سارعت دول تدعم الغرهاب وصحف أجنبية موجهة إلى التشكيك في جدوي صفقات شراء مصر لطائرة "الرفال" بزعم أنها طائرة رديئة لم يشترها أحد، فهل هي كذلك؟وما السر وراء شرائها؟
في تقسيمه لأفضل 10 طائرات مقاتلة، يضع موقع military-today.com المتخصص في الشئون العسكرية، طائرة "داسو رافال"، الفرنسية في المرتبة الرابعة، والمفاجأة أن الموقع العسكري، صنفها في ترتيب متقدم يسبق كل من الـf15, f16الأمريكتي الصنع.
ووفقاً للموقع، فإن الطائرة "لوكهيد مارتن/ بوينج F-22 رابتور"، الأمريكية الصنع، تتصدر حاليا قائمة الطائرات المقاتلة الموجودة بالخدمة، تليها طائرة بوينج F / A-18E / F سوبر هورنيت، الأمريكية، ثم طائرة "يوروفايتر تايفون"، تصنيع الاتحاد الأوروبي، وبعدها الطائرة الفرنسية التي اشترتها مصر "داسو رافال"، التي تسبق مباشرة الطائرة الروسية "سوخوي سو 27"، التي احتلت المركز الخامس، متقدمة على الطائرة "دوغلاس F-15 النسر"،الأمريكية، والتي جاءت في المركز السادس، قبل "الميج 31" الروسية، ، في حين جاءت "F-16 فالكون" في المركز الثامن، والطائرة السويدية "جريبن JAS 39"، في المركز التاسع، متقدمة على الطائرة الصينية "تشنغدو J-10".
-مميزات الرافال
أما عن مميزات رافال، قال الموقع إنها مقاتلة متعددة المهام تمتلك أحدث أنظمة إلكترونيات الطيران الدقيقة ، ولها قدرة عالية على المناورة، ويمكنها تتبع 40 هدفاً، في نفس اللحظة، وإطلاق النار على أربعة أهداف في وقت واحد.
في عمليات البيع والمنافسة، ليست جودة المنتج هي الفيصل في الشراء، فهناك عدة عوامل أخرى، فالتسويق مثلاً ربما يجعل من السلعة الأسوأ الأكثر انتشارًا، وأيضًا يلعب عامل السعر دوراً مهمًا، كما تلعب عدة عوامل أخرى أدورا مهمة مثل حاجتي من السلعة التي سأشتريها، فمثلاً عندما أريد شراء سيارة، يسألك أي شخص تستفسر منه عن النوع الأفضل، عن نوعية احتياجاتك، لتحديد النوع الأفضل.
كل هذه العوامل تظل فعالة في عملية شراء الطيارات القتالية، ويضاف إليها أيضا عوامل أخرى، منها الضغوط التي تتعرض لها الدول من دولة مصنعة ذات نفوذ مثل أمريكا، وتقاطع وتشابك العلاقات الدولية، إضافة إلى استراتيجية التسليح، ونوعية أسلحة الدول العدو أو المرشحة للدخول في حروب معك.
-سر شركة "داسو للطيران"
ورغم ذلك يبقى سؤالا الهام، وهو لماذا قلص الجيش الفرنسي خطة الشراء السنوي من الشركة المصنعة "داسو للطيران"، من 11 طائرة سنويا إلى 4 طائرات فقط.
وبالتزامن مع هذه المعلومة توجد معلومة مهمة أخرى نشرها الموقع العسكري وهي أن طائرة "داسو رافال" تشكل خطوة هامة في القوة الجوية الفرنسية حتى فترة متقدمة من القرن الـ21، وهو ما يعني أن أغلب الطائرات الفرنسية هي من هذا النوع، ومن الطبيعي أن تبحث الجيوش عن تنويع مصادر أسلحتها، إضافة إلى وصول الجيوش لحالة من التشبع من نوعيات معينة من الأسلحة، خصوصًا وأن الجيش الفرنسي كان المستهلك الوحيد لهذا النوع من الطائرات.
-لغز "باب المندب"
إذا كانت الإجابات السابقة تنحاز لصالح الطائرة رافال، فإن هناك نوعية أخرى من الأسئلة، تعنى بموقف الطرف الآخر من الصفقة، وهي الحكومة المصرية، التي سارعت إلى إبرام الصفقة في 6 أشهر فقط، والآن خلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لفرنسا تم الاتفاق علي شراء 12 طائرة أخري على غير العادة، في مثل هذه الصفقات، فهل هناك ضرورة دفعتها إلى تعجيل هذه الخطوة؟
والإجابة نعم، فرغم أنه لا يوجد حربا حالية بين مصر وأي جيش نظامي، إلا أنه يبدو أن التطورات في اليمن وليبيا قد تضطر مصر للتدخل عسكريا، ففي ليبيا سيطر داعش على مدينة سرت، في حين تزايد نفوذ أنصار الشريعة، وهو ما يشكل تهديدا مباشرا ضد مصر، كما أن الحوثيين اتخذوا الخيار الأكثر خطرا في اليمن بالسيطرة بالقوة على الأمور، وهو ما قد يضطر مصر للتدخل لحماية مضيق باب المندب ودول الخليج أيضاً.
-البعد السياسي لشراء الطائرة
كما أن الصفقة لها بعد آخر، وضرورة سياسية، ففرنسا حليف أوروبي قوي في مواجهة حالة عدم وجود أمريكا، وهو ما اتضح في تصريحات وزير الدفاع الفرنسي القوية، ردًا على انتقاد باريس لبيعها الطائرات للقاهرة، وحديثه عن التطورات السياسية في مصر وقدوم الرئيس السيسي عبر انتخابات وبدء خطوات إجراء الانتخابات التشريعية، وكأن لسان حاله يقول ليس انقلابا لكنها شرعية شعبية واقعية.
كما أن فرنسا ستكون حليفاً قويًا في أي تحرك عسكري في ليبيا، نظرًا لخوفها على مصالحها وأمنها هي الأخرى.
لذا يبدو أن تسريع الصفقة كان أمرا مهما ليس فقط لتعزيز القدرات العسكرية لكن أيضا السياسية لتعزيز التعاون بين البلدين.
-مصر تقتنص الفرصة
البعض شكك في قيمة الصفقة، معتبرا أن مصر «ضحك عليها»، واشترت الطائرة بأعلى من ثمنها بملايين الدولارات، مشيرين إلى أن الهند كانت ستشتري الطائرة مقابل 175 مليون دولار، في حين اشترتها مصر بـ245 مليونا، إلا أنهم وقعوا في خطأ بسيط وهو أن الصفقة السابقة ليست فقط لشراء 24 طائرة مقابل 5.9 مليار دولار، لكنها تشمل أيضا فرقاطة متعددة المهام وصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى.
والأهم، كان التسهيل الفرنسي في تمويل الصفقة، حيث إن مصر حصلت حينها علي قرض بقيمة 15% من قيمة الصفقة، من بنوك فرنسية، لدفعها لصالح وزارة الدفاع الفرنسية، التي تتبعها شركة داسو للطيران المصنعة للطائرات رافال، فيما يتم الاتفاق بين الطرفين علي طريقة سداد باقي قيمة الصفقة.