بتنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عن الحكم، في فبراير 2011، تشوق كثيرون إلى رؤيته داخل قفص الاتهام بقاعة المحاكمة، لمحاسبته على أخطائه طوال عهده حتى قتل متظاهري ثورة يناير، وهو ما تعرض له فيما بعد.
حرص «مبارك» منذ الأشهر الأولى من تنحيه على توجيه رسائل مسجلة للشعب المصري، كما ساعدته إجراءات محاكمته في قضية قتل المتظاهرين على تكرارها، وحتى بعد تبرئته نهائيًا أجرى مداخلتين هاتفيتين عبر الفضائيات موجهًا حديثه للمصريين، إلى أن أصدر بيانًا لتوضيح حقيقة ما ذكرته BBC بحقه.
في التقرير التالي، 5 رسائل وجهها «مبارك» إلى الشعب المصري بعيدًا عن منصب الرئيس.
5. رسالة ألم وتهديد
«تألمت كثيرًا – ولا أزال – مما أتعرض له أنا وأسرتي من حملات ظالمة وادعاءات باطلة، تستهدف الإساءة إلى سمعتي والطعن في نزاهتي ومواقفي وتاريخي العسكري والسياسي»، بهذه الكلمات افتتح «مبارك» كلمته المسجلة بعد شهرين من تنحيه، والتي أذيعت على فضائية «العربية» وقتها، معربًا عن أسفه مما يتعرض له بعد تخليه عن منصبه.
أعلن وقتها استعداده لكل الإجراءات التي تتخذها السلطات بحقه، بعد أن قدم إقرارًا بالذمة المالية، وعدم اعتراضه على اتخاذ النائب العام المصري آنذاك، المستشار عبدالمجيد محمود، أي إجراء للتأكد من أرصدته خارج البلاد.
تضمنت رسالة تهديد في نهايتها، قائلاً: «بعد انتهاء الجهات المعنية من هذا، والتأكد من سلامته وصحته فإنني أحتفظ بكل حقوقي القانونية تجاه كل من تعمد النيل مني ومن سمعتي، ومن سمعة أسرتي بالداخل وبالخارج».
4. رسالة دفاع ونُصح
منحت محكمة جنايات القاهرة، في أغسطس 2014، لـ«مبارك» فرصة الدفاع عن نفسه أمامها، ليستغل الأمر في إلقاء كلمة امتدت لـ 23 دقيقة، تحدث فيها عن تاريخه، ونافيًا اتخاذه أمرًا بقتل المتظاهرين.
دافع «مبارك» عن نفسه متحدثًا إلى المصريين: «إن محمد حسني مبارك الذي يتحدث اليوم أمامكم لم يكن ليأمر أبدًا بقتل المتظاهرين، لم يكن ليأمر أبدًا بإراقة دماء المصريين، وهو الذي أفنى عمره في الدفاع عن مصر وأبنائها، وأقول أمام الله وأمام الشعب إنني قضيت حياتي مقاتلًا، وأقول أمام الشعب وأمامكم كان تعليمي وتدريبي لقتل الأعداء، وتلك كانت عقيدتي منذ تخرجي في سلاح الطيران، ولم أكن لآمر أبدًا بقتل مصري واحد تحت أي ظروف».
ختم حديثه بنصيحة للمصريين: «حافظوا على وحدة الوطن، وانتبهوا لما يحدق بالوطن من أخطار وما يحاك له من مخططات ومؤامرات، ومصر أمانة احملوا رايتها واحفظوها وامضوا بها إلى الأمام، حمى الله مصر ورعاها، وحمى شعبها».
3. رسالة سعادة وتهكم
أجرى الإعلامي أحمد موسى اتصالا هاتفيا بـ«مبارك»، عقب صدور حكم بتبرئة الأخير من قتل متظاهري ثورة يناير، فيها عبر عن سعادته لقرار المحكمة، كما أعرب عن عدم مبالاته بما كانت ستؤول إليه الأمور في حالة حبسه.
«أنا شعرت إني ما عملتش حاجة خالص»، بهذه الكلمات كشف «مبارك» عن قناعاته تجاه التهم المنسوبة إليه مسبقًا، قائلاً، بتهكم، عن اللحظات التي سبقت صدور الحكم: «كنت قاعد مستني هيألفوا لنا إيه»، مردفًا: «أنا مكانتش هتفرق معايا كده ولا كده».
تجنب «مبارك» الإفصاح عن تفاصيل ما وقع خلال أحداث ثورة يناير، بناءً على سؤال وجهه إليه «موسى»، مكتفيًا بالرد ضاحكًا: «والله بقى إيه عينك ما تشوف إلا النور، مقدرش أتكلم عن اللي حصل في التليفون»، منهيًا: «هم قلبوا علينا، اقلبوا إنتوا حُرين».
2. رسالة دعم
حرص «موسى» على إجراء اتصال هاتفي بـ«مبارك» لمرة ثانية، تزامنًا مع احتفالات عيد تحرير سيناء في إبريل 2015، فيها تحدث الرئيس الأسبق عن مسيرته منذ نكسة 1967 وحتى استرداد سيناء، ثم طابا.
أظهر «مبارك» خلال المداخلة تأييده التام للرئيس عبدالفتاح السيسي: «أبناء المؤسسة العسكرية، وعلى رأسهم اليوم الرئيس عبدالفتاح السيسي، يعلمون معنى السيادة الوطنية وقدسية التراب الوطني، لازم الكل يعرف إن مصر بلد كبيرة ومحورية، وحكم مصر ليس نزهة أو تكريمًا أو فسحة، دي مسؤولية كبيرة وقرارات مصيرية، عشان الرئيس يقدر ياخدها لازم شعبه معاه ووراه».
أكد دعمه كذلك في نهاية حديثه: «أنا واثق إن في قيادة وطنية حكيمة تؤتمن على مقدرات البلد، ولازم الشعب يقف وراءها عشان نجتاز التحديات».
1. رسالة توضيح
على نحو مفاجئ، أصدر «مبارك» بيانًا صحفيًا، مساء أمس، ردًا على الوثائق البريطانية التي أعلنت عنها BBC، بأنه وافق على توطين فلسطينيين من لبنان في مصر، نافيًا كل ما قيل بحقه.
وأوضح «مبارك» تفاصيل ما دار على الساحة السياسية العربية خلال الفترة المذكورة بالوثائق، منهيًا كلماته بالتأكيد على تمسكه بمبدأ عدم التفريط في أي أرض مصرية: «تمسكت بمبدأ لم أحِد عنه، وهو عدم التفريط في أي شبر من أرض مصر، التي حاربت وحارب جيلي كله من أجلها، وهو ما تجسد في إصرارنا على استعادة آخر شبر من أرضنا المحتلة عام 1967، بعودة طابا كاملة إلى السيادة المصرية».