وافق البرلمان بصورة نهائية علي تعديلات قانون هيئة الرقابة الادارية, وكان حماس اعضاء مجلس النواب للموافقة علي القانون واضحا, فالكل يدعم هذه الهيئة لمكافحة الفساد تنفيذا للدستور, وتلبية لرغبة الرأي العام, وتحقيقا للإرادة السياسية في مجابهة الفسادالمستشري بين أروقة الجهاز الاداري للدولة, وقد أعطي القانون الجديد صلاحيات واسعة أبرزها تحقيق الاستقلال المالي والاداري والفني للهيئة, لاطلاق يدها في مواجهة الفساد.
إن تعديل القانون رقم-54 لسنة1964- الخاص بهيئة الرقابة الادارية والذي مر علي صدوره أكثر من53 عاما,
يبرزدورهيئة الرقابة الإدارية كأداة مهمة لمكافحة الفساد, وإعادة هيكلة جهاز الدولة برمته علي نحو يجعله أكثر شفافية, وأكثر قابلية للمساءلة والمحاسبة أمام المواطن المصري الذي يعد مصدرا للسلطة الحاكمة وفقا للدستورهكذا يقول الدكتور محمد رضا النمر أستاذ القانون الدستوري مشيرا الي تحمل اعضاء هيئة الرقابة الادارية طوال الفترة الماضية أعباء كثيرة.
الدستور ومكافحة الفساد
ينص دستور مصر-2014 في المادة-218- علي ان تلتزم الدولة بمكافحة الفساد, وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مواجهة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية, ضمانا لحسن اداء الوظيفة العامة, ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية.
وتنص المادة-215- من نفس الدستور علي يحدد القانون الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية, وتتمتع تلك الهيئات والأجهزة بالشخصيةالاعتبارية,والاستقلال الفني والمالي والإداري, ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين, واللوائح المتعلقة بمجال عملها. وتعد من تلك الهيئات والأجهزة البنك المركزي والهيئة العامة للرقابة المالية, والجهاز المركزي للمحاسبات, وهيئة الرقابة الإدارية.
وقد جاءت التعديلات الجديده مطابقة للدستور, فاضفت صفة الاستقلال لاول مرة علي هيئة الرقابة الادارية, فقد منح مشروع القانون للرقابة الادارية ولاول مرة منذ عام1964 الشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري, علي أن يكون تعيين رئيس الهيئة بقرار من رئيس الجمهورية, بعد موافقة مجلس النواب, لمدة ولاية مدتها أربع سنوات قابلة للتجديد, فقد نص القانون في المادة-1- علي ان هيئة الرقابة الإدارية هيئة رقابيه مستقلة تتبع رئيس الجمهورية ووتكون لها الشخصية الاعتبارية, وتتمتع بالاستقلال الفني والمالي والإداري وتهدف الهيئة إلي منع الفساد ومكافحته بكل صوره, واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للوقاية منه, ضمانا لحسن أداء الوظيفة العامة, وحفاظا علي المال العام, وغيره من الأموال المملوكة للدولةس.
اختصاصات الرقابة الادارية
واوردت التعديلات في القانون اختصاصها بالكشف عن المخالفات المالية والإدارية, وكشف وضبط الجرائم الجنائية التي يرتكبها أو يسهم فيها الموظفون العموميون ومن في حكمهم من المدنيين, والتي تقع بمناسبة تأديتهم أعمال وظائفهم أو بسببها, وكذلك الجرائم التي تنص علي سلامة أداءالوظيفةأو الخدمات العامة, مهما كان شخص مرتكبها من المدنيين, كما تختص بالمشاركة مع غيرها من الأجهزة المعنية, لكشف وضبط جرائم الكسب غير المشروع,والمنصوص عليها بالقانون رقم-62 لسنة75-, وكذلك جرائم غسل الأموال المنصوص عليها بقانون رقم-80 لسنة2002 وتعديلاته,أيا كان شخص مرتكبها من المدنيين.
وقد نصت المادة2 فقرة- ح- علي اختصاص الهيئة بنشر قيم النزاهة والشفافية والعمل علي التوعية المجتمعية بمخاطر الفساد ومكافحته, ووضع التوصيات اللازمة لتلافي أي نتائج سلبية, أسفرت عنها تلك المؤشرات ومتابعة تنفيذها بصورة دورية, وتقييم أداء المسئولين عن تنفيذها,واستحدث مشروع القانون بعض المواد الجديدة,أبرزها جعل الهيئة مكونة من عدة أجهزة, لمكافحة الفساد والعمل علي منعه, وإضافة اختصاصات جديدة للهيئة تتعلق بكشف وضبط الجرائم التي تستهدف الحصول علي ربح أو منفعة باستغلال المنصب أو الوظيفة, والجرائم المتعلقة بتنظيم عمليات النقد الأجنبي.
الاكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد
كما أنشأ مشروع القانون ولاول مرة بنص المادة-55- مكرر مركزا متخصصا بالهيئة يسمي الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد, بهدف إعداد وتدريب أعضاء الهيئة وغيرهم, والتعاون مع الهيئات والأجهزة المتخصصة في مكافحة الفساد بالدول الأخري, من خلال تنظيم دورات تدريبية ومؤتمرات وندوات وحلقات نقاش, ونشر قيم النزاهة والشفافية, وتبادل الخبرات, وإيفاد البعثات الدارسية والتدريبية, ومنح درجتي الدبلوم والماجستير في مجالات نظم مكافحة الفساد, طبقا للأوضاع المقررة قانونا, وذلك بالتنسيق مع المجلس الأعلي للجامعات, لاعتماد الدرجات العلمية الممنوحة.وقد اعطي لها القانون بمقتضي المادة-8- سلطة اجراء التحريات بنفسها
ونصت علي انه يجوز لهيئة الرقابة الإدارية كلما رأت مقتضي لذلك أن تجري التحريات فيما يتعلق بالجهات المدنية, وإذا أسفرت التحريات عن أمور تستوجب التحقيق أحيلت الأوراق علي النيابة الإدارية أو النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة, بحسب الأحوال بإذن من رئيس الهيئة أو نائبه, وتقوم النيابة الإدارية أو النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة بإفادة الهيئة بما انتهي إليه التحقيق.
بهذه التعديلات الواردة بالقانون, والتي نصت صراحة علي أن الرقابة الإدارية هيئة مستقلة تتبع رئاسة الجمهورية, تزيل أي عقبات تواجهها الهيئة خلال عملها, وتكسبها الاستقلالية.