أكثر من 40 عامًا قضتها الفنانة يسرا داخل الوسط الفني، تكللت منذ أيام باختيارها كرئيس شرفي لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ 39، وعلى هامشه حضرتك ندوة خاصة بمناهضة العنف ضد المرأة، فيها ألمحت إلى ارتباطها الشديد بوالدتها، مثمنة جهودها في تربيتها رغم انفصالها عن والدها، لكن يبدو أنها في تلك اللحظات تذكرت سلسلة من الأحداث المريرة التي مرت بها منذ سنوات.
انفصل والدي يسرا قبل ولادتها بأشهر، وبمجيئها إلى الدنيا تولت الأم تدبير أمورها بنفسها، على الجانب الآخر ازدادت خلافاتها مع طليقها، ما دفع الأخير إلى معاقبتها بضم ابنته، صاحبة الـ 14 عامًا وقتها، إليه، لتقضي 7 سنوات في منزله وصفتها بأنهم الأصعب في حياتها على الإطلاق.
تقول يسرا إن لحظة انفصالها عن والدتها مثلت بالنسبة إليها «شرخًا كبيرًا»، لارتباطها الشديد بأمها التي كانت بمثابة الصديقة والحبيبة: «كل حاجة بقولها لها مفيش حاجة بخبيها عنها».
أردفت يسرا، خلال حوارها ببرنامج «واحد من الناس»، أن الانتقال إلى منزل والدها شجعها على بناء شخصيتها بمفردها، خاصةً وأنه من الصعب العودة إلى والدتها، أو التعايش مع الأب الذي دائمًا ما يعاملها بقسوة.
طلب منها الإعلامي عمرو الليثي وصف السنوات التي قضتها معه، لترد: «مكانوش سهلين ولا حلوين، هو كان صعب عليا أوي الله يرحمه بقى اذكروا محاسن موتاكم»، مضيفةً: «هو كان بيخلص مني اللي معرفش يخلصه من أمي».
في أحد الأيام شعرت يسرا بالحنين إلى أمها، حينها توجهت إلى والدها وطلبت منه أن تتصل هاتفيًا بها للاطمئنان عليها، وما أن أنهت كلمتها حتى أجهت بالبكاء، لكنه فاجأها قائلاً: «لو دمعتك نزلت من جفنك في سنة تانية مش هتشوفيها ولا هتكلميها»، لتمنع دموعها من الانهمار على الفور: «رجّعت الدمعة جوا عيني في ساعتها».
لم يكتفي الأب بحرمان ابنته من رؤية والدتها، بل منعها من استكمال تعليمها ومزق شهادة نجاحها، لينهي حلمها بالالتحاق بالجامعة الأمريكية: «لما أبقى كويسة في المدرسة، وأنجح وأذاكر في البيت، وشهادتي تتقطع وتترمي في الزبالة ومعرفش أكمل، ومعرفش أروح الجامعة الأمريكية اللي كان نفسي أروحها بتوجع».
حرمانها من استكمال التعليم لم ينهي رغبة يسرا في الالتحاق بالجامعة الأمريكية، وتقول: «أعتقد أنا لو عندي 70 سنة هيبقى عندي أمل أقدم وأكمل»، مستدركةً: «أنا ما كملتش تعليمي بس الدنيا علمتني أكتر من كل اللي كنت هتعلمه في أي مدرسة وفي أي جامعة».
بتجاوزها حاجز الـ 21 عامًا تحسست يسرا أولى خطواتها الفنية، حينها اشترط والدها على المنتجين بأن يكون هو المشرف عليها، حتى لجأ في أحد الأيام إلى صفعها أمام الجميع، بسبب تقبيل الفنان حسين فهمي لها حسب ما كشفت عنه في برنامج «المتاهة».
لم تجد يسرا من تتحدث إليه طوال الـ 7 سنوات، لتقربها المحنة إلى الله بشكل أكبر وفق ما روته: «مكنش في حد اتكلم معاه إلا ربنا»، ليسألها «الليثي» عما ناجت به ربها، لترد: «لا كتير كنت بكلمه طول الوقت».
تعتبر يسرا بأنها تعرضت لظلم شديد من قبل والدها، وهو نفس ما لحق بوالدتها كذلك، حتى تطبعت على تجنب ظلم الآخرين في حياتها العادية، حتى لا تذيقهم بما عانت منه سابقًا: «هو عمل حاجة خلاني أخاف أظلم غيري».
لحظة سماع يسرا لنبأ وفاة والدها توقف الزمن للحظات بالنسبة إليها، لم تحزن على فراقه ولم تفرح لرحيله: «يوم ما مات اتخضيت»، وتساءلت: «أنا كنت خايفة ليه؟ ما هو مات»، وختمت: «من ساعتها بقول أنا مش بخاف إلا من ربنا».