مع صعود إمام مسجد الروضة بمنطقة بئر العبد للمنبر، اقتحم ما بين 25 إلى 30 إرهابيًا المكان وفتحوا نيرانهم على كل المصلين، مخلفين 305 شهداء وعشرات المصابين. ويؤكد مراقبون، أن الحصيلة الإجمالية لمجزرة مسجد الروضة هي الأعلى على الإطلاق في كل الحوادث الإرهابية التي شهدتها مصر، ليبقى السؤال مطروحا، لماذا تعمد الدواعش قتل كل هذا العدد؟
في البداية، يقول أحمد بان، الباحث في الجماعات الإسلامية، إن ارتفاع عدد الشهداء يرجع لسهولة الهدف فضلاً عن أن المصلين لم يمتلكوا أي أسلحة للدفاع عن أنفسهم. ويرجع محمد جمعة، الباحث في شئون الإرهاب بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، السبب وراء رغبة داعش في قتل كل هذا العدد إلى محاولة التنظيم الإرهابي لإثبات نفسه والرد على تنظيم جند الإسلام، التابع للقاعدة، في 11 نوفمبر الماضي، بث تنظيم جند الإسلام، فيديو عبر الانترنت، توعد فيه عناصر داعش بالاستئصال من شبه جزيرة سيناء تحديدًا، ردًا على استهدافهم للمدنيين.
يقول جمعة: الصراع المحتدم بين داعش والقاعدة يتلخص في محاولة كل طرف جذب أكبر عدد من المقاتلين العائدين من سوريا والعراق بعد تحرير أغلب المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي. يضيف جمعة : "القاعدة وداعش يحاولان تعزيز قوتهما فيما يعرف بسوق الإرهاب لاجتذاب أكبر عدد من الجهاديين العائدين، وهذا سر التوحش في تنفيذ العملية، لاستعراض قوة مفرطة من أجل إثبات التواجد واجتذاب العناصر الجهادية".
وأكد الباحث: "الإرهابيون حققوا عدة أهداف، منها إثبات الذات وخلق بروباجندا قوية في سوق الإرهاب، وأيضا مواصلة استراتيجية العنف الطائفي وكذلك توجيه ضربة قوية لقبائل سيناء لوقوفها مع الجيش والشرطة ومحاربتهم للإرهاب" ويتابع جمعة: لا توجد إحصاءات دقيقة حول أعداد المقاتلين الأجانب. وربما كان تقدير المركز القومي لمكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة هو الأكثر دقة، وذلك بالنظر إلى حجم قواعد البيانات التي يمتلكها حول هؤلاء.
ووفقًا لتقرير صادر عن المركز في فبراير 2015، بلغ عدد المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق وحدهما حوالي 20 ألف مقاتل، ينتمون إلى 90 دولة على الأقل. وتباينت التقديرات الخاصة بالمقاتلين القادمين من مصر، حيث تشير بعض المصادر إلى أن هذا العدد يتراوح بين 350- 600 مقاتل بينما تشير مصادر أخرى إلى أن العدد ربما يزيد على الألف.
ويرى موسى الدلح، أحد شيوخ قبيلة الترابين، أن الضغط الشديد على المناطق التي كانت عناصر داعش تتحرك فيها بحرية تامة وهي الشيخ زويد ورفح وأجزاء من العريش، كان سببًا في نقل مسرح العمليات إلى بئر العبد، مشيرًا إلى أن محاولة التنظيم لإثبات وجوده وقدرتهم على تنفيذ عمليات كبرى هي السبب وراء وحشية الهجوم. كانت مجموعة من الإرهابيين فجرت عبوة ناسفة بجوار مسجد الروضة، قبل أن يفتحوا النار على المصلين، ما أسفر عن استشهاد 305، وإصابة 130 مدنيًا، بحسب بيان النائب العام.