في خطوة تشير إلى بدء تحسن أوضاع السيولة لديها، وصرحت مصادر أن البنوك المصرية لا سيما الرئيسية منها، بدأت في مخالفة دورة تسعير الفائدة العالية التي كانت تمنحها على الودائع خلال العامين الماضين، وذلك من خلال تبني معدلات فائدة أقل سعر بمعدل يتجاوز 1 في المئة في بعض البنوك.
وفي هذا الخصوص أفادت المصادر بأن بنوك مصرية كبرى تتجه إلى إقرار خفض في أسعار الفائدة على الودائع خلال الأيام القليلة المقبلة، وبالتبعية على عوائد القروض.
ويأتي ذلك بعد أن قرر البنك المركزي المصري، إعادة نسبة الاحتياطي الإلزامي المقررة على البنوك، إلى معدلاتها السابقة عند 14 في المئة بدلاً من 10 في المئة حالياً.
وفي السياق ذاته، ذكر مصدر مسؤول في البنك الأهلي المصري ، أن الفترة القليلة المقبلة ستشهد خفض أسعار الفائدة، وذلك بعد زيادة نسبة الاحتياطي الإلزامي إلى 14 في المئة، حيث سيرفع ذلك من تكلفة الأموال.
وأضاف أنه مع بدء معدلات التضخم في الهبوط، تتجه البنوك إلى خفض معدلات الفائدة أيضاً على الودائع والقروض، وهو العامل الثاني بعد زيادة الاحتياطي الإلزامي الذي يؤكد انخفاض معدلات الفائدة.
وأشار إلى أن معدلات التخفيض ستكون على الودائع بنسب تتراوح بين 0.5 إلى 0.57 في المئة، بينما الشهادات من المتوقع أن يتم إلغاء إصدار شهادات الإدخار ذات العائد 20 في المئة، مع بقاء الفائدة على المصدرة من قبل، مع استمرار معدلات التضخم في الهبوط.
على صعيد متصل، ذكر مصدر مسؤول في بنك مصر، أن مجلس إدارة البنك سينعقد خلال الأسبوع المقبل، لبحث خفض معدلات الفائدة على الودائع، وأن الخفض سيشمل كافة الودائع بالجنيه، باستثناء الشهادات، وذلك بنسبة تصل إلى 0.75 نقطة مئوية، وذلك فى إطار ضبط تكلفة الأموال المرجح أن ترتفع عقب تطبيق نسبة الاحتياطي الإلزامي الجديدة.
وقال رئيس قطاع الخزانة في بنك التعمير والإسكان، أحمد الخولي، إن المصرف يدرس خفض الفائدة على ودائع الشركات، بعد قرار رفع الاحتياطي الإلزامى على ودائع البنوك، موضحاً أن الخفض لن يطول ودائع الأفراد، وأن ودائع الشركات هي الأكبر من مدخرات الأفراد.
وأضافت مصادر مصرفية، إن قطاع الخزانة بالبنك المصري لتنمية الصادارت، يراقب تحركات أسعار الفائدة في السوق، بعد قرار «الإلزامى»، وبناء على هذه التحركات سيتم اتخاذ قرار في شأن سعر الفائدة على الأوعية الادخارية.
ويرى الخبير الاقتصادي والمصرفي، هاني توفيق، أن رفع «الإلزامي» يعني أن البنوك مضطرة لأن تضع ودائع أكثر لدى البنك المركزي وبدون فوائد، وهذا يعني أن تكلفة الأموال لدى هذه البنوك سترتفع.
وأوضح ، أن هذا يعني إما أن ترفع البنوك سعر الفائدة على المقترضين لتعويض هذه التكلفة، وهذا مستحيل لأن الفوائد مرتفعة أصلاً، أو تخفيض سعر الفائدة على الودائع والشهادات، وهو الاحتمال الأرجح.
وأكد توفيق، أن السوق المصرفية المصرية على موعد مع موجة جديدة من خفض تدريجي لأسعار الفائدة على الودائع، لاسيما وأن التضخم سيبدأ في الانخفاض بشكل ملحوظ اعتباراً من شهر نوفمبر المقبل.
وأشار الخبير الاقتصادي الدكتور طه عبد الرحمن، إلى أن خطوة خفض الفائدة على الودائع وبالتالى على القروض في البنوك المصرية، جيدة، وتصب في المصلحة العامة للدولة، فمنذ 2011 كانت البنوك تتعرض لضغوط كبيرة بسبب سحب السيولة المالية، فكان الاحتياطي الإلزامي للبنوك 14 في المئة، وأن البنك المركزي واجه هذا الضغط بأنه قلل الاحتياطي الإلزامي إلى 10 في المئة، وأنه عندما استقرت الأوضاع والنظام الاقتصادي أصبح أكثر قوة، ووقف القطاع المصرفي على قدمه، واستقر سعر الدولار وأصبح لدينا دولارات عاد الاحتياطي الإلزامي مرة ثانية لـ14 في المئة.
وبين، أن هذا الأمر كان من الممكن أن يواجه بأمرين، الأول أن ترفع البنوك أسعار الفوائد، أو أن تخفضها، إذ إن القرار يعني أن 4 في المئة من ودائع العملاء، ستذهب إلى البنك المركزي، والحل هو إما رفع فائدة القروض، أو تقليل الفوائد على الوديعة، وهو ما حدث. وّكر ان هذا يدل على أنه تم اختيار الشكل الأحسن، وفائدة هذا الاختيار، هو أن الأموال السائلة «الكاش» التي سوف يصرفها المواطنون ستقل، والبنك يصبح غير ملزم بالدفع، وبالتالي لن يخسر شيئا من فكرة الـ 4 في المئة، في حين أنه لو كان رفع الفائدة، ستواجه البنوك أزمة في الاستثمار، وهو ما لم يحدث، مما يعني أن خطوة «المركزي» تنم عن قوة الاقتصاد المصري واستقرار الاوضاع والنظام المصرفي.
ولفت، إلى أن خطوة «خفض الفائدة» الخاصة بالبنوك دليل على وعيها لضرورة استمرار انتعاش قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، واستمرار المعاملة بشكل عام، وهو ما يؤدي لتفكير الافراد في سحب الأموال، وبدء ضخها في السوق في شكل مشروعات صغيرة ومتوسطة، وذلك لأن العائد وقتها سيكون أكبر من البنك، ويبدأون في ضخها بشكل عقارات أو سلع استهلاكية..
من جهة أخرى، نوه مسؤول في «المركزي»، إلى أنه بعد عام، من تعويم الجنيه، رفع البنك خلاله أسعار الفائدة تدريجياً بحوالى 700 نقطة 7 في المئة حتى الآن، وهو الاتجاه الذى يبدو أنه قارب على السير في الناحية المعاكسة، والبدء فى التخفيض التدريجي لسعر الفائدة في اجتماع لجنة السياسات النقدية في ديسمبر المقبل.
وأشار إلى أن هذا يدل عليه شيئان، أولهما قرار البنك المركزي في شأن «الإلزامي» ليعود على نفس مستوياته خلال الفترة من عام 2001 وحتى ثورة يناير، وثانيهما انخفاض معدل التضخم الشهرى بنسبة 1 في المئة خلال سبتمبر مقارنة بشهر أغسطس الماضى، إذ بلغ معدل التضخم السنوى خلال سبتمبر 32.9 في المئة، فى حين كان هذا المعدل 33.2 في المئة فى أغسطس الماضى.