ما بين البكاء والحزن والفرح ومشاعر القهر، خرجت «أم عبدالرحمن»، السيدة العجوز البالغة من العمر 60 عامًا، من غرفة العناية المركزة بمستشفى الإسماعيلية العام رفقة ابن شقيقتها المصاب بطلق ناري بالكتف والقدم خلال الحادث الإرهابي الأخير الذي استهدف مسجد الروضة، الجمعة الماضي، بمدينة بئر العبد في شمال سيناء، وأسفر عن سقوط 305 شهداء و128 مصابًا.
بصوت يعتصره الألم والمرارة، تقول «أم عبدالله» إنها فقدت 5 من عائلتها في الهجوم الآثم، موجهة رسالة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، مؤكدة دعم أهالي سيناء له وطالبته بالحديث معه دون وسطاء، مؤكدة أنها وعائلتها الباقية لن تترك سيناء أبدًا.
وتضيف: «عايزين نتكلم معاك يا ريس من غير ما تدخل بينا حد، إحنا بنحبك وبنأيدك، بس إحنا غلابة وغلابة قوي، ما بقاش لينا بعد الله غيرك، سيناء اتدمرت، مبقاش فيها شغل لولادنا اللي فضلوا من الحادثة في القرية، إحنا ولادك وعايشين تحت حمايتك، تعالى يا ريس وشوف ناس جديدة، واسمعنا ونسمعك».
وتابعت قائلة في معرض روايتها للأحداث: «خسرت 5 من عائلتي لن يعودوا، بيتي يبعد عن المسجد 7 كيلو، تلقيت اتصالًا هاتفيًا من شقيقتي، تصرخ وتكبر (يا الله يا الله)، توقعت تعرضهم لحادث وعايزاني أبعت الإسعاف، جريت مسرعة نحو مدخل القرية وعرفت وأنا بجري إن في هجوم على المسجد، شوفت المصلين بقوا أموات».
وأردفت: «ابن أختي رغم إصابته شاف أخوه بيموت، جرّه من جلبابه لخارج المسجد، حاول ينقذه، لكنه مات، الحريم عيب عندنا تدخل الجامع، أمه أخدته في حضنها، وجيت مع المصاب الإسماعيلية وسبتها في العريش مع اللي ماتوا، وإحنا في الطريق للإسماعيلية، اتسهلت كل حاجة التحويل للمستشفى العام وفتح كوبري السلام والمعديات، في تسهيلات بالمرور».
تقول أم عبدالرحمن: «عمري ما شوفت زي الموقف ده، عربيات الإسعاف بقت تفضي وترجع تعبي مصابين وميتين تاني، ادعولنا ربنا يصبرنا ويحمينا، الحريم عندنا ما بتعرفش تتصرف، كنا معتمدين على رجالتنا، إحنا من الصامدين وهنموت في أرضنا المكتوب مكتوب، ولآخر لحظة لن نترك الأرض، الأرض عندنا يعني العِرض واللي يفرط في عرضه ما يبقاش شريف».
وأمام مدخل العناية المركزة، يدخل عبدالفتاح سالم عطوة، مندوب شمال سيناء بمستشفى الإسماعيلية العام، في الحديث ليؤكد أنه تم توفير مندوب من المحافظة في كل مستشفى به مصابون في الهجوم، والموزعين بمستشفى بئر العبد والقنطرة شرق ومستشفى الإسماعيلية العام وهيئة قناة السويس والمستشفى الجامعي بقناة السويس ودار الشفاء ومعهد ناصر، وذلك لمتابعة حالة المصابين والتسهيل على ذويهم في أي إجراءات تتعلق بالتحويلات، العلاج أو الإعاشة.
وأضاف «عبدالفتاح» أن عدد المصابين بمستشفى الإسماعيلية العام وصل 10 حالات بالداخلي و4 في العناية المركزة ويتوقع أن تخرج بينهم حالة لتتحول إلى القسم الداخلي لاستقرار حالتها، مؤكدا عدم رصد أي تقصير في الرعاية الصحية، وأن أغلب الأهالي ليس لديهم مطالب، وأن الواقعة مصيبة كارثية لم تشهدها مصر من قبل.
وعن الوضع بسيناء، يؤكد عبدالفتاح أن منطقة بئر العبد تعتبر من المناطق الهادئة بالعريش، ولم تشهد أي مشاكل وأن حادثة الروضة جديدة على الوضع بسيناء، حيث إنها المرة الأولى التي يستهدف فيها الإرهاب مسجدًا، مشيرًا إلى نزوح الأهالي من الشيخ زويد إلى الروضة هربًا من بطش الإرهاب.
ويوضح «عبدالفتاح»: «يبلغ التعداد السكاني لسكان قرية الروضة 3000 نسمة، وهو ما يعني استشهاد ربع الذكور في الحادث»، لافتًا إلى فقدان أسر لأكثر من شخص، بينهم شقيق رئيس الوحدة المحلية بالروضة والذي فقد 4 أبناء».
من جانبه، يقول الشيخ أحمد أبوعبدالله، شيخ قبيلة السواركة، خلال زيارته لمصابي الهجوم على مسجد الروضة بمستشفى الإسماعيلية العام، إنه يجري استهداف قبائل سيناء الداعمة للجيش والشرطة، مشيرًا إلى أن السواركة هي أكبر قبيلة فيها عدد من المجاهدين وحاصلين على نوط الامتياز من الطبقة الأولى في الحروب الماضية.
ويضيف شيخ السواركة: «تعي القبائل بسيناء دورها الداعم للأمن للقضاء على الإرهاب، واستهدافنا يزيدنا صمودًا ورجولة، وهنفضل عليه لآخر نفس، إحنا مع الجيش والشرطة ومش عايزين إرهاب لا في سيناء ولا مصر ولا العالم».
وتابع شيخ القبيلة: «إحنا بطبيعتنا قبيلة مسالمة، ومهما يفكروا أو يستهدفوا لن ينالوا منا، هناك اتحاد شكلناه يُدعى اتحاد القبائل، وهناك تنسيق مع الجهات الأمنية للرد على واقعة مسجد الروضة، ونحن فداء الوطن، ولو سبنا سينا هنسيب بكرة أي محافظة أخرى»، واختتم: «مصر لأهلها لا للإرهابيين»