وفقا للإحصاءات والبيانات الرسمية، فى مستهل العام الجارى، فإن حالة طلاق واحدة تحدث كل 4 دقائق، ومجمل الحالات على مستوى اليوم الواحد تتجاوز 250 حالة، لا تزيد مدة الزواج فى بعض الحالات أكثر من عدة ساعات بعد عقد القران، إذ تشهد محاكم الأسرة طوابير طويلة من السيدات المتزوجات والراغبات فى اتخاذ القرار الصعب فى حياتهن، بلجوئهن إلى المحكمة المتخصصة فى الأحوال الشخصية.
تلك الزيادة التى تهدد مئات الألوف من الأسر والزيجات فى مصر، رصدتها الأمم المتحدة فى إحصاءات أكدت فيها أن نسب الطلاق ارتفعت فى مصر من 7 % إلى 40 % خلال نصف القرن الماضى، ليصل إجمالى المطلقات فى مصر إلى 4 ملايين مطلقة، فى مقابل 9 ملايين طفل من أبناء الأزواج المطلقة، والرقم مرشح للزيادة، وتتصدر مصر المرتبة الأولى عالميا كأكثر بلدان العالم فى الطلاق.
ومن خلال تقارير محاكم الأسرة الرسمية نتعرف عن أسباب هروب الأزواج والزوجات من عش الزوجية.
التكنولوجيا الحديثة
أبرز الأسباب وفق التقارير والإحصاءات حول أسباب الخلع والطلاق، ما خلفته عوامل التطور التكنولوجى ليتسبب فى حدوث خلل جسيم فى العلاقات الزوجية، إذ كشفت معاناة الزوجات مع طلاق وسائل الاتصال الحديثة من الهاتف لـsms والفيس بوك حتى وصلت للواتس آب لتطالب نسبة 25% منهن إثبات طلاقها عبر تلك الوسائل.
وتحكى الزوحة"عبير.ك" البالغة من العمر36 عاما، بكلمات صادمة عن حياتها الزوجية التى وصفتها بـ"الفاشلة" وهى تستند على سلالم محكمة الأسرة بزنانيرى قائلة:" منذ 3 سنوات كان زفافى الذى ظننته أسعد يوم فى حياتى، ولكن اتضح العكس تماما بعد مرور شهرين تركت منزل زوجى بسبب جنونه وإلقائه يمين الطلاق دون حساب".
وتابعت:" حاول الأهل خلال خلافنا التدخل للصلح ولكنه صرح لهم قائلا: "خليها زى البيت الوقف قاعدة فى بيت أهلها" ، وتطورت المشاكل لتصل لقيامه بالاتصال بى هاتفيا وتطليقى وبعدها رفض أن يثبته أو يراجعه وذهب وتزوج وتركنى أنا دون وثيقة تثبت موقفى الحالى، وعندما ذهبت لمحكمة الأسرة حتى أجد حلا، حلف كذبا أنه لم يحدث، فرفض دعوى وأقمت دعوى خلع حملت رقم 4569 لسنة2017 .
الحموات وإشعال فتيل الخلافات الزوجية
ولا تمثل تلك الظاهرة السبب الوحيد لتزايد حالات الطلاق فى مصر، لتشمل أهل الزوج إذ أكدت الدراسات أن نحو 90 % من الزوجات المطلقات، تم تطليقهن بسبب أهل الزوج أو بالأحرى بسبب تدخل الحموات الفاتنات وإشعال فتيل الخلافات الزوجية.
ومن خلال دفاتر محاكم الأسرة رصدنا بعض القضايا التى تظهر معاناة الزوجات والأزواج لتدخل الأهل فى الحياة الزوجية،لتتحدث "سلمى.عبد المنعم" الزوجة صاحبة الـ34 عاما أمام محكمة الأسرة وتشتكى من عنف أم زوجها قائلة:"مكثت 3 سنوات مع زوجى كنت مجرد قطعة أثاث لا رأى لى فى حياتى ومنزلى، لدرجة دفعتنى للتفكير فى الانتحار بسبب تحكمات حماتى ومنعى من زيارة أهلى".
وأكملت فى دعوى الخلع التى حملت رقم 7466 لسنة 2017 أمام أسرة الهرم:"خرجت من منزلى دون أن أخذ حتى ملابسى بعد أن ضربتنى بصحبة بناتها وأخذوا ابنى بالقوة وحرمونى منه".
الزواج السريع
وفى الإطار نفسه، تشير الدراسات إلى أن الزواج السريع أحد أسباب الطلاق فى السنة الأولى من الزواج، والتى تعد أصعب السنوات فى علاقة الزوجين، ليكشف تقرير مكاتب تسوية المنازعات الأسرية عن لجوء 7500 "زوجة من حديثى الزواج" والتى أظهرت ارتفاع نسب الطلاق بينهن، وتنوعت أسبابها بين، إخفاء بعض الأزواج أمراضا مزمنة عن زوجاتهم، وآخرون يكذبون ويحتالون فيما يتعلق بعملهم وأهلهم، والبعض يهرب من تحمل المسئولية الأسرية، وبعض الزوجات وفقا للأزواج ليست على مستوى من النضج وغير قادرات على تحمل مسؤولية الزواج".
وهنا تقول الزوجة "ن.م" صاحبة الـ 22 عاما أمام محكمة الأسرة بأكتوبر بطلبها للتفريق بينها وزوجها أمام مكتب تسوية المنازعات، "اكتشفت بعد الزواج خيانته لى وعندما صارحت أهلى طلبوا منى التمهل ومحاولة تغييره، ولكنى لم أفلح فى ذلك وحملت بعدها بشهور قليلة، ووقتها لم أستطع تقبل رجوعه لى من أحضان آخريات فتركت له المنزل وتوجهت للمحكمة".
هروب الحب
فيما كشفت إحدى الدراسات أن 22,5 % من المطلقين والمطلقات، أكدوا عدم استمرار الحب بينهما لأكثر من سنة، فيما أكد نحو 15 % أن علاقة الحب بينهما، لم يكتب لها الدوام لأكثر من ثلاثة شهور.
لتحكى الزوجة صفاء بيومى صاحبة الـ28 عاما أمام محكمة الأسرة بزنانيرى فى طلبها للخلع بعد فشل زواجها الناتج عن قصة حب استمرت 4 سنوات، قائلة:" بعد انقضاء شهر العسل ذهب الحب ولم يعد وأصبحنا على الخلاف حتى وصل لدرجة مد يديه علىّ وضاعت الكلمات المعسولة والقصص الرومانسية.
الخلافات المادية
واحتلت الخلافات المادية نصيب الأسد من الخلافات الزوجية وخاصة استغلال الأزواج للزوجات وإجبارهن على الإنفاق فى 2017 وسلبهن رواتبهم بالكامل بـ55%.
إحدى الحالات تؤكد معاناة السيدات بسبب الخلافات المادية والإجبار على التكفل بأزواجهن كانت أمام محكمة الأسرة بزنانيرى فى دعوى الطلاق للضرر رقم 8356 لسنة 2017 ، إذ روت السيدة "سمية.ح" عن مأساة متجددة شهريا معها طوال 7 سنوات بمنزل الزوجية بسبب الخلافات المادية بينها وزوجها العاطل عن العمل الذى لازم المنزل وترك عليها ديون بلغت 5 آلاف جنيه بفضل استدانتها للإنفاق عليه.
وأكدت الزوجة المعنفة والتى حررت محضرا رسميا أمام قسم شرطة روض الفرج اتهمت زوجها بتعنيفها وتعرضها للابتزاز المادى على يديه مقابل السماح لها بالعمل مرددا كلمته الشهيرة:"يا تصرفى على يا مفيش شغل".
العجز الجنسى
فيما أكد رصد جديد داخل أروقة محكمة الأسرة بإمبابة وفق عينات عشوائية أن 55% من الزوجات التى لجأن للطلاق والخلع، اشتكين من تقصير أزواجهن فى أداء مهامهم الزوجية، بسبب يرجع لمداومة تعاطى العقاقير المنشطة والمواد المخدرة مما سبب لهم آثار جانبية على المدى الطويل.
وعن بعض القضايا التى رصدت معاناة الزوجات مع العنف الجنسى أكدت السيدة "نهى.م" فى دعوى الطلاق للضرر التى أقامتها أمام محكمة الأسرة بإمبابة "دائرة العجوزة" أن زوجها خلال فترة زواجهما 10 شهور كان يعانى من مشاكل طبية منعته من أداء العلاقة الزوجية.
وأكدت الزوجة أنها حين نصحته بالخضوع للعلاج رفض وبدأ التعدى عليها ضربا إلى أن انهار جسدها وجعلها توقع تنازلا عن كل منقولاتها وطردها من المنزل.