ما انتشر خبر تعرض مأمورية من قوات الشرطة لهجوم إرهابي بمنطقة الكيلو 135 بطريق الواحات، يوم 20 أكتوبر الماضي، أسرع النقيب محمود طارق للاتصال بزملائه للاطمئنان على المشاركين ليتلقى الصدمة الأولى باستشهاد 16 شرطيا. دقائق معدودة تلقى بعدها الضابط الشاب الصدمة الثانية باختفاء زميله النقيب محمد الحايس، معاون مباحث قسم ثان أكتوبر، وسط تداول أنباء عن اختطافه أو استشهاده دون العثور على جثمانه. أمسك الضابط في إدارة قوات الأمن بالجيزة بهاتفه، وبدل صورة حسابه الشخصي على موقع "فيسبوك" إلى صورة "الحايس" معلقًا: "محدش يقول حايس مات أكيد في حاجة غلط"، وأعقبها بساعات "وجعتوا قلبنا ياااااااارب أرنا عجائب قدرتك.. يارب أنت المنتقم الجبار". صباح اليوم التالي، توجه النقيب محمود إلى محل عمله حيث تأمين مقر السفارة الفرنسية القريبة من مقر مديرية أمن الجيزة، يتابع على مدار الساعة آخر تطورات حادث الواحات ويستعلم عن حالة المصابين وعن مصير "الحايس" ليكتب عبر صفحته "اللهم ارحم شهدائنا وألحقنا بهم يارب". رغم حالة الحزن التي ارتسمت معالمها على وجه خريج كلية الشرطة دفعة 2013، إلا أنه لم يقصر في مهام عمله، إذ به يشتبه في تحركات أحد الأشخاص بالقرب من مقر السفارة "كان واحد ماشي بشكل مش مظبوط"، يقول أحد الضباط المقربين من النقيب محمود طارق إنه أسرع لعبور الشارع للجهة المقابلة؛ لضبط ذلك الشخص وفحصه. "مكنش قافل الناحية التانية من الشارع" يشير صديقه إلى أن سيارة تسير بسرعة جنونية صدمت النقيب محمود طارق، ليتم نقله إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة. أثبتت الإشاعة إصابة الضابط -نجل اللواء دكتور طارق محمود عبد المطلب الجندي- بارتجاج بالمخ أفقدته الوعي طوال 3 أيام وسط دعاء أسرته وأصدقائه. بين مستشفى الشرطة وصحراء الواحات، انقسمت قلوب ضباط الشرطة، بين دعاء للمولى عز وجل بشفاء "محمود"، ورجاء بعودة النقيب محمد الحايس. صباح الثلاثاء الماضي -اليوم الرابع- عمت السعادة أرجاء المعمورة فرحًا بتحرير "الحايس" وعودته سالما، ونقله إلى مستشفى الجلال العسكري لإجراء عملية جراحية عاجلة، لكنها فرحة لم تدم طويلا حيث لفظ النقيب محمود طارق أنفاسه الأخيرة ظهر اليوم نفسه متأثرا بإصابته. في جنازة عسكرية مهيبة، شُيِعت جنازة النقيب محمود طارق بمسقط رأسه بمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، بعد أداء صلاة الجنازة بمسجد العناني بحضور الدكتور أحمد الشعراوي، محافظ الدقهلية، واللواء أيمن الملاح، مدير الأمن. بدأ "طارق" حياته الشرطية ضابطًا بمباحث بقسم شرطة العجوزة، ومنه إلى الطالبية وبولاق الدكرور -العام الماضي- ثم قسم أطفيح حتى نُقل إلى إدارة قوات أمن الجيزة، وكرمه اللواء هشام العراقي، مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة السابق، في 17 يناير الماضي لتميزه في العمل.