خلال السنوات الأخيرة دخل إلى الشارع المصرى بعض السلوكيات التى لم نعتدها، منها التحرش، والتطاول على الرموز، البلطجة، وأمور وصلت إلى إهانة الدولة المصرية، وطالبنا بأن تتم محاكمة كل من يقوم بهذه الأفعال حتى تعود مصر، كما كانت بلد العادات والتقاليد والسلوك السوى.
وطالبنا بأن يتم منع الأعمال الدرامية التى تتناول مثل هذه السلوكيات لأنها تصور المجتمع المصرى وكأنه غابة وليس هذا الأمر فقط بل إنها أصبحت وسيلة لتعليم النشء العنف والبلطجة والدموية، لكن مع مرور الوقت وجدنا أن سلوك نجومنا فى السينما والغناء والتوك شو، بدأ ينجرف نحو السلوكيات التى نطالب الشارع المصرى أن يقلع عنها.
فشاهدنا مقدمي برامج يتحدثون بلغة سوقية، لم نعتدها فى الإعلام المصرى، وأصبح الردح فى البرامج سلوكا عاما، وانتقل الفيروس إلى كل مقدمى البرامج بلا استثناء اللهم إلا شريف عامر ولبنى عسل، الباقى حدث ولا حرج، يومياً أصبحنا أمام وصلات من الردح والألفاظ التى يعاقب عليها القانون، ورغم ذلك أدرنا ظهورنا جميعاً وكأننا لا نسمع شيئاً، تركناهم يعلمون أولادنا كيفية الردح، وكيفية قلب الحقائق، وكيفية تحويل المتهم إلى برىء، والبرىء إلى متهم.. وبالتالى كان من الطبيعى أن نجد أطفالنا فى الشوارع وفى عربات المترو وباقى وسائل المواصلات وفى الفصول الدراسية ينتهجون نفس السلوكيات.
الآن الوزراء يحاكمون على الشاشات والوزير الآن لا حول له ولا قوة، خاصة إذا كان الإعلامى «عنده شوية حصانة» اكتسبها من ادعاء أنه قريب الصلة بالمسئول الفلانى أو أنه على علاقة جيدة برجل الأعمال صاحب القناة.
سلوك النجوم الذين هم فى الأساس من المفروض أنهم قدوة ومثل أعلى لا يختلف عن سلوك أصحاب برامج التوك شو، لأنهم فعلاً أصحاب برامج وليسوا مقدمى برامج، النجوم أصبحت سلوكياتهم شيئا بغيضا لم نعتده فى نجومنا المصريين عبر التاريخ.
موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب فى تاريخه لم ينادِ على أى شخص باسمه مجردا، دائماً تسبقه كلمة أستاذ فلان، أم كلثوم، عبدالحليم حافظ، رياض السنباطى، محمد فوزى، محمد الموجى، محمد القصبجى، وفى عصرنا الراهن من يتحدث مع عمر خيرت سوف يكتشف أنه يتعامل مع إنسان فى قمة الذوق والشياكة، لا ينادى على أى إنسان
باسمه مجردا، أيضاً لدينا الآن ياسر عبدالرحمن سلوكه مثل موسيقاه راقية، لدينا محمد منير، على الحجار، محمد الحلو، لدينا أسماء وأسماء.
لكن لدينا أيضاً نجوم أهانوا الوسط الفنى بتلك السلوكيات التى يظهرونها على الشاشات، معايرات وشتائم وفيديوهات فى أوضاع مخلة، وتراشق بالألفاظ على الشاشات من خلال برامج أعدت خصيصاً لهذا الغرض من أجل جذب المشاهد، وفى الحقيقة هى برامج لتعليم قلة الأدب، وكيفية الكذب والرياء والنفاق.
لم ينس أحد الحرب الكلامية بين فنان وفنانة، ووصل الأمر بينهما لحد رائحة القدم والكلام عن شعر الصدر، وحرب أخرى دارت بين نفس الفنانة ومطرب آخر أكثر شهرة ونجومية منها، شىء ليس مهينا لهم فقط، لكنه مهين للوسط الفنى المصرى وللبلد، وللأسف نجد بعض البرامج تتبنى وجهات نظر وتحاول غسيل الأيدى والألسن الملوثة بهدم القيم، وللأسف نجد بعض الأقلام تدافع عن هؤلاء بعناوين «لا تذبحوا فلانا أو فلانة لأنهم صوت مصر»، أبداً لم ولن يكونوا صوت مصر، والأولى بهذه الأقلام أن تتجه للتقويم حتى ينصلح حال هؤلاء النجوم.
الأزمة الحقيقية أن هناك قنوات يقال إنها تتبع بعض جهات الدولة، وهذه الجهات تنتج برامج لهذه النوعية من الفنانين إن جاز التعبير، وأطلقنا عليهم كلمة فنان، بل وتساندهم مادياً بإسناد بعض الحفلات لهم، واستضافتهم لساعات طويلة، فى الوقت الذى تركت فيه أسماء راقية على المستويين الفنى والأخلاقى، وأهملتهم لدرجة جعلت الكثيرين منا يتساءلون عن السبب، لماذا نخفى هؤلاء وندعم هؤلاء الخارجين على عاداتنا وتقاليدنا؟
هناك كلام آخر لا يصلح للنشر عن الخارجين لكننا لا نريد أن نصدم القارئ.
على الدولة المصرية إن أرادت أن تعيد السلوكيات المصرية التى تربينا عليها للشارع المصرى أن تعمل على الحد من ظهور نجوم بأعينهم حفاظاً على سمعة مصر إن أردتم أن تحافظوا عليها، أرى اليوم أن العيب ليس فى النجوم لكن فيمن يسمح لهم بالظهور، فالحريات ليست فى التطاول والتراشق بالألفاظ، الحرية مسئولية، واحترام. الشارع المصرى فى حاجة إلى إعادة انضباط، والبداية بتلك البرامج وهؤلاء النجوم، لا يغرك إعلامى يجمع تبرعات ويصرخ و«يتشنج» وكأنه سيموت من أجل تراب البلد، ولا يغرك نجم بجمال صوته، الجمال جمال القلب والأخلاق.