«للتأجير من المالك مباشرة»... عبارة باتت أشبه بإستراتيجية مفضّلة لدى العديد من ملاك العقارات الشاغرة، في مسعى منهم لاجتذاب المستأجرين المحتملين، خصوصاً الذين لا يفضلون التعامل مع الوسطاء الفضوليين، الذين يدفعون عادة نحو رفع القيمة الإيجارية للوحدات المعروضة من أجل إغراء المالك بعائد أكبر.
وفي التفاصيل، رصدنا في الفترة الأخيرة قيام العديد من شركات تأجير العقارات لحساب الغير، أو السماسرة بتتبع إعلانات ملاك العقارات الراغبين في تأجير وحدات سكنية عبر وسائل التواصل المختلفة ليبدأ تحركهم على العملاء، ما أدى إلى وجود فرصة كبيرة للفضوليين الذين يحاولون الوصول إلى «جيوب» المستأجرين قبل أصحاب العقارات.
لـ «التأجير من المالك مباشرة» فوائد عديدة، ليس أقلها أن هذه العبارة أصبحت بمثابة إعلان مباشر يطمئن المستأجرين من عدم تعرضهم إلى الخداع أو المماطلة التي تكلفهم في غالب الأحيان عمولة تقدر بنصف القيمة الإيجارية الشهرية لمرة واحدة عند إتمام عقد التأجير.
 
كما لوحظ أن هناك إشكالية أخرى تسهم في رفع الفوائد الإيجابية للاستئجار مباشرة من المالك، ففي بعض الأحيان يلجأ العاملون في مجال التسويق العقاري سواء من الشركات أو أفراد إلى اقناع المالك برفع القيمة الإيجارية، وأنهم قادرون على تسويق وحداته بالسعر المقترح من قبلهم، وذلك في مسعى منهم لرفع عمولتهم من القيمة الإيجارية.
وفي بعض الأحيان، يرضخ المالك لإغراءات هؤلاء المسوقين، طمعاً في قيمة إيجارية أعلى من المتداولة أن نجحوا، لكن على أرض الواقع تفشل جهود هذه النوعية من المسوقين في غالب الأحيان، على اعتبار أنهم يبنون خططهم التسويقية إما على الحظ في التعرف على عميل لا يعلم الكثير عن سوق الإيجارات أو أن مقابلة عميل يرزح تحت ضغط الحاجة الفورية للإيجار. 
ومن القصص التي تروى فصولها في هذا الخصوص، يقول أبوعلي، وهو وافد في العقد الرابع من العمر، وجدت إعلاناً لملحق يتكون من غرفتين وصالة ومطبخ وحمام للإيجار، فبادرت بالاتصال برقم المعلن لتجيب من الجهة الأخرى امرأة تتحدث بلهجة خليجية، أن الإيجار يبلغ 350 ديناراً، وحين اقترحت المعاينة طلبت الانتظار لمهاتفتي بعد قليل، وبعدها أبلغتني بالذهاب إلى الحارس وإبلاغه أنني أتيت من طرفها.
ويستطرد أبوعلي «حين ذهبت إلى مكان الوحدة وبدأت المعاينة وجدت الملحق عبارة عن غرفتين فقط بمساحات صغيرة جداً، وبعد حديث قصير مع الحارس اكتشفت أن القيمة الإيجارية 200 دينار فقط، أقل 150 ديناراً عن السعر المعلن من الشركة».
وهنا بدأ أبوعلي يفك شيفرة لعبة السماسرة، حيث لجأ إلى الاستعلام عن رقم الهاتف المنشور في الإعلان عن الوحدة، ليتبين له أنه يخص امرأة تعمل في مكتب لتأجير العقارات، لا علاقة له بالمالك، وهو ما أكده الحارس بالقول «لا أعلم عنها شيئاً أيضاً ويمكن أن يكون هناك اتفاق مع مالك العقار لا أعلمه من أجل إيجاد مستأجر، لكن القيمة المتعارف عليها بيني وبين المالك 200 دينار فقط».
وفي هذا الصدد، أشار حارس العقار إلى أن القيمة الإيجارية المطلوبة من قبل الشركة من شأنها أن تجعل الوحدة السكنية غير قابلة للتأجير، نظراً لأن المبلغ الذي طلبته غير واقعي مقارنة بالأسعار المتداولة للمساحات المشابهة.
وشدد على أن 200 دينار هي قيمة عادلة للمالك، وتسهم في استقطاب مستأجرين، بخلاف القيمة المزيفة التي تسوقها الجهة الدخيلة والتي ستنفر من العقار وتجعله شاغراً لفترة طويلة، وبرسم من يكتشف حقيقة لعبة السماسرة.
وبيَّن أنه من أجل تحقيق عمولة تبلغ 175 ديناراً، يضيع على المالك إيجاراً شهرياً قيمته 200 دينار دون أن يجد من يعوضه عن الفترة الشاغرة لأسباب هو غير مسؤول عنها.
ويتناول أبو علي، طرف الحديث مجدداً قائلا «بعد تلك التجربة لم تكن مهمة البحث عن سكن بإيجار مناسب سهلة، خصوصاً وأني أصبحت أشك في كل من أتواصل معه من أجل استئجار وحدة جديدة، فبفضل هذه الواقعة أبحث عن هوية المعلن قبل أن أجري أي مكالمة هاتفية يمكن من خلالها استشراف حقيقة هذه الوحدة، فإذا وجدته شركة أو سمساراً انتقل بالبحث عن إعلانات المالك نفسه، وتفادي دفع العمولة واحتمالية القيمة الإيجارية المجنونة».