داخل مبنى رخامي مسدس الأضلاع بمئذنته الخاصة به على شكل صاروخ، بمسجد "أم المعارك" في بغداد، يوجد مصحف من نوع خاص أثار الكثير من الجدل، نظرًا لظروف وطريقة كتابته والمواد التي كتب بها.. إنه المصحف الذي كتب بدماء الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
المصحف الذي كتب في التسعينات ويبلغ عدد صفحاته 605 صفحة متوسطة الحجم يشمل جميع سور القرآن الكريم، وكتبت حروفه بما يزيد على 27 لترًا من دماء صدام حسين، وقام بكتابته الخطاط والفنان العراقي المقيم حاليًا بالأردن عباس شاكر جودي حسبما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية في تقرير لها.
وتعود حكاية المصحف الذي كتب بدماء صدام حسين حسبما روى كاتب المصحف إلى التسعينات بعدما تعرض عدي صدام حسين إلى محاولة اغتيال نذر إثرها صدام حسين أن يكتب المصحف كاملًا بدمائه إذا نجى ابنه من أثر عملية الاغتيال.
ويروي الخطاط عباس شاكر جودي قائلا "لقد استدعاني صدام حسين إلى مستشفى ابن سينا في بغداد حيث كان يزور ابنه عدي الذي تعرض لمحاولة اغتيال قبل أيام وطلب مني أن أخط القرآن بدمه، كان الأمر عبارة عن نذر" بالنسبة إليه.
ويقول عباس في تصريحات صحفية إنه بدأ مباشرة العمل لكتابة السور الـ114 من القرآن في مهمة استغرقت سنتين. وقد عرض العمل بعد الانتهاء منه في متحف أم المعارك ببغداد.
يتابع الخطاط العراقي قائلا: "لم يكن الأمر سهلا.. إن الدم كان كثيفا جدا ولم أتمكن من العمل به.. لقد نصحني صديق يعمل في مختبر بخلطه بقطرات من مركب زودني به ويشبه الغلوكوز.. وقد نجح ذلك".
وقال "في كل مرة كان ينتهي مخزوني من دم صدام كنت أطلب المزيد.. وكان حراس يقومون آنذاك بجلب قمع عليه ملصق مستشفى ابن سينا مستشفى عائلة الرئيس". وأضاف أنه كان في بعض الأحيان ينتظر عدة أيام أو حتى أسابيع "لأن صدام حسين كان مشغولا ولأنه كانت هناك تهديدات أميركية".
وذكر جودي: "لقد فقدت نظري تقريبا في هذا العمل.. كانوا على عجلة ولقد عملت ليل نهار لإكماله". وأضاف: "لم يكن لدي حتى جواز سفر.. لقد منعت من اقتنائه لأن السلطات كانت تريد التأكد من بقائي في العراق".
وتقول زوجته نجاح إنها كانت تصاب "بقشعريرة " في كل مرة تفتح فيها الثلاجة في المطبخ وتضيف: "كنت أرى قارورة دم الرئيس وارتعب"، وأضافت: "لقد قلت لعباس أن ألم عينيه قد يكون إشارة من الله بأنه غاضب".
وكانت نسخة المصحف الذي كتب بدماء صدام حسين قد أخفيت أثناء الحرب الأمريكية على العراق في بيوت متعددة لبعض الشيوخ والأئمة المسلمين، خوفًا عن تبديده على يد قوات الاحتلال الأمريكي، ثم بعد ذلك تم إيداعه في مسجد "أم المعارك" في بغداد الذي يخضع لوزارة الأوقاف السنية العراقية ويتم إغلاق بوابات المسجد المؤدي إلى القاعة التي يوجد فيها المصحف.