إذا كنت نائبا وحصلت على تأشيرة حج مجانية، فى إطار خدمة يوفرها مجلس النواب لأعضائه، ولم تكن تنتوى السفر لأداء مناسك الحج، فماذا ستفعل؟ ربما يجيب البعض بأنهم سيمنحون التأشيرة لأحد الأقارب، أو أحد أبناء الدائرة، أو لجمعيات أهلية ومؤسسات اجتماعية، وبالفعل اتجه كثيرون من النواب لهذا الاتجاه، منهم من سافر ومنهم من أهدى تأشيرته لآخرين، ولكن ماذا لو عرفت أن فريقا من النواب لم يسافر ولم يُهد تأشيرته "المجانية"، وإنما قرر بيعها والتعامل معها كفرصة للتجارة والربح؟

توتر كبير تشهده دوائر النواب بعد أيام من انتهاء موسم الحج، فما إن كُشف عن بيع عدد من أعضاء مجلس النواب تأشيرات الحج التى حصلوا عليها مجانا، ومطالبة آخرين بفتح تحقيق موسع فى الأمر، ثار عدد من كبير من الأعضاء داخل "جروب واتساب" الخاص بالمجلس، مطالبين بالكشف عن حقيقة الأمر وأسماء النواب المتورطين فى الأمر، ومعاقبتهم بحجة أنهم يسيئون للمجلس ويشوهون سمعته.

يأتى هذا الموقف فى الوقت الذى كشف فيه عماد الدين حسين، مالك إحدى شركات السياحة، عن أن بعض النواب باعوا تأشيراتهم بحوالى 50 ألف جنيه للتأشيرة الواحدة، ووصل الأمر إلى أن بعضهم باعوها لمواطنين من محافظات غير محافظاتهم، وقفز السعر فى بعض الحالات إلى 95 ألف جنيه للتأشيرة، فى حين أن تكلفة برنامج الحج كله لا تتعدى 60 ألف جنيه، مؤكدا أنه يثق فى مؤسسات الدولة، وعلى رأسها مجلس النواب، إلا أن البعض أساء للمجلس من خلال بيع التأشيرات للمواطنين وشركات السياحة مقابل أسعار تتراوح بين 50 ألف جنيه و95 ألفا.

نقاش حاد على جروب "واتساب".. ونواب: دى خيانة أمانة وحاجة تكسف

عقب الكشف عن الواقعة، شهد الجروب الرسمى لأعضاء مجلس النواب عبر تطبيق "واتساب" حالة من الجدل والنقاش الساخن، على خلفية ما يتردد عن بيع من النواب للتأشيرات الممنوحة لهم، للمواطنين وشركات السياحة، بأسعار بين 50  و95 ألف جنيه.

صور للمناقشات الساخنة التى شهدها "الجروب" بين النواب، إذ قال النائب عاطف عبد الجواد فى رسالة له: "والله حاجة تكسف، أين النخوة والكرامة والذمم؟ إلهذا الحد ضاعت المبادئ والقيم؟ ربنا معاك يا سيسى، لازم نعلن الحقيقة كاملة، إما إننا نواب نراقب الفساد ونفضحه مهما كلفنا، أو أن بيننا فعلا من لا يصلح لهذه المهمة الوطنية القتالية الشريفة، ويتم استقصاله من مجلسنا الموقر فورا حفاظا على مصر ومجلس نواب مصر المحترمين".

 

رسائل النواب على جروب واتساب حول تأشيرات الحج

متحدث دعم مصر: الموضوع مكانه النقاش بالمجلس.. والجندى: الموضوع على كل لسان

فى إطار الردود المتوالية من النواب عبر "الجروب"، كتب النائب صلاح حسب الله، المتحدث الرسمى باسم ائتلاف دعم مصر "الأغلبية البرلمانية": "حضرات النواب، أعتقد أن مثل هذا الموضوع مكانه النقاش والتحقق داخل المجلس، وليس على جروبات الواتس، حفاظا على صورة المجلس وجموع أعضائه.. خالص شكرى وتقديرى".

عقب رد "حسب الله"، تدخل النائب مصطفى الجندى قائلا: "المسألة أصبحت فى وسائل الإعلام، وأهم حاجة الآن يا دكتور سرعة التحقيق وإعلان نتائج التحقيق، وفى رأيى أن ذلك خيانة أمانة، وعقابه لازم يكون على قدر الجرم، يعنى بيدى لا بيد عمرو، الإعلام"، ليرد المتحدث باسم ائتلاف دعم مصر مرة أخرى: "داخل المجلس يا مصطفى بيه، هذا هو المنطقى، وخالص تحياتى".

 

ردود صلاح حسب الله ومصطفى الجندى

عاد النائب مصطفى الجندى للتعليق على رد "حسب الله"، قائلا: "وبعدين إعلان بسيط للحجاج، على الحاج الذى سافر بفيزا مجلس الشعب التوجه للمجلس لاسترداد ثمن الفيزا، وطبعا الحجاج هتيجى وشركات السياحة كمان، والموضوع أنا لا أختلف معاك خاص بالمجلس، والعقاب من المجلس، بس والله صدقنى الموضوع بقى على كل لسان".

تدخل صلاح حسب الله مجددا للرد: "أعتقد أن أستاذنا الدكتور على عبد العال، رئيس المجلس، وهيئة المكتب، سيفعلون ما يلزم فى هذا الأمر، فلنترك الأمر لهم وفقا لاختصاصهم اللائحى، ونتوقف عن زيادة الأسهم الموجهة ضد المجلس من خلال نقاشنا فى غير المقام المناسب"، فرد مصطفى الجندى: "خير إن شاء الله يا سيادة النائب".

 

ردود المتحدث باسم دعم مصر والنائب مصطفى الجندى

حالة الجدل المشتعلة لم تتوقف على الردود السابقة، تدخل النائب هشام والى مؤمن، عضو المجلس عن محافظة الفيوم، قائلا: "معقولة وإحنا فى وسط الأعمال الإرهابية واستشهاد أبطالنا الشرفاء، الأبطال من رجال الشرطة والجيش، يطلع شوية نواب يعملوا كده ويبيعوا التأشيرات ويهينوا المجلس الموقر وباقى النواب المحترمين؟ يا خساره!! لو طلع الاتهام ده صح يبقى الشعب له حق فى عدم الثقة فينا".

 

تعليق النائب هشام والى عضو المجلس عن الفيوم

بكرى: صاحب شركة سياحة اشترى 90 تأشيرة من النواب.. وأطالب بفتح تحقيق

على الجانب الآخر، أحدثت الأزمة حالة من الصخب فى أوساط النواب، ودفعت البعض للتحرك بعيدا عن النقاش والاشتباك عبر "جروب واتساب"، إذ تقدم النائب مصطفى بكرى بطلب للدكتور على عبد العال رئيس المجلس، حول المعلومات المترددة على ألسنة بعض أصحاب شركات السياحة التى حصلت على تأشيرات مخصصة لأعضاء مجلس النواب، وبيع بعض التأشيرات بـ50 ألف جنيه للتأشيرة الواحدة.

وقال "بكرى" فى طلبه، إن هناك خطورة فيما يتردد فى هذا الشأن، وما يمكن أن يلحق بأعضاء المجلس من إساءة لسمعتهم، خاصة أن واحدا ممن أثاروا الأمر، اسمه عماد الدين حسين شعبان، صاحب شركة سياحة، تحدث معه وطلب ضرورة فتح تحقيق عاجل فى المجلس، واستدعائه للإدلاء بأقواله وتقديم الأدلة الكاملة التى تثبت تورط بعض النواب، مؤكدا أنه اشترى 90 تأشيرة من بعض النواب مقابل مبالغ مالية كبيرة.

وتابع النائب مصطفى بكرى طلبه بالقول: "نظرا لخطورة هذه المعلومات وما تعكسه على سمعة البرلمان، باعتبارها صورة من أخطر صور الفساد، وتمس صورة البرلمان وسمعة أعضائه المنوط بهم التشريع والرقابة، أطالب رئيس البرلمان بسرعة فتح تحقيق عاجل للحفاظ على صورة المجلس وسمعة أعضائه".