في 2010، بينما كان الناس يتبادلون الحديث حول احتمالية ترشح جمال مبارك، الوريث الأقوى للرئيس آنذاك، محمد حسني مبارك، غرّد مجموعة من الشباب خارج السرب، وطبعوا استمارات معنونة «معاً سنغير»، طالبوا فيها بإنهاء حالة الطوارئ، وإجراء انتخابات رئاسية نزيهة.
كحجر ألقي في مياه راكدة، بات بيان «معاً سنغير» وسيلة للناشطين في الحياة السياسية للتعبير عن مطالبهم المختلفة منذ ثورة يناير 2011، آخرها الاستمارة التي أطلقها، قبل أيام، مؤيدو الرئيس عبدالفتاح السيسي «علشان تبنيها»، لدعمه لولاية رئاسية ثانية، فيما ينتظر البعض مصير الحملة على خطى ما آلت إليه حملات أخرى.
بيان البرادعي.. نعم نستطيع
جانب من الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها الجمعية الوطنية للتغيير أمام مجمع محاكم الإسكندرية 2010 - صورة أرشيفية
ي مطار القاهرة، قبل 6 أعوام، استقبل مئات الشباب، محمد مصطفى البرادعي، المصري القادم من الغرب، رافعين لافتات مكتوبا عليها «نعم نستطيع.. معا سنغير»، بينما يوزعون استمارات التغيير على القاصي والداني، من أقصى مصر إلى أقصاها، طارقين الأبواب في القرى والنجوع والمحافظات.
في رمز الرجل الذي يتلعثم أثناء نطقه العربية، شكل مجموعة من الرموز السياسية المعارضة في مصر، ما عُرف بـ«الجمعية الوطنية للتغيير»، وعقدوا مؤتمرات في عدة محافظات قبل أن تنضم إليهم جماعة الإخوان المسلمين وأتباعها، لتتوسع الجمعية ويتناقل العامة اسم محمد البرادعي.
7 مطالب كانت الأهم بين عدة أمور أخرى في استمارة التغيير، وقع عليها عشرات الآلاف من المواطنين، أكثرهم من فئة الشباب، تلخصت في إنهاء حالة الطوارئ، وتمكين القضاء من الرقابة على الانتخابات، مع إشراف منظمات المجتمع المدني المحلية والدوليةـ وتوفير فرص للمرشحين في وسائل الإعلام، إضافة إلى تمكين المصريين في الخارج من التصويت، وكفالة حق الترشح في الانتخابات دون قيود تعسفية، وقصر حق الترشح للرئاسة على فترتين، فضلاً عن إجراء الانتخابات عن طريق الرقم القومي.
نتيجة بحث الصور عن بيان التغيير معا سنغير
قبضة أمنية مشددة طالت أعضاء الجمعية والموقعين على الاستمارة، وجرى التضييق على مؤتمراتهم، فيما ظهر الرئيس صاحب، الـ82 عاماً آنذاك، ضاحكاً بين أقرانه وأتباعه وأعضاء حزبه، وقال بلغة لا تخل من تهكم: «خليهم يتسلوا».
هؤلاء الذي تركهم مبارك كي «يتسلوا» كانوا شرار ثورة قامت بعد أشهر قليلة من اللحظة التي وطأت فيها أقدام «البوب» مطار القاهرة، في الوقت الذي بدا تحقيق كافة مطالبهم التي تضمنها بيان التغيير أشبه بحلم كان من المحال تحقيقه.
بيان التغيير كان تفويضاً من الآلاف للبرادعي ولغيره ممن يجدون في أنفسهم ملاذا للمعارضين في مصر، انتهى بتنفيذ كل بنوده كاملاً، بل زاد عليها المجلس العسكري الحاكم للبلاد في 2011، قرارات أخرى، على رأسها تعطيل الدستور، غيّرت من شكل الحياة السياسية في مصر، وصبت في صالح الموقعين على البيان.
تمرد.. على خطى بيان التغيير
استمارة تمرد
الاستمارة التي وقع عليها عشرات الآلاف لتغيير رئيس ظل قابعاً 30 عاماً في السلطة، ظهرت على الساحة السياسية مجدداً للإطاحة برئيس لم يُكمل سوى عام في قصر الاتحادية.
من خلفية سياسية واحدة، تؤمن بتغيير المجتمع والمساواة بين أفراده، شكَّل محمود بدر، وحسن شاهين، ومحمد عبدالعزيز، واحدة من أشهر الحركات السياسية، داعين المصريين إلى «التمرد» على حكم الإخوان.
«علشان الأمن لسه مرجعش للشارع مش عايزينك، علشان حق الشهداء مجاش مش عايزينك، علشان تابع للأمريكان مش عايزينك، علشان لسه الفقير ملوش مكان مش عايزينك».. جزء من افتتاحية استمارة «تمرد» التي ساقت أسبابها إلى «الجمعية العمومية للشعب المصرى»، مطالبة إياه بالتوقيع على سحب الثقة من الرئيس آنذاك محمد مرسى، والمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، والتمسك بأهداف الثورة.
بعد إطلاق بيانها الأول في أبريل 2013، أحدثت الحملة صخبًا إعلاميًا واسعًا، بعد إعلانها جمع 200 ألف توقيع في الأسبوع الأول من تدشينها، وانضمت إليها شخصيات سياسية وفنية، ووقع على الاستمارة أكثر من 2 مليون مواطن، وفقًا لما أعلنه «بدر» في مؤتمر صحفي عقده بعد أسبوعين من البيان التأسيسي.
دعت الحملة الشعب إلى النزول في جميع ميادين مصر يوم 30 يونيو للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، بعد إعلان قادة «تمرد» جمع 22 مليون توقيع من جميع أنحاء الجمهورية.
عصر 30 يونيو، كانت الملايين تمتلئ عن بكرة أبيها. أنصار الجماعة في رابعة العدوية، والمعارضون في التحرير وأمام الاتحادية، رافعين استمارات التمرد، قبل 3 أيام من تنفيذ مطالبهم، وعزل أول رئيس مدني منتخب.
تجرد.. في مواجهة «تمرد»
أعضاء حملة ;تجرد ; تواصل جمع توقيعاتها لتأييد الرئيس محمد مرسي ودعم شرعيته، وذلك خلال مليونية ;لا للعنف ; التي دعت إليها بعض القوى الإسلامية، القاهرة، 21 يونيو 2013. - صورة أرشيفية
«تكفير، وتخوين، واحتساب عند الله»، توصيفات استخدمها «الإخوان» وحلفاؤهم للهجوم على حملة «تمرد» وقياداتها، مشككين في الأرقام التي أعلنها «بدر». ودشنت الجماعة الإسلامية، حليف الإخوان، ما عُرف بـ«تجرد»، رداً منهم على استمارات المعارضة.
إلى جانب محاربة «تمرد»، لم تستهدف الاستمارة شيئاً سوى جمع التوقيعات من أجل استكمال مرسي لـ«فترته الشرعية والدستورية»، لكن النهاية لم تكن ليتوقعها الموقعين والمؤسسين.
في المساجد والتجمعات الدينية والجامعات، وفي القرى، وزّع عدد من مؤيدي الإخوان والجماعات الإسلامية استمارة «التجرد»، قبل انتشارها في ميدان رابعة العدوية، حيث يعتصم مؤيدو مرسي، في الأيام الأخيرة من حكمه، يونيو 2013.
لم تجد نفعاً تلك الاستمارة، إذ ذاعت مكبرات الصوت في رابعة بيان قائد الجيش آنذاك، عبدالفتاح السيسي، الذي أعلن فيه انتصاره لـ«المتمردين»، لا «المتجردين».
كمل جميلك.. دعوة السيسي للترشح
حملة كمل جميلك - صورة أرشيفية
المشير عبدالفتاح السيسي، الذي أذاع بزيه العسكري بيان 3 يوليو، ودعا فيه إلى انتخابات رئاسية مبكرة، رأى مواطنون أنه عليه أن «يكمّل جميله».
بينما كان الرئيس المؤقت عدلي منصور، يحلف اليمين الدستورية أمام «الشعب القائد والمعلم»، عام 2013، بدأت حملة «كمل جميلك» العمل، وطبعت استمارات تحث قائد الجيش على الترشح في أول انتخابات رئاسية بعد 30 يونيو.
استهدفت الحملة جمع التوقيعات على 2 مليون، من أجل ما سموه «الضغط على السيسي للترشح للانتخابات الرئاسية»، لأنه «الرجل الذي انتفض لإرادة الشعب، وأحس بهمومه وانتصر لأحلامه».
للمرة الأخيرة، وقف المشير في مارس 2014، بزيه العسكري، معلناً «استجابته للمواطنين»، والاستقالة من منصبه العسكري، وترشحه للانتخابات الرئاسية.
«علشان تبنيها»
نتيجة بحث الصور عن علشان تبنيها
مع اقتراب نهاية الولاية الأولى للرئيس السيسي، عاودت الاستمارات الظهور من جديد، لمطالبته بالترشح مرة أخرى، مع تأسيس حملة «علشان تبنيها»، التي تضم عدد من رجال الأعمال والسياسيين ونواب البرلمان.
«الرئيس السيسى بذل جهودا دؤوبة وحقق إنجازات غير مسبوقة لتحقيق آمال الشعب، خاصة في التصدى للإرهاب وإعادة الاستقرار رغم الظروف والأزمات الداخلية والإقليمية والدولية الصعبة التي أحاطت بمصر»، تلك أسباب ساقها مؤسسو الحملة لإقناع الموقعين بتأييد الرئيس في فترته الثانية.
إلى جانب تلك الحملة، ظهرت أخرى منها «كمل يا سيسي» لجمع 30 مليون استمارة لـ«الضغط على الرئيس للترشح»، و«مواطن يدعم رئيس»، و«صوتي للسيسي تاني»، بينما ينتظر الشارع عام 2018، لمعرفة ما ستؤول إليه الأحداث السياسية في مصر.