"أنا ست معتزة بنفسي جدًا.. عنيدة جدًا.. عصبية جدًا طيبة القلب جدًا لدرجة العبط".. بهذه الكلمات وصفت الفنانة هند رستم نفسها، حسبما يذكر الكاتب أيمن الحكيم في كتابه عنها والذي يحمل اسم "ذكرياتي".

ومع احتفال الجمهور بالذكرى التاسعة والثمانين لميلادها، نكشف بعض المواقف التي تبرز اعتزاز "هند" بنفسها وحرصها على كبريائها، ومقارنتها الدائمة بينها وبين فاتن حمامة.

يضرب الحكيم مثالاً على ذلك بعرض أسطوري رفضته "هند "من الإعلامية هالة سرحان، يقول: حدثت الواقعة عام 2006، كانت الدكتورة هالة تعرف طبيعة علاقتي بهند رستم، فقد طلبت أن أرتب لقاء بينهما، ووافقت هند بعد إلحاح مني، وجرى اللقاء في منزلها بالزمالك، مساء الجمعة 3 مارس 2006 ".

ويضيف: "في تلك السهرة حكت هند رستم عن ذكرياتها مع نجوم جيلها عمر الشريف، ورشدي أباظة، وأحمد مظهر، وفريد شوقي. وكشفت عن مواقفها الطريفة والمؤلمة أثناء تصوير أفلامها، وتحدثت أيضا عن مريم المجدلية، الشخصية الوحيدة التي شعرت بالندم على أنها لم تجسدها، واعتزلت من دون أن تحقق حلمها الكبير، فقد حالت الظروف السياسية بعد نكسة 1967 دون سفرها إلى لبنان لتصوير الفيلم".

ويكمل الحكيم: "هند ليلتها تجلت، خصوصاً بعد أن انضمت ابنتها بسنت ـ أو بوسي كما كانت تناديها ـ إلى جلستنا، وكانت تنعش ذاكرتها بمزيد من الحكايات والتفاصيل. لم تفلت هالة سرحان الفرصة، فصارحتها بأنها تعرض عليها تسجيل مذكراتها، بحيث تجلس أمام الكاميرا لتحكي بالتدفق نفسه والحيوية نفسها، وقالت إنها مستعدة لتقديم شيكا على بياض لتحدد هند الرقم الذي تراه ثمنا مستحقا لذكرياتها".

ويكشف: "ردت هند بعبارات مجاملة هائمة، أدركت أنا منها أنها ترفض بشياكة. وقد كان، ففي صباح اليوم التالي هاتفتني وطلبت أن أبلغ تحياتها لهالة سرحان واعتذارها عن العرض "الأسطوري".

اعتزاز "هند " بنفسها وبفنها يتضح بقوة عندما تقول في مذكراتها،" ولو عقدت مقارنة بيني وبين فاتن حمامه ستجد أنها قدمت لونا واحدًا، دور الزوجة المحترمة أو الفتاة المغلوبة على أمرها، أما أنا فقد قدمت كل الأدوار، الراقصة وفتاة الليل، والراهبة، والزوجة، والأم، والجدة. كانت الأدوار الصعبة تستفزني، في "باب الحديد"، كنت أتنطط بين القطارات وهي تسير، وفي "شفيقة القبطية "تدربت طويًلا على رقصة الشمعدان، وفي "الزوج العازب" قدمت دور صاحبة محل جزارة، وفي "الخروج من الجنة" عملت دور شاعرة وكاتبة. كنت أدخل الأستوديو وأنا مستعدة وجاهزة وحاسة إني ممثلة بلا منافس.

ثم تقول: "حصلت على جائزة أحسن ممثلة عام 1975 من جمعية كتاب ونقاد السينما، وكان ينافسني عليها فاتن حمامه بفيلمها "أريد حلاً" ولهذا عندما قررت الاعتزال كنت أحس بالإشباع الفني".

وبعد عشرة أعوام من اعتزالها، تعرضت "هند" لموقف آخر تمسكت فيه باعتزازها بنفسها، عندما جاءها أحد المنتجين يعرض عليها بطولة مسلسل "عائلة شلش" أمام صلاح ذو الفقار، وأعجبتها فكرة العمل والشخصية المرشحة لها وتحمست للعودة، وكان من أحلامها أن تترك عمًل على الشاشة الصغيرة، وكان شرطها الوحيد للموافقة هو أن تحصل على الأجر نفسه الذي تحصل عليه فاتن حمامه. وتردد المنتج، وتعثرت المفاوضات، ولم تتراجع هند عن شرطها، وذهب الدور إلى ليلى طاهر.

يقول الحكيم في كتابه " ثم جاءتها شركة إنتاج خليجية كبرى تعرض عليها بطولة مسلسل بأجر يفوق ما طلبته في "عائلة شلش"، لكن هند اعتذرت بلا تردد، وكان اعتذارها لرفضها أن تكون عودتها بعيدا عن شاشات تليفزيون بلدها".

كبرياء هند العظيم وصل بها إلى أن تعتذر عن قبول جائزة الدولة التقديرية في الفنون عام 2004 ، وكان منطقها ،حسبما تقول "الجائزة تأخرتً كثيرا، وأنا لست على الرف حتى يتذكروني في الوقت الذي يعجبهم، فلا يوجد سوى هند رستم وحيدة في الشرق الوسط، وعدد نجمات جيلي ليس كبيرا يتجاهلونا، ولا يليق أن يكرموني بعد أن كرموا من هم أقل مني، ثم إنني أرفض أن يتم تكريمي قبل شادية فهي الأحق مني، وقد ظهرت ولمعت قبلي".