في أكتوبر من العام الماضي، اختطف إرهابيون الشيخ سليمان أبوحراز، أحد أكبر مشايخ الطرق الصوفية في سيناء، ثم أطلقوا سراحه بعد 3 أيام.. وفي الشهر التالي، نشر تنظيم داعش الإرهابي في سيناء، فيديو يظهر فيه الشيخ أبوحراز، وهو يُذبح على يد عناصر التنظيم مع الشيخ اقطفيان المنصوري، بدعوى "التكهن والتشرك وادعاء الغيب".
ويهدف التنظيم، منذ بايع داعش رسميا في نوفمبر 2014، على تحول منهجي في الأهداف، وصار من بين أهدافه إلى جانب قوات الجيش والشرطة، المسيحيين والصوفية.
ومسجد الروضة، الواقع على الطريق الدولي (العريش – بئر العبد)، أحد المساجد التابعة للطريقة الجريرية، إحدى الطرق الصوفية الموجودة في سيناء.
واستهداف المسجد الصوفي، له منطقان عند الإرهابيين، الأول عقائدي والثاني تنظيمي، أما عن العقائدي، فاستهداف الصوفية، على التحديد، هو جزء من منهج الإرهاب في كل مكان، باعتبار أن الصوفية موثوق فيهم ولهم الآلاف من الأتباع، ويتذرع الإرهابيون في قتالهم بأنهم (مبتدعون ومشركون ويدعون علم الغيب).
وتأتي أصول كلمة "صوفي" من كلمة "الصوف" العربية. وتحيل هذه الكلمة إلى الملابس المصنوعة من الصوف الخام غير المعالج التي كان يرتديها الزاهدون والنساك في غرب آسيا، وتشير بشكل عام إلى صفة مشتركة منسوبة إلى الصوفيين: التقشف.
والمجتمع السيناوي بطبيعته مجتمع يميل للتصوف، تنتشر فيه العديد من الطرق الصوفية، التي تحتفظ بمكانة كبيرة عند القبائل وأبنائها.
ونشرت مجلة "النبأ" التي يصدرها التنظيم مقالا، العام الماضي، لأحد عناصره يقول فيه: "نقول لجميع الزوايا الصوفية شيوخا وأتباعا في داخل مصر وخارجها إننا لن نسمح بوجود طرق صوفية في سيناء خاصة وفي مصر عامة".
أما عن الهدف التنظيمي أو العسكري، فالتنظيم الإرهابي باستهدافه للصوفية، ينفذ منهجية (العدو القريب) بدلا من (العدو البعيد)، بمعنى أنه يستهدف من يرى أعدائه في الداخل سواء مواطنين أو شرطة وجيش، بدلا من محاربة الدول الغربية، التي يرى أنها العدو الأول للإسلام.
وبنفس المنهجية العقائدية يستهدف الشيعة والحسينيات الشيعية في اليمن والعراق وسوريا، وكذلك الأقباط، لخلق حالة من "القبطوفوبيا"، بهدف زعزعة كتلة من المواطنين، وتأليبها على الوضع السياسي.
وتدخل عملية استهداف الصوفية ضمن المرحلة الاولى من "إدارة التوحش"، ومفهومها "الشوكة والنكاية"، وتعني تنفيذ عملية إرهابية بشكل منظم ضد فئات معينة، لها تأثير مجتمعي، بهدف الإرباك والتشتت وإحداث الفوضى، لتبيئة الأوضاع ومن ثم تنفيذ المزيد من العملية.
والمرحلة الثانية في "إدارة التوحش"، الكتاب الذي أصدره تنظيم القاعدة لأبوبكر ناجي، هي "إدارة التوحش"، ثم بعد ذلك المرحلة الثالثة وهي "إقامة الخلافة الإسلامية".
أما عن طريقة تنفيذ العملية، من قبل التنظيم، فإنه يعتمد على طريقة واحدة، يستخدمها في استهداف دور العبادة، في المناطق التي تتيح له التحرك صحراويًا، وتسمى بـ"الكمين والإغارة"، وتنفيذ من 3 مراحل. المرحلة الأولى، تستهدف المسجد بقنبلة ناسفة أو أحد الانتحاريين، والمرحلة الثانية انتظار استهداف المصابين بالأسلحة، والمرحلة الأخيرة تستهدف أي محاولة للإنقاذ من الصحة.