الآخر والعيش المشترك في ظل المشتركات الإنسانية الكثيرة التي لا تختلف باختلاف الديانات ولا بتعدد المذاهب في الدين الواحد، وتنفيذًا لهذه التوصيات عمليًّا أنشئ (بيت العائلة المصرية) الذي يجمع شركاء الوطن مسلمين ومسيحيين في كيان وطني يقع مقره في قلب مشيخة الأزهر، ويتناوب على رئاسته شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، ويتفرع عنه لجان للتعليم والثقافة والشباب والمرأة، وتنتشر فروعه في معظم محافظات الجمهورية، ولا يخفى على المتابع المتجرد عن العصبية والهوى ما حققه من إنجازات على الصعيد الوطني، بل تجاوزت جهوده حدود وطننا فوصلت إلى أفريقيا الوسطى وأنجزت مصالحة كبرى بين الفرقاء هناك.
الإسلاموفوبيا
وأضاف فضيلته أن الأزهر قدم الكثير لمجابهة ظاهرة الإسلاموفوبيا، ولتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام ، وقد شارك الأزهر في كثير من المؤتمرات الدولية ذات العلاقة بالشأن الإسلامي التي عُقدت في كثير من دول العالم شرقًا وغربًا، وانطلقت جولات تاريخية لشيخ الأزهر جاب خلالها عددًا من الدول ذات التأثير في العالم، والتقى عددًا من الشخصيات الفاعلة في صنع القرار العالمي، وألقى كلمات مهمة في عدد من البرلمانات والجامعات العريقة في العالم، وزار عددًا من الكنائس الشرقية والغربية وعلى رأسها الفاتيكان، وقد كان من ثمرات تلك الزيارة التاريخية استئناف الحوار بعد طول انقطاع، واستقبال مصر والأزهر بابا الفاتيكان في زيارة تاريخية شارك خلالها بكلمة تاريخية مهمة في مؤتمر الأزهر العالمي للسلام الذي عُقد في أبريل 2017م، واستقبل الأزهر وفودًا من الشرق والغرب لبحث سبل التعاون وتعزيز الشراكة في المجالات الدينية والفكرية والعلمية وغيرها، وعُقدت في قلب مشيخة الأزهر ندوات حوار وورش عمل بين شباب الأزهر وممثلين لمجلس الكنائس العالمي، وجاب مجموعة من شباب الأزهر" سفراء الأزهر " من خيرة الشباب العالم في قوافل سلام تهدف إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام في بلاد الغرب ومجابهة ظاهرة الإسلاموفوبيا المتنامية هناك ، بالإضافة إلى جهود مركز الترجمة الذي يقوم بترجمة الكتب التي تبرز صحيح الإسلام، حيث وصل عدد الكتب المترجمة إلى أكثر من "150" كتاب.
الخلافة
وشدد د. شومان على أن الأزهر لا ينطلق لخدمة أي أفكار سياسية ولكنه ينطلق لخدمة الدين، مبينًا أن عصابات التطرف دلست العديد من المفاهيم والمصطلحات الشرعية بتفسيرها بما يتفق وتحقيق أهدافهم الخبيثة، كادعاء صيغة معينة للحكم تتمثل في نظام الخلافة الإسلامية الذي كان سائدًا في القرون الأولى من تاريخ الإسلام، قبل أن تُستبدل بهذا النظام أنظمةُ حكمٍ حديثة تتنوع بين ملكية وأميرية وسلطانية ورئاسية، وكلها أنظمة مقبولة في شريعتنا، ولا يوجد في شرعنا ما يدل على لزوم نظام حكم معين، فمسألة الحكم من أمور السياسة التي تخضع لما يوافق رغبات الناس وما يستقرون عليه فيما بينهم.
تكفير داعش
وردًا على سؤال من أحد الحضور حول لماذا لم يكفر الأزهر داعش؟ قال وكيل الأزهر يحلو لكثير من الناس الانشغال بقضية التكفير، غير مدركين خطورة الأمر وما يترتب عليه من ضرر يلحق بعقيدتهم جراء الإقدام عليه، مع أنهم لم يكلَّفوا به ولن يحاسبوا على ترك الخوض فيه، بل الخطر العظيم يكمن في خوض غماره وإصدار أحكام الكفر على الآخرين، ويعتب بعضهم على الأزهر الشريف وينتقده آخرون لعدم تكفيره لتلك العصابات الإرهابية التي زلزلت أمن المجتمعات ونشرت الفزع بين الناس، وفي مقدمتها تنظيم داعش المجرم الذي عاث في الأرض فسادًا وتجاوز أفعال عتاة المجرمين بمراحل يصعب حصرها، والحقيقة أن الأزهر الشريف لا يصدر الأحكام الشرعية إرضاء للأهواء أو دغدغة للمشاعر، ولكنه بصفته مؤسسة علمية في الأساس ينطلق في تناوله للقضايا من منطلقات علمية مستنبطًا الرأي الشرعي فيها.
وأَوضح أنه بعيدًا عن الولوج في درب التكفير الذي لا طائل منه، ركز الأزهر اهتمامه على كيفية التعامل مع هذه العصابات التي تسلك مسالك الإجرام وتسفك الدماء وتنتهك حرمة الأعراض والأموال، وبيَّن أنها جماعات مفسدة في الأرض محاربة لله ورسوله، وأنه يجب